العبودية أو "الرق" هي نوع من الأشغال الشاقة القسرية طوال الحياة للعبيد حيث يعملون بالسخرة القهرية في الأعمال الشاقة والحروب وكانت ملكيتهم تعود للشخاص الذين يستعبدونهم. وكانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم أويهدي بهم مالكوهم. وممارسة العبودية ترجع لأزمان ما قبل التاريخ عندما تطورت الزراعة بشكل متنامٍ، فكان الحاجة ماسة للأيدي العاملة. فلجأت المجتمعات البدائية للعبيد لتأدية أعمال تخصصية بها.
وكان العبيد يؤسرون من خلال الإغارات علي مواطنهم أو تسديداً لدين. وكانت العبودية متفشية في الحضارات القديمة لدواعٍ اقتصادية واجتماعية. لهذا كانت حضارات الصين وبلاد الرافدين والهند تستعمل العبيد في الخدمة المنزلية أو العسكرية والإنشائية والبنائية الشاقة. وكان قدماء المصريين يستعملون العبيد في تشييد القصور الملكية والصروح الكبرى. وكانت حضارات المايا والإنكا والأزتك تستخدم العبيد على نطاق واسع في الأعمال الشاقة والحروب. وفي بلاد الإغريق كان الرق ممارسا علي نطاق واسع لدرجة أن مدينة أثينا رغم ديمقراطيتها كان معظم سكانها من العبيد وهذا يتضح من كتابات هوميروس للإلياذة والأوديسا.
الرق في أوروبا
واشهر ثورة للعبيد في التاريخ الإسلامي هي ثورة الزنج في العصر العباسي في (القرن 9). وفي القرن 15 مارس الأوربيون تجارة العبيد الأفارقة وكانوا يرسلونهم قسرا للعالم الجديد ليفلحوا الضياع الأمريكية. وفي عام 1444م كان البرتغاليون يمارسون النخاسة ويرسلون للبرتغال سنويا ما بين 700 – 800 عبد من مراكز تجميع العبيد علي الساحل الغربي لأفريقيا وكانوا يخطفون من بين ذويهم في أواسط أفريقيا. وفي القرن 16 مارست إسبانيا تجارة العبيد التي كانت تدفع بهم قسرا من أفريقيا لمستعمراتها في المناطق الاستوائية بأمريكا اللاتينية ليعملوا في الزراعة بالسخرة. وفي منتصف هذا القرن دخلت إنجلترا حلبة تجارة العبيد في منافسة وادعت حق إمداد المستعمرات الأسبانية بالعبيد وتلاها في هذا المضمار البرتغال وفرنسا وهولندا والدنمارك. ودخلت معهم المستعمرات الأمريكية في هذه التجارة اللا إنسانية. فوصلت أمريكا الشمالية أول جحافل العبيد الأقارقة عام 1619 م. جلبتهم السفن الهولندية وأوكل إليهم الخدمة الشاقة بالمستعمرات الإنجليزية بالعالم الجديد.
ومع التوسع الزراعي هناك في منتصف القرن 17 زادت أعدادهم. ولاسيما في الجنوب الأمريكي. وبعد الثورة الأمريكية أصبح للعبيد بعض الحقوق المدنية المحدودة. وفي عام 1792 كانت الدنمارك أول دولة أوربية تلغي تجارة الرق وتبعتها بريطانيا وأمريكا بعد عدة سنوات. وفي مؤتمر فينا عام 1814 عقدت كل الدول الأوربية معاهدة منع تجارة العبيد. وعقدت بريطانيا بعدها معاهدة ثتنية مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1848 لقمع هذه التجارة. بعدها كانت القوات البحرية الفرنسية والبريطانية تطارد سفن مهربي العبيد. وحررت فرنسا عبيدها وحذت حذوها هولندا وتبعتها جمهوريات جنوب أمريكا ما عدا البرازيل حيث ظلت العبودية بها حتى عام 1888م. وكان العبيد في مطلع القرن 19 بتمركز معظمهم بولايات الجنوب بالولايات المتحدة الأمريكية. لكن بعد إعلان الاستقلال الأمريكي أعتبرت العبودية شراً ولا تتفق مع روح مبادئ الاستقلال. ونص الدستور الأمريكي علي إلغاء العبودية عام 1865م. وفي عام 1906م عقدت عصبة الأمم (League of Nations) مؤتمر العبودية الدولي (International Slavery Convention) حيث قرر منع تجارة العبيد وإلغاء العبودية بشتى أشكالها. وتأكدت هذه القرارات بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (Universal Declaration of Human Rights) الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1948م.
الرق و العبودية في الاسلام
في القرن السابع جاء الإسلام وكان من أولوياته التعرض للرق والعبودية بشكل مباشر. حيث دعى رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى حسن معاملة الأسرى والعبيد والرفق بهم حتى أنه نهى عن تسميتهم بلفظ "العبيد" كما قال: «لا يقل أحدكم عبدي؛ أمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، وليقل: غلامي، جاريتي، وفتاي، وفتاتي».
كما شجع على عتق (تحرير) العبيد في كثير من تشريعاته ولكنه لم يلغِ الرق بل أبقى عليه وثبته وأذن باسترقاق الأسرى في الحروب كجزء من الفيء والغنيمة. بل جعل الإسلام عتق الرقيق كفارة من الخطأ سواء كانت تلك الأخطاء خاصة بالإفطار عمداً في شهر رمضان، أو كفارة عن اليمين، تلك الأخطاء التي كثيراً ما يتورط فيها الإنسان. ويضاف لذلك أن الإسلام حث على رعاية الرقيق، فقد أوجب الرسول (صلى الله عليه وسلم) حسن معاملتهم، فيكفي للعتق أن ينطق به السيد ولو كان مكروهًا أو مخمورًا. كما أن الأَمَة(المملوكة) التي كانت تنجب من سيدها ولد تنتفي عنها صفة الاسترقاق وتصبح حرة ولا يجوز لسيدها أن يبيعها أو يهبها ولا تورث لغيره بعد مماته. كما أن المولود يصبح حراً ولا تجري عليه قواعد الرق. وهكذا يتضح أن الإسلام حاول القضاء على الرق والإقلال منه وكرهَّ الناس فيه وفي تجارة الرقيق.[