سكة حديد الحجاز هي سكة حديد ضيقة (بعرض 1050 ملم)، تصل ما بين مدينة دمشق والمدينة المنورة في منطقة الحجاز، بوشر العمل في سكة الحديد عام 1900 وافتتحت عام 1908 واستمر تشغيلها حتى 1916 في الحرب العالمية الأولى إذ تعرضت للتخريب بسبب الثورة العربية الكبرى وسقوط الدولة العثمانية بعد الحرب.
أسست سكة حديد الحجاز زمن ولاية السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لغرض خدمة حجاج بيت الله الحرام انطلاقاً من مركزها في دمشق
إنشاء
في عام 1900، خلال حكم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، مد صادق باشا المؤيد العظم والي دمشق خط تلغراف بين دمشق والمدينة المنورة بنجاح، مما زاد في حماس المؤيدين لإنشاء الخط، وقدم إلى الجمهور على أنه قطار ديني، لتسهيل مسيرة الحج من دمشق إلى مكة المكرمة. في الواقع، حسب القوميين العرب، كان هدفه الرئيسي هو تسهيل حركة القوات العثمانية في الأراضي العربية، وأيضا زيادة التجارة بين دمشق والحجاز.
قدرت كلفة الخط بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية. قدمت مساعدات شعبية من داخل السلطنة العثمانية وبلدان إسلامية أخرى إضافة إلى مساعدة ألمانية، من دويتشه بنك وشركة سيمنز على وجه الخصوص. كان الألماني هاينريش ميسنر كبير مهندسي المشروع. قدم السلطان مبلغ (320) ألف ليرة من ماله الخاص. وتبرع خديوي مصر عباس حلمي بكميات كبيرة من مواد البناء. تبرع كثير من المسلمين عن طيبة خاطر.
بوشر بالعمل في بناء خط سكة حديد الحجاز عام 1900م من منطقة المزيريب في حوران في سورية، واعتمد في مساره على طريق الحج البري من دمشق عبر مدينة درعا وصولاً إلى المدينة المنورة، حيث استطاع الحجاج من الشام وآسيا والأناضول قطع المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يوماً، وكان والي دمشق هو أمير الحج باستثناء فترة بسيطة تولى فيها حاكم نابلس هذه المهمة.
أعمال بناء الخط
كان هذا الخط ينطلق من دمشق حيث كان يتفرع من بصرى جنوب سورية إلى خطين أحدهما يكمل المسير إلى الجنوب نحو الأردن، أما الآخر فكان يتجه غرباً باتجاه فلسطين. وتعد نابلس وحيفا وعكا أهم محطات الوقوف في فلسطين، ويتفرع من حيفا خط يربط الأخيرة بمصر، وهذا فرع فلسطين.
كان مسار خط الحج ينطلق من مدينة دمشق ويعبر سهل حوران ويمر بالمزيريب وعدد من المناطق جنوب سورية وصولاً إلى مدينة درعا ثم إلى الأردن حيث يمر بمدن المفرق والزرقاء وعمّان ومعان على التوالي، ويكمل سيره جنوباً إلى ان يدخل أراضي الحجاز حيث ينتهي بالمدينة المنورة، ويذكر لنا التاريخ أسماء بعض الذين تولوا قيادة القطار الحجازي فمنهم الكابتن محبوب علي الحسيني المدني الذي يذكر أن قاطرته التي تحمل الرقم 105 س ح كانت آخر القاطرات توقفاً في إقليم الحجاز في 13 جمادى الأولى عام 1336هجرية، والكابتن يعقوب أفندي الذي كانت قاطرته آخر قاطرة وصلت المدينة المنورة وهي تحمل المؤن من شرق الأردن وذلك في شهر ربيع الثاني من نفس العام.
استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات استفاد من خلالها الحجاج والتجار، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية على بريطانيا، فعندما تراجعت القوات العثمانية أمام الحملات البريطانية، كان الخط الحجازي عاملاً هامًا في ثبات العثمانيين نحو عامين في وجه القوات البريطانية المتفوقة في جنوب سورية عدةً وعدداً ونظراً لاستخدام الخط الحجازي في بعض الأغراض العسكرية العثمانية، فقد تعرض خط سكة حديد الحجاز إلى كثير من الأضرار والتخريب خلال الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين وفي عام 1917 انضم لورنس إلى الثوار العرب فحرضهم على نسف الخط، ومنذ ذلك الحين لم تفلح المحاولات لإعادة تشغيل الخط أو تحديثه.
حسب عزيز القاسم، أحد العاملين في الخط، كان يتبع للخط 132 قاطرة و 1700 شاحنة.
محاولات إعادة تأهيل الخط
في الستينات، كانت هناك محاولة لإعادة فتح الخط، الذي صار مهجوراً بسبب حرب الأيام الستة (1967) ولكن المحاولات لم تفلح في تسير الخط من جديد.
وفي سورية ومن محطة الانطلاق الأولى في وسط دمشق يعمل الخط نحو درعا وبصرى وكذلك ينطلق قطار المصايف التاريخي الشهير في سورية. حالياً يستخدم الخط الذي يربط بين دمشق وعمان بشكل غير منتظم، وأعيد تأهيل بعض القاطرات التاريخية، حيث تعمل حالياً تسع قاطرات في سورية وسبع في الأردن. لا تزال العديد من العربات القديمة تستخدم كذلك. وفيما يتعلق بالسعودية يمكن أن يستخدم وصل خط سكة حديد الحجاز بمشروع سكة حديد الخليج الذي بدأ في عام 2005.