ذوبان الجليد: الخطر الآتي من غضب الطبيعة
أصبحت التغيرات الحاصلة على مستوى البيئة من أهم المحاور التي كانت موضوع لقاءات كبرى وملتقيات على أعلى مستوى وهذا بمشاركة هيئات حكومية وخاصة تنادي جميعها بضرورة اتخاذ الاحتياطات وتنفيذ قرارات استعجاليه قصد الحد من التدهور البيئي الذي شمل النقاط الأربعة من المعمورة. ولان الأمر يهم الجميع، يستلزم على القطاعات الكبرى في بلدان العالم أن تكثف جهودها وتتفاعل بايجابية تجاه التدهور البيئي الخطير إذ من بين أكثر المخاطر التي كانت ولا زالت تشكل نقطة سوداء في عالم البيئة والمحيطات هو ذوبان الجليد الذي عرف تطورات كبيرة من حيث مخلفاته، إذ يعود السبب الرئيسي في ذوبانه إلى ارتفاع درجة الحرارة التي شهدت تزايدا متباينا مع مرور الأزمنة…
فعلى مدار 125 سنة الماضية ازدادت درجة حرارة الأرض بحوالي 0.75 درجة مئوية وكانت سنة 2005 أكثر الأعوام إحترارا على الإطلاق إذ أن المتسبب الوحيد في هذه الظاهرة هو انبعاث غازات دفيئة عديدة في الجو منها: ثاني أوكسيد الكربون الذي ارتفع نشاطه بنسبة 33 بالمائة منذ سنة 1987 وهذا لتضاعف النشاطات الصناعية التي تفرز هذا الغاز الخطير، فقد أظهرت بعض الأبحاث أنه من المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة بين 1.4 و5.8 درجة مئوية مستندين في ذلك على ارتفاع منسوب مياه البحر وانحسار الأنهار الجليدية في كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى انكماش القلنسوة الجليدية في القطب الشمالي، زيادة إلى شدة العواصف الاستوائية وطول الفصول في خطوط العرض الوسطى والقطبية… إلخ.
ففي منطقة القطب الشمالي يطلق غاز قوي جدا بعد ذوبان الجليد الذي تزايد من 20 إلى 30 بالمائة من المنطقة القطبية الشمالية الأوروبية، كما أنه يعتبر أخطر من ثاني اوكسيد الكربون مشكلا بذلك تغيرات على مستوى المناخ الذي يتعرض هو الأخر إلى تغيير وهذا في أنماط سقوط الأمطار.
الدببة القطبية تعاني …
الحيوانات بدورها لم تسلم من الانتشار الفظيع لغازات سامة في الجو حيث تعاني الدببة القطبية من صعوبة في التنقل من مكان لآخر وهذا طبعا لضعف في كثافة الجليد حيث كادت الدببة تنعدم في منطقة خليج هدسون في كندا. ومن الاحتمالات الكبيرة انه قد تفقد المنطقة القطبية الشمالية الجليد البحري قبل نهاية هذا القرن. وإذا حدث هذا فمن غير المرجح أن تحافظ الدببة القطبية على بقائها كنوع حيواني..
كما نظهر سلبية التغير المناخي- المتسبب في ذوبان الجليد- على المحاصيل الزراعيةّ، فمع ذوبان انهار الجليد في السلاسل الجبلية الكبرى في العالم تتأخر إمدادات المياه إلى الأنهار التي فقدت أكثر من ثلث مساحتها في منطقة الألب الأوروبية ومن ثمة تتأخر عملية السقي.
في منطقة الصين ذكرت الأكاديمية الصينية للعلوم أن 7 بالمائة من الأنهار الجليدية في البلد تختفي في كل سنة وفي سنة 2050 سيكون مصير حوالي 64 بالمائة من انهار الصين الاختفاء الكامل. فوفقا لهذه المعطيات سيقضى على حوالي 300 مليون شخص في غرب الصين القاحل اللذين يستفيدون من المياه الواردة من انهار الجليد من اجل بقائهم.
من جهة أخرى فان للجليد الذائب نسبة كبيرة في التسبب في ارتفاع نسبة منسوب البحر الذي زاد معدله بـ: 3 مليمتر في السنة بعدما كان يتراوح بين 1و 2 مليمتر. حيث أثبتت الدراسات أن صفيحة الجليد في جرينلاند (أكبر جزيرة في العالم) تذوب بسرعة اكبر من الجليد المتكون حديثا. فبارتفاع منسوب البحر يواجه سكان المدن الواطئة والمدن الساحلية حالات الغمر.
اسأل سكان الجزر..
كما هو معروف أن سكان القطب الشمالي يتأثرون بشكل خاص بالتغير البيئي بما في ذلك السكان الأصليين اللذين يناضلون من أجل الحفاظ على أسلوب الحياة التقليدية والتكيف مع هذه الأساليب الخاصة، لهذا فان ذوبان الجليد في الأرض دائمة التجمد في اللألاسكا وسيبيريا يحدث ضررا في المباني والطرق والبنى الأساسية الأخرى، إذ أن تغيير المناخ يعني فصول جليدية أقصر وطقس أدفأ مما يقلل من النشاط الزراعي والتوجه نحو صيد الحيوانات والأسماك فقط.