غاندي في سطور
1869 ولادة موهانداس كارامشاند غاندي في 2 تشرين الأول (أكتوبر).
1882 زواج غاندي وهو في الثالثة عشرة من فتاة تماثله في العمر، زواجا مدبرا حسب العادات الهندوسية.
1891 عودة غاندي من بريطانيا بعد دراسة الحقوق.
1893 قبول غاندي عرض عمل لمدة سنة واحدة من مكتب للمحاماة في جنوب أفريقيا بعد فشله في الحصول على عمل في الهند نفسها.
1893 ـ 1915 إحساس غاندي بالظلم والتمييز العنصري الذي يتعرض له الهنود في جنوب أفريقيا يدفعه إلى البقاء هناك ما يزيد عن العشرين سنة، مدافعا عن العمال الهنود وداعيا إلى فلسفته اللاعنفية (الساتياراها).
1915 العودة إلى الهند وبدء النضال من اجل الاستقلال.
1920 خلال خمس سنوات غاندي يصبح زعيم الحركة الوطنية الهندية، ويبدأ بتطبيق برنامج "النسيج والحياكة اليدويين".
1930 غاندي يقود "المسيرة إلى البحر"، احتجاجا على سياسة الحكومة البريطانية المتعلقة بالملح.
1942 سجن غاندي للمرة الأخيرة، حيث بلغ مجموع المدد التي أمضاها في السجن لأسباب سياسية سبع سنوات.
1947 الهند تنال استقلالها، وحزن غاندي لتقسيم القارة الهندية إلى دولتين (الهند والباكستان). وإصراره على الاستمرار في سياسة اللاعنف بين الجماعات والقوميات والأديان المختلفة في الدولتين.
1948 قيام أحد المتطرفين الهندوس بإطلاق ثلاث رصاصات قاتلة على غاندي ( 30 كانون الثاني ـ يناير) ، احتجاجا على دعوات السلام واللاعنف بين أبناء القارة الهندية.
القرن العشرون هو أيضا قرن الحروب العالمية. فيه نشبت الأولى والثانية، كما تدل التسميات، وفي نهاية الثانية استعملت قنبلتان ذريتان لضرب مدينتين يابانيتين. وسواء أكنت مؤيدا أم معارضا للتوجه الهتلري ـ الياباني فلا يمكنك إلا أن تعترف بان الرد على هجمات اليابانيين الانتحارية ( الهيراكيري)، واشهرها الهجوم على بيرل هاربور، باستخدام القنابل الذرية لا يدل على شجاعة أو شهامة. فبيرل هاربور كان مرفأ حربيا استخدمته الأساطيل الأميركية، أما مدينتا ناكازاكي وهيروشيما اللتان استهدفتهما القنابل الذرية فكانتا داخل اليابان، وكانتا مدينتين عاديتين مثل أي مدينة أخرى في العالم، يسكنهما المدنيون من رجال ونساء وأطفال وشيوخ،وفيهما المنازل والمتاجر والمصانع والمستشفيات.
لقد كانت الحربان العالميتان طاحنتين بالفعل، للجيوش والمدنيين، للمسلحين والعزل، للأقوياء والضعفاء، للشجعان والجبناء، وأولا وأخيرا للمنتصرين والمهزومين على السواء.
ولكن في مكان آخر من هذا العالم، وفي الوقت نفسه تقريبا دارت حرب من نوع آخر؛ حرب بين مستعمر بريطاني وبين مناضلين من أجل الحرية والاستقلال بسلاح لم يعرفه العالم من قبل. سلاح اسمه بلغة الهندوس "ساتياراها" ومعناها: الشجاعة والحقيقة واللاعنف.
الوحيد الذي تكلم بمثل هذه اللغة من قبل كان السيد المسيح، وليس من قبيل الصدفة أن تكون نهايتهما واحدة ـ الاغتيال، وان اختلفت الأشكال بين الصلب وإطلاق الرصاص.
من المؤكد أن زعماء بريطانيا كانوا يفضلون أن يجابههم موهانداس غاندي ( المعروف لدى اتباعه باسم المهاتما أي الروح الأعظم) بجيش من الهنود المدججين بالسلاح، فهم يفهمون هذه اللغة ويستطيعون أن يواجهوها. ولكنهم على العكس من ذلك وجدوا أمامهم رجلا أعزل مسالما يرتدي ثيابا شبه بالية ويبشر باللاعنف وبنكران الذات. والمؤكد أيضا انهم لا يزالون يبحثون عن سر قدرة رجل "بسيط" على أن يجمع حوله مثل تلك الأعداد من الاتباع والمؤيدين، ما عجزوا كلهم عن تحقيقه رغم "أناقتهم" وأرستقراطيتهم.
ولد موهانداس كارامشاند غاندي في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) 1869 في بورباندر، الهند. وتنتمي أسرته إلى طبقة "التجار" من الطائفة الهندوسية. كان طفلا جديا مع مسحة من الخجل. وقد تزوج وهو في الثالثة عشرة من فتاة تماثله من حيث العمر، زواجا مدبرا بين أهله وأهلها على غرار التقاليد المتبعة. وقد رزقا بأربعة أولاد.
درس غاندي الحقوق في لندن،ثم عاد إلى الهند وبدأ ممارسة المهنة، غير أن التوفيق لم يكن حليفه بإيجاد عمل. فقبل عرضا للعمل في مكتب للمحاماة في ناتال (جنوب أفريقيا) عام 1893 للدفاع عن بعض العمال الهنود هناك. كانت جنوب أفريقيا مستعمرة بريطانية مثل الهند.
جوبه غاندي حال وصوله باعتداءات عنصرية لأنه أعلن، وهو الهندي، حقوقه كواحد من رعايا الحكومة البريطانية. وأدرك سريعا أن الهنود يتعرضون هناك إلى كافة أشكال التمييز العنصري. وكان مقدرا لمهمته أن تستغرق سنة واحدة، لكنه بقي هناك إحدى وعشرين سنة صرفها كلها في الدفاع عن حقوق الهنود في جنوب أفريقيا.
قاد غاندي العديد من الحملات من أجل تكريس حقوق العمال الهنود، وانشأ صحيفة "الرأي الهندي" وراح يدعو إلى عقيدته " الساتياراها" ( التحرك الوطني القائم على الحقيقة، الشجاعة واللاعنف). واستطاع أن ينظم بعض حملات العصيان المدني والإضرابات في صفوف عمال المناجم الهنود. مما عرضه للتوقيف والسجن عدة مرات من قبل البريطانيين. إلا أن نشاطاته أدت إلى إدخال إصلاحات كثيرة والى تحسين أوضاع عمال المناجم.
رغم كل ذلك لم يتوان غاندي عن العمل من اجل البريطانيين في حالات اعتبر انهم على حق فيها. وقد كلفوه القيام ببعض الوساطات أثناء حرب البوير (1899 ـ 1902) و ثورة الزولو (1906).
عام 1915 عاد غاندي إلى الهند وخلال خمس سنوات صار زعيم الحركة الوطنية الهندية. وقد حاولت الحكومة البريطانية تمرير بعض القوانين التي تمنع تشكيل أحزاب او هيئات معارضة للحكومة، الا ان غاندي نظم وقاد حملات لاعنفية نجحت في منع إقرار تلك القوانين. ثم دعا الى إيقاف الحملة عندما بدا ان الأمور تكاد تفلت من يده وان بعض أعمال الشغب راحت تندلع هنا وهناك. ثم اعلن صياما عن الطعام معترضا على العنف ومعطيا اتباعه مثلا في ضرورة الانضباط والالتزام بمبادئ الشجاعة والحقيقة واللاعنف.
جاءت مجزرة أمريستار في 13 نيسان 1919 لتؤكد طغيان وفساد الحكم البريطاني الإمبراطوري. فقد اصدر أحد الضباط أوامره الى رجاله بإطلاق النار عشوائيا على تجمع غير مسلح مما أدى الى سقوط ما يقارب 400 قتيل. ولكن تلك المجزرة زادت كمنم تصميم غاندي على متابعة مواجهة المحتلين بالمزيد من الوسائل اللاعنفية.
عام 1920 بدا غاندي بتطبيق برنامج "النسج والحياكة اليدويان"، مؤمنا ان ذلك سيؤدي الى:
1) دعم الحرية الاقتصادية لناحية الكفاية الذاتية في قطاع اللباس.
2) تطوير الحرية الاجتماعية بتأكيد كرامة العمل اليدوي واليد العملة.
3) تحقيق الحرية السياسية بتحدي صناعة الملبوسات البريطانية وتحضير الشعب الهندي للحكم الذاتي.
عام 1930 قاد غاندي مئات من اتباعه سيرا على الأقدام في " المسيرة الى البحر" (200 ميل) ، حيث قاموا باستخراج الملح من مياه البحر احتجاجا على قانون أصدرته الحكومة وقضى بمعاقبة كل شخص يوجد بحوزته ملح غير مباع عبر الحكومة .
خلال الحرب العالمية الثانية تابع غاندي نضاله اللاعنفي من اجل تحرير الهند بقيادة أعمال العصيان المدني ضد كل قرار اعتبره جائرا بحق الشعب. وقد سجن لآخر مرة في عام 1942. وبلغ مجموع المدد التي قضاها في السجن لأسباب سياسية سبع سنوات. وكان يقول انه من الفخر ان يذهب الانسان الى السجن من اجل قضية محقة.
منحت بريطانيا الهند استقلالها عام 1947، الا ان غاندي كان حزينا لتقسيم القارة الهندية الى دولتين (الهند وباكستان) وأكثر حزنا بسبب اعمال العنف التي بدأت بين المسلمين والهندوس اثر تقسيم البلاد. وراح يدعو الى اعادة توحيد الدولتين ووقف أعمال العنف.
في 13 كانون الثاني (يناير) 1948، بدأ غاندي صياما عن الطعام من اجل إحلال السلام بين كافة شعوب القارة الهندية من مسلمين ومجوس وسواهم. وفي الثامن عشر أعلن زعماء الأطراف المختلفة عزمهم على وقف القتال أنهى غاندي صيامه. ولكن بعد 12 يوما (30 كانون الثاني) وفيما غاندي في طريقه الى الصلاة في معبد في نيو دلهي أطلق عليه احد المتطرفين الهندوس ثلاث رصاصات قاتلة، احتجاجا على دعوته الهندوس الى التعايش مع سواهم من المجموعات الدينية والعرقية.
كان اغتيال غاندي صدمة للهند وللعالم، ومثالا آخر على سقوط رسل السلام ودعاته العزّل بأيدي المتطرفين الجهلة أو أصحاب المصالح والمستفيدين من استمرار البشر في قتل بعضهم .