**التفسير العلمي لظاهرة الرعد والبرق **
البرق، هو تفريغ كهربائي، لامع وساطع للغاية، يحدث في طبقات الجو بسبب تكون شحنات كهربائية وتوزعها في السحب الركامية (تشبه السندان)، أو الغيوم إلي تحدث فيها العواصف الرعدية.
تحدث الصواعق، أو البروق، في العواصف الرعدية، وذلك لأن عملية التجميد التي تحدث في الطبقات العليا، تفصل بين الشحنات الموجبة والسالبة المتكونة. وبسبب حركة الهواء إلى الأعلى والأسفل تتباعد الشحنات الكهربائية، ويحصل نتيجة لذلك تفريغ كهربائي بين تلك الشحنات المتباعدة إما بين الغيوم ذاتها أو بين الغيوم المشحونة والأرض.
يسخن الهواء القريب من مكان التفريغ هذا حتى 50 ألف درجة فهرنهايتية!، يعني أسخن من سطح الشمس ذاته !!. وفي الحقيقة فإن ضربة البرق هذه تحمل من الحرارة خمسة أضعاف حرارة الشمس ذاتها.
ومع التبريد والتسخين السريعين للهواء القريب من مكان صاعقة البرق هذه، تتولد موجة صدمة؛ حيث " ينفجر" الهواء القريب منها فعليا، وهذا الانفجار يدوي بصوت مروع عالي الشدة والقوة، وهو ما نعرفه بالـ "الرعد".
أظن أننا نتخيل جميعا أن البرق، كما هو مفهوم من الشرح، ينتقل من الغيوم إلى الأرض، لكن في الواقع المظاهر تغشنا أحيانا..
ففي الواقع ينتقل البرق – كتفريغ شحنات كهربائية – على شكل قناة غير مرئية من الغيوم العالية إلى الأرض، وعندما يقترب من أي جسم على الأرض فإن فيض من الطاقة الكهربائية ذاك يعود في تلك القناة ويصبح البرق مرئيا!.
وحتى لو لم يكن الجو ماطرا فإن خطر صاعقة البرق لا يزال قائما، فعادة يحدث أن يضرب البرق خارج الغيوم الثقيلة الماطرة، لكن من الممكن أيضا أن يضرب حتى بعد 10 أميال من مكان وجود الغيمة!.
وهنا، في حال حصول عاصفة البرق، لا تفيد الأحذية المطاطية أو البلاستيكية في شيء، لكن لو كنت داخل السيارة فالأفضل أن تبقى داخلها ولا تغادرها، حيث يعمل السطح المعدني الخارجي للسيارة على حمايتك من الخطر المحدق الخارجي.. إذ يعمل جسم السيارة المعدني على نقل هذه الكهرباء وتفريغها في الأرض
** بنجامين فرانكلين ... وقصته مع هذه الظاهرة**
لقد قام العالم والمخترع والناشر والسياسي الأمريكي بنجامين فرانكلين ( 1706 ـ 1790 ) ببيان العلاقة بين البرق و الكهرباء بتجربة خطرة جدا ...
ففي عام 1752 ، طير فرانكلين طائرة ورقية في أثناء عاصفة رعدية . فسرت الكهرباء عبر خيط الطائرة المبتل إلى مفتاح معدني كان في الطرف الآخر للخيط . وعندما قرب فرانكلين إصبعه من المفتاح ، قفزت شرارة عبر الفجوة بينهما ، فاستنتج أن كهرباء السحب هي التي سببت الشرارة ، وأن التفريغ البرقي هو نوع من الشرر .
وفي عام 1753 .. أعلن عن اختراع قضيب مانع الصواعق ..
** نبذة عن قضيب مانع الصواعق**
ينتصب على أسطح معظم البنايات العالية قضيب يسمى " مانع الصواعق " يتصل بالأرض بموصل سلكي .
الشحنات السالبة في أسفل السحابة المقتربة تجتذب الشحنات الموجبة من الأرض ؛ فتتدفق هذه الشحنات على جزيئات الهواء صعدا إلى السحب حيث تبطل مفعول بعض الشحنات السالبة في السحابة . وقد يمنع هذا حدوث الصاعقة .
لكن إن لم يكن هذا كافيا وحصل تفريغ برقي فإن الكهرباء تسري عبر القضيب والموصل السلكي إلى الأرض دون حدوث أي أضرار .
ومن المعلوم أيضا أن مانعة الصواعق، لا "تمنع" الصواعق! ، لكنها تسهل مرورها إلى الأرض بأمان حيث يتم تفريغها.
ولو حصل أن ضربت أحدهم صاعقة – عافانا الله وإياكم - فعلى الأغلب سيفقد حياته بسبب التفريغ المريع للطاقة الكهربائية تلك، لكن، لو بقي على قيد الحياة بفضل الله ورحمته، فلا تظن أنك لو أمسكته ستتكهرب !، فجسم الإنسان ليس بطارية حية متنقلة، وفي كل الأحوال يجب أن يتم التعامل السريع مع المصاب والقيام بالإسعافات الأولية خشية من تضرر القلب بتلك الصدمة..
** فائدة البرق**
فوائد جمّة عُرِفت من خلال ما كشفه العلم الحديث. ونشير هنا إلى ثلاثة منها:
1 ـ السقي:-
من الطبيعي أنّ البرق تتولّد منه حرارة عالية جدّاً قد تصل بعض الأحيان إلى (15) ألف درجة مئوية، وهذه الحرارة كافية لأن تحرق الهواء المحيط بها، وفي النتيجة يقلّ الضغط الجوي، فيسبّب سقوط الأمطار. ولهذا السبب نرى هطول الأمطار الغزيرة بعد حدوث البرق.
2 ـ التعقيم:ـ
ونتيجةً للحرارة العالية التي يسبّبها البرق فسوف يزداد مقدار الأوكسجين في قطرات الماء، ويسمّى هذا الماء بالماء الثقيل أو الماء المؤكسد (h2o2) ومن آثاره قتل المكروبات، ولهذا السبب يستعمل لغسل الجروح، فعند نزول هذه القطرات إلى الأرض سوف تُبيد بيوض الحشرات والآفات الزراعية، ولهذا السبب يقال أنّ السنة الكثيرة الآفات الزراعية هي السنة القليلة البرق والرعد.
3 ـ التغذية والتسميد:ـ
تتفاعل قطرات الماء مع الحرارة العالية للبرق لتنتج حامض الكاربون، وعند نزولها إلى الأرض وتركيبها مع محتوياتها تضع نوعاً من السّماد النباتي، فتتمّ تغذية النبات من هذا الطريق.
يقول بعض العلماء: إنّ مقدار ما ينتجه البرق من الأسمدة في السنة يصل إلى عشرات الملايين من الأطنان، وهذه كميّة كبيرة جدّاً.
وعلى أيّة حال نرى من خلال ظاهرة طبيعيّة صغيرة كلّ هذه المنافع والبركات، فهي تقوم بالسقي ورشّ السموم والتغذية، فيمكن أن تكون دليلا واضحاً لمعرفة الله، كلّ ذلك من بركات البرق. كما أنّه يمكن أن يكون البرق عاملا مهمّاً في إشعال الحرائق من خلال الصاعقة، وقد تحرق الإنسان أو الأشجار، ومع أنّها نادرة الحدوث ويمكن الوقاية منها، فهي مع ذلك عامل خوف للناس، فمفهوم الخوف والطمع للبرق قد يكون إشارة إلى جميع هذه الأُمور.
ويمكن أن تكون الجملة (وينشىء السحاب الثقال) لها علاقة بالبرق الذي يصنع هذه الغيوم المليئة بالمياه.
الآية الأُخرى تشير إلى صوت الرعد الذي يتزامن مع البرق (ويسبّح الرعد بحمده)(1).
نعم، فهذا الصوت المدوّي في عالم الطبيعة يُضرب به المثل، فهو مع البرق في خدمة هدف واحد ولهما منافع متعدّدة كما أشرنا إليها، ويقومان بعملية التسبيح، وبعبارة أُخرى فالرعد لسان حال البرق يحكي عن عظمة الخالق وعن نظام التكوين. فهو كتاب معنوي، وقصيدة غرّاء، ولوحة جميلة وجذّابة، نظام محكم ومنظّم ومحسوب بدقّة، وبلسان حاله يتحدّث عن علم ومهارة وذوق الكاتب والرسام والمعمار ويحمده ويثني عليه، كلّ ذرّات هذا العالم لها أسرار ونظام دقيق. وتحكي عن تنزيه الله وخلوّه من النقص والعيوب (وهل التسبيح غير ذلك؟!).
**دعاء عند حدوث البرق والرعد**
عن عبد الله بن الزبـير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الـحديث وقال: « سُبْحانَ الَّذي يُسَبِّحُ الرَّعْدَ بِحَمْدِهِ والـملائِكَةُ مِنْ خِيفَتِه» (3 مرات) من قال ذلك عوفـي من ذلك الرعد . رواه مالك في الـموطأ
ــــــــــــــــــــــــــــ