العلم حفظ وفهم
العلم له مفاتح ومفاتيح، منها المفاتح الغريزية التي ليس للإنسان فيها يد، وهذه يتفاوت فيها الناس، ولا اعتراض، كالفهم والحفظ، فهم متفاوتون في هذينالوصفين، ولا بد من الفهم والحفظ لتحصيل العلم الشرعي .
فالفهم وحده لا يكفي،والحفظ وحده لا يكفي، فالفهم لا بد منه (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين) ،بحيث يفهم عن الله وعن رسوله-عليه الصلاة والسلام- مراده، وهذا هو الأصل في الفقهالفهم،{يَفْقَهُوا قَوْلِي}[طه : 28]،إذًا لا بد من الفهم،كما أنه لا بد من الحفظ؛ لأن العلم الشرعي لا يقوم إلا على حفظ، ويغالط نفسه ويكابر منيعتمد على حد زعمه على الفهم دون الحفظ، فالعلم: قال الله، قال رسوله، وكيف يفهم كلامالله ولم يحفظه؟
فلا علم بدون فَهْم؛ لأن الاعتماد على الحفظ وحده دون فهم؛ يَصْدُق فيه ما يردِّده بعض الناس من قولهم لإزاء من يحفظ: زاد في البلد نسخة، وهذه العبارة أصلها ومنشأها سببه التقليل من شأن الحفظ، وقد راج قبل نصف قرن من الزمانالدعايات ضد الحفظ، حتى قال قائلهم أن الحفظ يبلِّد الذهن، وأقول: لا علم إلا بحفظ، وأنتم سمعتم ورأيتم من يُعلِّم ومن يفتي مع ضعف في حافظته أو عدم عنايةً منه بالحفظ، سمعتم ما لا يعجبكم، بخلاف من حفظ العلوم وعلى رأسها النصوص، قال الله، وقال رسوله .
فالذي يفتي بالنصوص على نور من الله -جل وعلا-، أما الذي ليس له نصيبٌ من الحفظ، مثل هذا يتخبط يمينًا وشمالًا،وبالأساليب الإنشائية يمضي الوقت، لكن هل يقنع السامع، لا سيما إذا كان السامع طالب علم؟ لا، والساحة مملوءة من أمثال هؤلاء .
فعلى هذا المفاتيح الغريزية هي الفهم والحفظ، فإذا حفظ طالب العلم ما يريد حفظه من نصوص الكتاب والسنة ومن أقوال العلماء، من المتون المعروفة عندهم فيكافة العلوم، حرص على فهم واحد، وكل منهما يعين على صاحبه، فالفهم يعين على الحفظ،والحفظ يعين على الفهم .
للشيخ الفاضل : عبد الكريم الخضير-