مفهوم (الأفيزيا ) أو الحبسة الكلامية
للدكتور أحمد فارس سليم عمرو
يمكن تعريف الحبسة الكلامية (الأفيزيا) بأنها قصور حديث في القدرة على فهم أو استخدام اللغة الشفهية أو الكتابية نتيجة لإصابة في مراكز اللغة في المخ.
و الحبسة الكلامية مصطلح عام يشير إلي خلل أو اضطراب أو ضعف في جانب من جوانب اللغة أو أكثر مخلفاً صعوبات في استيعاب أو إنتاج اللغة الشفهية أو الكتابية، و التي قد تظهر على شكل صعوبات في فهم الكلام أو إخراجه أو على شكل صعوبات في القراءة أو الكتابة.
إصابة مراكز اللغة في المخ قد تحدث نتيجة لعدة أسباب منها: إصابة في الرأس، أو أورام في الدماغ، أو جلطة دماغية ، أو ارتفاع درجة الحرارة في جسم المصاب، أو الحالات النفسية السيئة المتقدمة.
و بشكل عام، يصعب على المصاب بالحبسة الكلامية تسمية الأشياء أو أنه يلفظ الاسم مع أخطاء في بعض الأصوات أو أنه يلفظ اسماً مغايراً للاسم الصحيح.
أما من حيث الاستيعاب (أو فهم الكلام) فإن المصاب بالحبسة الكلامية قد يظهر ضعفاً واضحاً في استيعاب ما يسمع وقد لا يفهم الأوامر الموجهة إليه
وتوجد أنواع عديدة ومختلفة من الحبسة الكلامية (الأفيزيا)، وهذا التعدد والاختلاف يتوقف علي موضع وحجم الإصابة التي تلحق بالمخ ، ومن بين أهم هذه الأنواع
الأفيزيا التعبيرية أفيزيا بروكا:
وتعرف أيضاً بالأفيزيا اللفظية أو الشفهية أو بأفيزيا بروكا، وهو نوع يعاني فيه المصاب من الاضطرابات أو العجز في التعبير؛ ولكنه يظل قادراً علي فهم كلام الآخرين.
ويلاحظ أن المصاب يكرر لفظ واحد مهما تنوعت الأحاديث أو الأسئلة الموجهة إليه.
وقد سميت أفازيا بروكا الحركية أفيميا بمعنى عدم القدرة على الكلام بالرغم من وجود الكلمة في ذهن المصاب.
والمصاب بأفيزيا بروكا يتكلم قليلاً جداً. وعندما يحاول هذا المصاب الكلام فإن كلامه يحبس، بحيث لا يستطيع إخراج الكلام ، كما قد تغيب من كلام المصاب الأجزاء النحوية الصغيرة و التصريف الصحيح للأفعال . مثل هذا الكلام يسمي غالباً" كلام تلغرافي " أو "كلام بدون التزام بقواعد اللغة
الأفيزيا الاستقبالية أوأفيزيا فيرنيكه:
تحدث نتيجة لإصابة أو تلف الخلايا العصبية التي تساعد على تكوين الصور السمعية للكلمات، ففي حين تكون حاسة السمع سليمة، تفقد الألفاظ معناها لدى السامع، كما لو كانت هذه الألفاظ من لغة أخرى لا يعرفها الفرد. ومن الجدير بالذكر أن المصاب بهذا الاضطراب لا يستطيع فهم الكلام عموماً.
وكلام المصاب بالأفيزيا الاستقبالية أكثر طلاقة من كلام المصاب بالأفيزيا التعبيرية، لكن ذلك يتوقف علي حجم الإصابة، فكلام المصاب بالأفيزيا الاستقبالية قد يتراوح بين أن يكون غريباً نوعاً ما إلي كونه خال تماماً من المعني. وغالباً ما يستخدم هؤلاء المرضي في كلامهم كلمات غير مألوفة أو غير معروفة.
أفيزيا تسمية الأشياء:
تلك التي تعرف أيضاً "بالأفيزيا النسيانية"، وفي هذا النوع فإن المصاب يجد صعوبة في تسمية الأشياء ، فإذا عرضنا عليه مجموعة من الأشياء المألوفة وطلبنا منه تسميتها فإنه قد يشير إلي استعمالاتها عوضاً عن أسمائها، في حين يبقى قادراً على استعمال الشيء والإشارة إليه إذا سمع اسمه أو رآه ، فإذا قدم للمريض كرسي وسألناه عن اسمه لا يستطيع تذكر كلمة (كرسي) وربما أمكنه إدراك وظيفة الكرسي واستعمالاته ، وإذا سئل المصاب هل هذا منضدة، أم كتاب أم كرسي ، فإنه يجيب الإجابة الصحيحة ، ولكن المشكلة تتركز في تذكر اسم الشيء لو طلب منه ذلك
الأفيزيا الشاملة أو الكلية:
يشير هذا النوع من الأفيزيا إلى العجز الشديد في كل الوظائف المتعلقة باللغة. ففي هذا النوع من الأفيزيا نجد أن قدرة الشخص المصاب على الفهم وإنتاج الكلام منقوصة أو لا توجد نهائياً.
الأفيزيا التوصيلية:
يتسم هذا النوع من الأفيزيا بعدم قدرة المصاب علي إعادة ما يسمعه. في حين تكون قدرة المصاب علي فهم الكلام المنطوق و الكلام المكتوب إلي حد كبير سليمة.
الأفيزيا الممتدة (أو العابرة لمناطق القشرة)
ويحدث هذا النوع من الأفيزيا نتيجة إصابة المنطقة القشرية ، ولكن هذه الإصابات تبقي علي مراكز أو مناطق اللغة وكذلك المسارات الموصلة بينها سليمة، ولكن هذه الإصابات – في الوقت نفسه – تعزل هذه المراكز أو المناطق عن بقية المخ.
وهل من علاج ؟
هذا السؤال أرق الباحثين لأعوام طويلة.
فمن ناحية يوجد اعتقاد خاطئ لدى بعض أطباء الأعصاب بأنه ما من علاج ناجع للأفيزيا كونها ناتجة عن إصابة في الدماغ و إصابات الدماغ لا تشفى أو أن الأفيزيا قد تتحسن تلقائياً من دون علاج.
ومن ناحية أخرى فإن أخصائيو التأهيل يؤكدون تحسن مرضى الأفيزيا الذين يتلقون علاجاً لغوياً. وفي الحقيقة فإن المراجعة الموضوعية لنتائج الأبحاث في السنوات المنصرمة تبين أن إصابة الدماغ يمكن أن تشفى وهذا مثبت بأدلة علمية قاطعة لا يتسع الموقف لذكرها هنا.
أما عن التحسن التلقائي للأفيزيا فإن الأبحاث دلت على أن المرضى الذين يتلقون علاجاً لغوياً يتحسنون بمقدار الضعف على الأقل مقارنة بالذين لا يتلقون علاجاً و هذا المقدار من التحسن يتضاعف كلما قدم العلاج أسرع أو بشكل مكثف.
و ختاماً فإن علاج الحبسة الكلامية (الأفيزيا) ممكن و بشكل كبير (خلافاً لاعتقاد العديد من أطباء الأعصاب) لدرجة أن كل أطباء الأعصاب الموضوعيين يجب ألا يحرموا مرضى الأفيزيا لديهم من هذه الإمكانية.
وكذلك الأمر بالنسبة لذوي هؤلاء المرضى فعليهم واجب عرض مريضهم على أخصائي النطق و اللغة كي يتسنى علاجه