نشأة النقود
إذا كان من الممكن تمييز التداول النقدي من العصور القديمة، فان صوره تختلف من مجتمع لآخر.
فقد بدأت المجتمعات مبادلاتها الأولى عن طريق المقايضة، ثم لم تلبث المقايضة أن مهدت السبيل لظهور النقود.
ولم تكن النقود في أول الأمر ورقة من أحد البنوك ولا قطعة معدنية، ولكن كانت إحدى السلع التي يتم استهلاكها أو التي تستخدم في الإنتاج.
ثم تطورت النقود من سلعة إلى معدنية ثم صارت نقودا ورقية وأخيرا نقودا مصرفية.
ويدل تطور المجتمعات على أن المقايضة كانت صورة المبادلة في العصور الأولى من التاريخ. فقد كان التبادل قليلا يتم في حالات استثنائية، وكان يكفي لتمامه تبادل السلع في مقابل السلع، فكانت المقايضة بذلك خطوة للأمام في سبيل تنمية المبادلات، كافية بحاجات المجتمعات عندئذ.
والمقايضة بالمعنى المتقدم تستوجب سوقا معينة، تتقابل فيه رغبات العرض والطلب في زمن معين وبطريقة محددة، وعدم تحقق كل أت بعض تلك العروض، توضح صعوبات المقايضة والتي تتمثل فيما يلي:
صعوبة توافق رغبات المتبادلين.
صعوبة تحديد نسب التبادل.
صعوبة تجزئة السلع والخدمات.
ولكي تكتسب البضاعة (السلعة) خاصية النقد استدعت الصفات التالية:
تقبل عدد كبير كمقابل (بديل) في المبادلات.
تمثل قياس ثابت (متوازن) لكل السلع.
تؤدي وظيفتها كوحدة محاسبية تسمح بالتعبير عن سعر أي بضاعة بالمقارنة مع أخرى.
النقود كوسيلة دفع ومبادلة تقبل من طرف كل مشتري لسلعة معينة وبأي كمية وفي أي مكان. وكذلك كوسيلة احتياط.
غير أن هذه النقود السلعية عبرت خاصة عن فقدان ونقص حفظها وخطر الأمراض المعدية.
وبعد قرون اختار الإنسان المعادن كقاعدة( وسيط) يسير نظام المبادلات التجارية، فالنحاس والبرونز كانا أول المعادن التي استعملت لاستخدامات نقدية، وبقي الذهب نادرا حتى عام 2000 ق.م خرج عن نطاق التكديس وظهر كوسيلة دفع أكثر استعمالا في المبادلات الدولية.
فبعد استخدام معادن نفيسة لتمثيل وتقييم الثروة، بدأ البشر يستعملون رموزا بحتة اتضح عبر استعماله أن العملة شيء مجرد ولا تتجسد حتميا في مادة معينة.
فاستعمل الناس الورق والكتابة ثم الإشارات الالكترونية.