منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط
. الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة 933339 .
بقلوب ملؤها المحبة


وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لكِ أهلا وسهلا
اهلا بكِ بقلوبنا قبل حروفنا
بكل سعادة وبكل عزة
منتديات عائلة تابلاط

منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط
. الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة 933339 .
بقلوب ملؤها المحبة


وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لكِ أهلا وسهلا
اهلا بكِ بقلوبنا قبل حروفنا
بكل سعادة وبكل عزة
منتديات عائلة تابلاط

منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عائلــ الاخلاق الصدق الصبر العدل العفو الرفق التعاون الحلم الامانة الاخوة العمل الامل المشورة التواضع ــة تابــلاط
 
الرئيسيةعائلة تابلاطأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بوخالفة عبد الحفيظ

avatar


الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة Hh7.net_13102023561
وسام : وسام العضو
منتديات عائلة تابلاط : توقيع المنتدى

الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة Empty
مُساهمةموضوع: الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة   الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة Clockالخميس 23 ديسمبر 2010 - 15:40

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين وبعد
فإنَّ أجلَّ وأعظمَ ما جاءَ بهِ الإسلام وبيَّنهُ رسولُ الأنام بأكملِ بيانٍ هو توحيدُ الله عزَّ وجلَّ في العبادة الذي أرسلَ اللهُ الرسلَ وأنزل الكتُبَ وشرَّع الشَّرائع لبيانِه والعملِ به، فهو أولُ وغايةُ دعوةِ المرسلينَ، وهو حق الله على عباده، وبامتثاله يحصُل الأمنُ والاهتداءُ ،و تُقبلُ الأعمالُ وتوزنُ الأقوالُ، وهو أولُ ما يجب على المكلَّفِ النَّظر فيه.
ورُغمَ أنَّ القرآنَ قد أبدئ في هذا النَّوع مِن التوحيدِ وأعادَ، وكرَّر القولَ فيه وزَاد ، إلاَّ أنَّ كثيرًا مِن المنتسبينَ للإسلامِ قد خَلَطَ بينَه وبينَ تَوحيدِ الرَّبِ في الخلق والرَّزْق(1) والتَدبيرِ وظنَّ أنَّ مجردَ الاعتقادِ بإفرادِ الله بهذه الأفعالِ كافٍ بالفوزِ بدارِ المقَامَة والنَّجاةِ مِن عذَابِ جهنَّمَ يومَ القِيامة.(2)
وَقَد نَتَجَ مِن جرَّاء هذا الاعتقادِ الفاسدِ القولَ بجوازِ طلبِ الحوائج مِنَ الأموَاتِ والطوافِ حولَ القبورِ والتمَسُحِ بالأضرِحة وشَدِّ الرَّحلِ إليها والتَقرُبِ إلى أصحابها بأَنواعٍ مِن العبادة كالنَّذرِ والذبحِ وَمَا يتْبَعُ ذلكَ من إقامة (الزَّرْدَة)(3) عندَ من يتسمَّونَ بالأولياءِ الصالحينَ وغير ذلك مما هو مِن قَبِيل الشرك الصريحِ والكفر المبيحِ.
ومِن هذا المنطَلق كان لِزامًا على المسلم النَّاصح لنفسِه الغيور على حُرمةِ ربه أَن يعرفَ الفرقَ بَينَ التوحِيدَينِ ليسلَمَ له دِينَه ويأمَنَ من غوائلِ الشركِ باللهِ الذي هو مِن أَعظمِ الذنُوبِ على الإطلاقِ(4).
ومَن تأملَ في النصوصِ عَلِمَ يقينًا أنَّ بينَ التوحيدينِ مِن الفروقِ كالفرقِ بينَ السماءِ ذاتِ الرَّجعِ والأرضِ ذاتِ الصَّدع ومِن أهمِّ هذه الفروقِ مايلي:
1.توحيدُ الربوبيةِ مشتقٌ مِن كلمةِ (الرَّبِ) وهو اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومعناهُ في لغةِ العَربِ التي نَزَلَ بها القرآن المَالِكُ والسيِّدُ المدبِرُ، والمرَبي القيِّمُ والمنعِمُ وكذَا الصَّاحِبُ كما جاء في الحديثِ: (اللَّهمَّ رَبَّ هذهِ الدعوةِ التَامَّةَ)(5) بمعنى صَاحِبَهَا (6)
وجَاءَ في حديثِ صفوانَ بن أميَّة أنَّه قالَ لأبي سُفيانَ يومَ حُنينٍ: (لإِن يَرُبُّني رَجلٌ مِن قريشٍ أحبَّ
إليَّ مِن أن يَرُبَّني رَجُلٌ مِن هَوازنَ)(7) أي يَتَدَبَّرُ أَمري ويُنعِمُ عليَّ والرَّبُ مِن أسماءِ اللهِ لا يجوزُ
إِطلاقُه على غَيرهِ إلاَّ مُضَافاً فيُقاَل: رَبُّ البيت ورّبُّ الدَّارِ، أمَّا ما جَاءَ مِن نحو قَولِه تَعالي :(إرجع إلى ربك) و قولِهِ تَعالى :(اذكرني عند ربك....) فهُو بحَسَبِ المتعَارفِ عندَهم
كمَا نصَّ عَليهِ أئمَّةُ اللُّغةِ.(8)
أمَّا تَوحيدُ الألوهيةِ فهو مُشتقٌ مِن (إِلَه) وهو مِن أسماءِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومعناهُ المعبُود ُوالإِلاَهَةُ
العِبَادَةُ، وإِلَهٌ على وزن (فِعَال) بمعنى (مَفْعُولٌ) أي مَعبُودٌ كمَا يُقال فِراشٌ بمعنى مفروشٌ وكتابٌ
بمعنى مكتوبٌ ولِبَاسٌ بمعنىَ ملبُوسٌ وهو مسموع في أوزانِ العَرَبِ وليسَ قِيَاسِيًا.
والعَربُ تسمِّي التألُّهَ التَّعَبُّدَ، ومِنه ما جَاءَ في قِراءةِ ابن عباس رضي الله عنهما (وَيذَرَكَ وإِلاَهَتَكَ)
أي عِبَادَتَكَ وكانَ يقولُ: ( إِنَّ فرعونَ كانَ يُعبَد ولاَ يَعبُد)(9) قال رُؤبَةُ بن العجَّاجِ:
للهِ دَرُّ الغَانِيَاتِ المُـــــدَّهِ سَبَّحنَ واستَرجَعنَ مِن تَأَلُّهِي(10)
والمألُوهُ هو المعبُودُ على سَبيلِ الذُّلِ والمحبَّةِ والتَعظِيمِ، ومنه قَالتِ العَرَبُ طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ أي مُذَلَلٌ
وبَعيرٌ مُعَبَّدٌ أي مُذلَلٌ، فَمِن الأولِ قَولُ طَرَفَةَ بن العَبْدِ في مُعلقتِهِ
تُبَارِي عِتَاقًا نَاجِياتٍ وأَتبَعَت وَظِيفًا وظِيفًا فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ(11)
ومِنَ الثَّاني قولُه كَذَلِكَ :
إلى أَن تَحَامَتنِي العَشِيرةُ كلُّهَا وأُفرِدتُّ إفرَادَ البَعير المعَبَّدِ(12)
فظَهَرَ بهذَا أنَّ هنَاكَ فرقٌ بينَ التوحِيدَينِ مِن نَاحيةِ الاشتِقَاقِ وإنْ كانَ الرَّبَُّ والإلَهُ إسمَانِ مترَادِفَانِ
باعتِبَارِ أنَّ المسَمَّى بهمَا وَاحِدٌ وهو الله ولكنهُمَا مُتَبَاينَينِ باعتِبَارِ ما دلاَّ عليه مِن المعَاني.(13)

2.تَوحيدُ الرُّبوبيةِ توحِيدٌ علميٌ أمَّا توحيدُ الألوهيَّةِ فهو تَوحيدٌ عمليٌ، فالتَّوحيدُ الأولُ المقصودُ بٍهِ إفرادُ اللهِ بأفعَالِهِ وأسمائِهِ وصِفَاتِه كالخلق والرَّزْق والتدبِيرِ والنَّفعِ والضر وذلك طريقُهُ العِلم، والتَّوحيدُ الثَّاني هو إفرادُ اللهِ بأفعَالِنَا كالإستِعَانَةِ بهِ وحدهُ والخوفُ مِنه والذبحُ والنذرُ لَه وغيرها من أنواعِ العباداتِ التي أمَرنا الله بهَا في كِتَابِه ونبيَّه صَلى الله عليه وسلمَ في سُنتِهِ وذلك طَريقُه العَمَل.
وسُمِّيَت هذهِ الأفعالُ عباداتٍ لأنَّ العبادَ يفعلونَها مُتَذَلِلِينَ خاضِعِينَ.(14)
وَمِن هذا المنطَلقِ سمَّى بعض العُلماءِ تَوحيدَ الرُّبوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ بالتوحيدِ العِلميِّ الخبَرِيَِّ
الاعتِقَادِي، وسَمَّى توحيدَ الألوهيةِ بالتوحيدِ العَمَليِّ الطَّلبي القَصدِيِّ.
إذَا تقرَّر لكَ هَذَا عَرَفتَ السِّرَ في عِنايةِ علماءِ الكَلامِ في كُتُبهِم وبالخُصُوصِ غُلاةِ المرجِئَة مِنهم
بِتقرِيرِ توحيدِ الرُّبوبيةِ دُون توحيدِ الألوهيةِ وذلكَ لزعمِهِم البَاطلَ أنَّ العمَل ليسَ دَاخِلاً في
الإيمانِ، فأخرَجُوا في كَلامهِم عن التوحيدِ مَا لهُ عَلاقَةٌ بالعملِ وهو تَوحيدُ الألوهية، فتَرَى كُتُبَهُم
مَشحونة بتقريرِ توحيد الرُّبوبية والأسماء والصفات وأنَّ ذلك هو مَدَارُ الدينِ وقُطبُ رَحَاهُ وفي
المقابلِ كذلكَ فإنهم يُهمِلونَ ذِكرَ الشركِ والتحذيرَ مِنه وذِكرِ بعضِ أفرادِهِ وأنواعِه الأمرَ الذي
هَوَّنَ مِن أمرِهِ حتىَ ضَرَبَ بأطنابِه في كلِّ بلدةٍ وقريةٍ(15)، والبدَعُ مِن شَأنها التَّوالُدَ كما قال
الحَافظُ الحَكَمي في الجوهرةِ الفَريدةِ:
إِني بَرَاءٌ مِنَ الأَهوَا وَمَا وَلَدَت وَوَالدِيهَا الحيَارَى سَاءَ مَا وَلَدُوا(16)

3.تَوحيدُ الرُّبوبية يَستَلزمُ توحيدَ الألوهية وتَوحيدَ الألوهية يَتَضَمَّنُ توحيدَ الربوبية فَبَينَهُما فرقٌ مِن ناحيةِ التضمُنِ والاستِلزامِ، فمَنِ اعتَقَد أنَّ الله متفرِدٌ بالخلق والنَفعِ والضر لَزِمَهُ أن يُفردَ اللهَ بالعبادةِ، وَمَنِ اعتَقَدَ أنَّ اللهَ مُستَحِقٌ للعبادةِ تَضَمَنَ ذلكَ اعتِقَادَه بتوحيدِ الربوبيَّة، إذ الإنسَانُ لاَ يخضَعُ ولا يَذلُ إلا لمن عَلِمَ أنَّهُ مُتصِفٌ بصِفَاتِ الكَمَالِ ونُعُوتِ الجَلاَلِ.
ولهذَا يحتَجُ اللهُ في كتَابِه على المشركينَ بإقرَارِهم بتوحيدِ الربوبية على أن يُفرِدُوهُ بالعبودِيَّة، كمَا
قَال اللهُ تعالى:(قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون أمن خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون....) قال العلامة الإمامُ محمَدُ الأمين الشنقيطي -رحمه الله- : ( وَيكثُرُ في القرآنِ العظيمِ الاستِدلاَلُ على الكفارِ باعتِرَافِهِم بربوبِيتهِ جلَّ وعلاَ على وجُوبِ توحيدهِ في عِبَادَتِه ولذَلكَ يخاطِبُهم باستفهَامِ التقرِيرِ فإذا أقرُّوا بربُوبيتهِ احتَجَّ بها عَليهم على أنَّه المستَحِقُ لأَنْ يُعبَد وَحدَهُ ووبخهُم مُنكِرًا عَليهم شِركَهَم به غَيره مَع اعتِرَافِهِم بأنَّهُ هو الرَّبُّ وَحدَه، لأنَّ منِ اعتَرَفَ بأنَّه هُو الرَّبُّ وحدَه لَزِمَهُ الاعتِرَافُ بأنَّه هو المستَحِقُ لأن يُعبَد وَحدَه)(17)
وقال: ( كُلُّ الأسئلة المتعَلقة بتَوحيدِ الرُّبوبية استِفهَامَاتُ تَقرِيرٍ يُرادُ منها أَنهم إذَا أقرُّوا رَتَبَّ لهم التوبيخَ والإنكارَ عَلى ذَلكَ الإقرارِ لأنَّ المُقرَّ بالربوبية يَلزَمَهُ الإقرارُ بالألوهية ضَرورَةً)(18)

4. تَوحيدُ الرُّبوبية قد أَقرَّ به المشرِكونَ واعتَرفُوا بِه وأمَّا تَوحيدُ الألوهية فَقَد جَحَدُوهُ واستَكبَرُوا عَنه، وَوَقعت مِن أجلِهِ الخُصومةَ بينَ الرُّسُلِ وأممِهِم، وهذَا واضِحٌ لمن تَأمَّل النصُوص، كما قال تعالى مخبِرًا بإقرَارِهِم بهذَا التوحيد: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصارومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون...) أما إِنكارُهم لِتَوحيدِ الألوهية فَمِن مِثلِ قَولِه تَعَالى:(أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب) وقوله تعالى كذلك: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا لإله إلا الله يستكبرون....) وجمع الله بَينَ إقرَارِهم بالرُّبوبية وَ إنكَارِهم للألوهِيَة في قَولِه تعالى:(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)
قَالَ قَتَادَة: (فالخلقُ كلُّهم يقرِونَ لله أنَّه ربهم ثم يُشرِكونَ بَعدَ ذَلِكَ)(19)
وَمَا جَاءَ في الصَحيحِ(20)في قِصَة وَفَاةِ أَبي طَالب عَمُّ النبي صَلى الله عَليهِ وسَلَم لمَّا قال له : يَا عَمّ قل لا إله إلا الله كلمةٌ أحاجُّ لك بها عِندَ الله، وكَانَ في المجلِس صَنادِيدُ الشركِ والمشرِكينَ فَقَالوا أَترغَب عن مِلَة عبد المطلب؟ فَكرَّر عَليهِ مِرَارًا فكانَ آخرَ مَا قَال هو عَلى مِلَة عبد المطلب واستنكف عَن قولِ لا إله إلا الله وَمَاتَ على الكفرِ والعياذُ باللهِ

5.تَوحيدُ الرُّبوبية مُتعلِقٌ بالأمورِ الكونيةَ القدريَّةَ أمَّا توحيدُ الألوهية فَهوَ مُتَعلِقٌ بالأمورِ الشرعيةَ الدينيَّةّ، فالخَلق والرَّزْقُ والتدبيرُ والإحياءُ والإماتةُ هي أُمورٌ كونيةٌ قدريةٌ لم يَزلِ الله مَوصُوفًا بها أَزلاً وَأَبدًا، وَالصلاَة والاستِعَانةُ والذبحُ والنذرُ وغيرها مِن العِبَادات أُمورٌ شرعيَّة دِينيَّةٌ قد يَفعَلُها العِبَادُ فيُثَابُونَ عليها وَقَد لاَ يفعَلُونها فَيُتَوَعَدُونَ بالعِقَابِ.
وَمِن هَذَا الفرق يُدرِكُ طالِبُ العِلم الجَمعَ بَينَ قَولِه سُبحَانَه وتَعَالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
وقولِه تعالى (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) فالآيةُ الأولى مُتعلِقَةٌ بِبَيَانِ الحكمة مِن خَلقِ اللهِ للإنسِ والجن وَهي إِرَادَةٌ شَرعيَّةٌ دِينيَّة، والآيةُ الثَّانِية مُتَعَلِقَةٌ بخَلقِه لِعِبَادِه وَأنَّهم مُختَلِفُونَ فَمنهُم شَقيٌّ وسَعِيدٌ وَهي إِرَادَةٌ كونيَّةٌ قَدريَّةٌ(21)
قَالَ ابن تَيميَّة: ( وَهذهِ الآيةَ تُشبِه قوله تعالى:(وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بغذن الله ) فَقَد يُطاعُ وَقَد يُعصَى وَكذلكَ مَا خَلَقَهُم إلاَّ لِعِبَادَتِه ثم قَد يَعبُدونَ وَقَد لاَ يَعبُدونَ وهو سُبحَانَه لم يَقُل إنَّه فَعَل الأوَّلَ وهو خَلْقُهُم ليَفَعَل بهِم كُلِّهِم الثَّاني وهو عبادته وَلكن ذَكَر الأوَّلَ ليفعَلوا هُم الثَّاني فَيَكونُونَ هم الفَاعِلِينَ لَه فَيَحصُل لهم بِفعلِه سَعَادتهم وَيحصُل مَا يحبُه وَيرضَاهُ مِنهُم وَلهَم)(22)

6.وَهو أَعظَمُهَا وَأَشرَفُهَا أَنَّ الإقرارَ بتَوحيدِ الربوبيَّة لاَ يُنجِي مِن عَذاَبِ اللهِ عزَّ وَجلَّ وَأليمِ عِقَابِهِ بَينَمَا الإقرَارُ بتوحِيدِ الألوهية هو المُنجِي للعَبدِ يومَ القِيامةَ، وَبتَحقيقِه يحصُل الفَلاح والنجَاح، ففي صَحيح مُسلِم مِن حَديثِ أنس بن مالكٍ خَادمُ رسولِ اللهِ صَلى الله عَليهِ وَسَلمَ رضي الله عَنه قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليهِ وَسلمَ يُغِيرُ إذَا طَلَعَ الفجرَ، وَكانَ يَستَمِع الأَذانَ فَإن سَمِعَ أذَانًا أَمسَكَ وَإلاَّ أَغَارَ، فَسمعَ رَجُلاً يًقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ فَقَالَ رَسولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ : عَلى الفِطرَةَ، ثمَّ قَال: أشهدُ ألاَ إِلهَ إِلاَ الله أشهدُ ألاَ إلَه إِلاَ الله، فَقالَ رَسُول اللهِ صَلى الله عليهِ وسلمَ: خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ، فَنَظَرُوا فإذا هُو رَاعي مِعزًى)(23)
فالحَدِيثُ ظاهِرُ الدِلالة أنَّ تَوحيدَ الرَّبِّ بأفعَالِه مَركُوزٌ في الفِطَرِ، وَلهذاَ لمَ يحكُم النَّبِي صلى الله
عليه وسَلم للرَّاعِي بالنَّجَاةِ إلاَّ لمَّا شَهِدَ بِشَهَادَة الحَقِ لاَ إِلَهَ إلاَّ الله(24) التي هِي مُقتَضِيَةٌ لإفرادِ اللهِ
عَزَّوَجَلَّ بالعِبَادة وَحدهُ دُونَ مَا سِوَاهُ قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) وقال تعالى:(فصل لربك وانحر..)
فَهذِه بَعضُ الفُروقِ بينَ التَوحِيدينِ يُدركُ المسلِمُ مِن خِلاَلها غُربَةَ هَذَا الدِين بسَبَبِ جَهلِ النَّاسِ بحقِيقَة دَعوةِ المرسَلِينَ، الأمرَ الذِي يُوجِبُ عَلى الدُّعاةِ إلى اللهِ تَكثِيفَ الجهودِ للدَّعوةِ إلى اللهِ كَمَا قال تعالى: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين)
والله نسألُ أن يُوفقِنَا للعلمِ النَّافِعِ والعمَل الصَّالِح وأن يُثبِّتَنَا بالقولِ الثَّابِت في الحياةِ الدنيا والآخرَة إِنَّه عَلى كلِّ شيءٍ قدير و بالإجابَةِ جدير وَصَلى اللهُ وسلم عَلى نبينَا محمدٍ وعَلى آلهِ وَصَحبِه أَجمعِينَ.
ـــــــــــــــــــ
(1) الرَّزْق -بفتح الراء المهملة وتسكين الراء المعجمة- هو فعل الله، وأما الرِزق بكسر الراء فهو ما يغدقه الله على عباده من أنواع النعم من مأكول ومشروب وملبوس وغيرها، وهو شامل للرزق الحلال والحرام كما عليه أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة
(2) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص26 عند قول الإمام أبو جعفر الطحاوي (نقول في توحيد الله معتقدين....)
(3) وهي عادة يفعلها القبوريون عند الولي الصالح..؟ويحصل فيها من ذبح القربان وتوفير أنواع من المأكولات والمشروبات ما هو داخل قطعا في التبذير المحرم بله الشرك الأكبر وقد حاربت جمعية العلماء هذه العادة حتى قتلتها إلا أنها قد عادت في الآونة الأخيرة بقوة فنسأل الله أن يبصر المسلمين بدينهم
(4) إشارة إلى حديث ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ فقال عليه الصلاة والسلام أن تجعل لله ندا وهو خلقك. أخرجه البخاري (4477) ومسلم (86) وغيرهما
(5) قطعة من أذكار ما بعد الأذان.أخرجه البخاري (614) وأصحاب السنن
(6) غريب الحديث لابن الأثير [2/179] لسان العرب لابن منظور [1/399]
(7) الروض الأنف للسهيلي [4/213]
(8) لسان العرب [1/399]
(9) أخرجه الطبري في الجامع [1/124] وآفته سفيان بن وكيع فقد ابتلي بوراقه فكان يدخل في حديثه ما ليس
منه فنُصح فلم ينتصح فتُرك حديثه انظر التقريب لابن حجر ص 395 طبعة الباكستاني
(10) ديوان رؤبة بن العجاج [1/165]
(11) شرح المعلقات السبع للزوزني ص 42
(12) المصدر السابق ص 51
(13) وهي من قواعد أهل السنة في باب الأسماء والصفات انظر التحفة المهدية شرح التدمرية ص 238 آل مهدي
(14) فتح المجيد [1/85] طبعة آل فريّان
(15) مذكرة التوحيد ص65 لشيخنا سعود الخلف
(16) الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة للعلامة الحافظ الحكمي ص17 تحقيق عبد العزيز الراجحي
(17) أضواء البيان للإمام الشنقيطي [3/305] ط: الكتب العلمية
(18) المصدر السابق [3/307] وانظر منه [2/359] و[6/276]
(19) جامع البيان للطبري [21/13] في تفسير سورة العنكبوت الآية 65
(20) أخرجه البخاري في الصحيح (1360) ومسلم (24)
(21) أضواء البيان [7/447]
(22) مجموع الفتاوى [8/56]
(23) أخرجه مسلم في صحيحه (845) والمنهاج للنووي [3ـ4/306]
(24) هذه مفاهيمنا للعلامة صالح آل الشيخ ص119 إدارة المساجد
[center]كتبه : عبد الحفيظ بن سعيد بن أحمد بوخالفة
خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفوارق الجليّة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهيَّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  أهمية توحيد العبادة
» إعادة توحيد ألمانيا 1990

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط :: فــئـة الاسلاميــــات ::  المنتديات الاسلامية :: منتدى الشريعة و الحيـــــــاة-
انتقل الى:  
....................
اخر الاخبار الوطنية
جميع حقوق منتديات عائلة تابلاط محفوظة
 جميع الحقوق محفوظة لـ{منتديات عائلة تابلاط} ®
حقوق الطبع والنشر © 2010 - 2011

جميع ما يكتب في المنتدى يعبر عن وجهة نظر الكاتب شخصيا ولا يمثل رأي منتديات عائلة تابلاط ولا القائمين عليه أو اهدافهم أو توجهاتهم
الترحيـب و التواصل مع الاعضاء|التهانـي والتبريكات|الدعاء للمرضى و التعازي و المواساة|تابلاط للاخبار اليومية+مواقع للصحف الجزائرية |ملتـقـى عائلة تابلاط|كل ما يخص مدينة تابلاط|تاريخ و ثقافة الـجزائـر|شخصيات جزائرية هامة|خصوصيات ادم|خصوصيات حواء|الـطفـل و الـطــفولـة|مطبخ المنتدى|الاثات و الديكور|الاناقة والجمال|نصائح و تجارب منزلية|طبيب عائلة تابلاط|تطوير الذات|الحورات و النقاشات الهامة والجادة |العلوم و المعلومات العامة|فلسطين الحبيبة|البـيـئة والطبيعة و عالم الحيوانات| شخصيات عربية و عالمية |القصص و الرويات المتنوعة |حدث في مثل هذا اليوم| الأعياد والمناسبات|السيارات والشاحنات و الدرجات|الأمثال و الحكم و الأقوال|تابلاط الافـكار و المواهـب|أشعاري و خواطري|منتدى الشريعة و الحيـاة|خيمة شهر رمضان|دليلك في الحج و العمرة|التاريخ و الحضارة الاسلامية|تـابلاط الدردشة و الفرفشة|تابلاط نكت*نكت|المسابقـات و الالغـاز|السيـاحة بكل انواعها| صـور*صـور|كرة القدم الجزائرية|كرة القدم العالمية|رياضات متنوعة|بحوث مدرسية|المحاضرات و البحوث الجامعية|معلومات و اخبار|جامعية التعليم و الدراسة بالمراسلة|السنة الاولى ثانوي|السنة الثانية ثانوي|بكالوريــا2011|السنة الاولى متوسط|السنة الثانية متوسط|السنة الثالثة متوسط|السنة الرابعة متوسط (bem)|مواقـع مفيــدة و اخرى مسلية|بـرامج الهـاتف|برامج الكمبيوتر و الانترنات|الالعاب الالكترونية|استقبال القنوات +أنظمة التشفير التلفزيونية|التقنيات المتقدمة |قسم الاعلانات الادارية للاعضاء| معلومات موقع منتديات عائلة تابلاط|السيرة العطرة و قصص الانبياء|الاعجاز العلمي في القران و السنة|
وقف لله
تــنــويـة : أبـريء ذمتي أنا صـاحـب ومـؤسس منتديات عائلة تابلاط أمام الله ان حـصـل تعارف أو صداقات غير شرعية بين الأعضاء داخل المنتدى
منتديات عائلة تابلاط لا يهدف الى الربح أو التجارة بأي شكل من الاشكال
المنتدى وقف لله تعالى لي و لوالدي و لجميع الأعضاء والمسلمين و المسلمات الأحياء منهم والأموات
-
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلا مُتَقَبَّلا-