صلاة الكسوف والخسوف
روي عن ابنِ عمر في صحيح البخاري/1402 وصحيح مسلم/914 :
أَنه كان يخبِر عن النبي صلى الله عليه وسلم : إِن الشمس والقمر لا يخسفانِ لموت أَحد ولا لحياته
ولكنهما آيتانِ من آيات اللّه فإِذا رأَيتموها فصلوا.
صلاة الكسوف والخسوف سنة ثابتة مؤكدة باتفاق الفقهاء.
وهي مشروعة حضراً وسفراً للرجال والنساء،
أي في حق كل من هو مخاطب بالمكتوبات الخمس:
لأنه صلى الله عليه وسلم فعلها لكسوف الشمس، ولخسوف القمر،
وللصبيان والعجائز حضورها كالجمعة والعيدين.
ينادى لها: "الصلاة جامعة"،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم (بعث منادياً ينادي: الصلاة جامعة)
متفق عليه.
- يقال: كُسُوف وخُسُوف للشمس والقمر..
وكسوف للشمس وخسوف للقمر.
لافرق بين صلاة الخسوف والكسوف في صفة صلاتهما .
معنى الكسوف والخسوف:
والكسوف: هو ذهاب ضوء الشمس أو بعضه في النهار
لحيلولة ظلمة القمر بين الشمس والأرض.
والخسوف: هو ذهاب ضوء القمر أو بعضه ليلاً
لحيلولة ظل الأرض بين الشمس والقمر.
أنقل لكم أخوتي في الله فتوى فضيلة العلامة الشيخ ابن باز _رحمه الله
_ في صلاة الكسوف والخسوف وصفتها
، وقد وردت في مجموع فتاوى الشيخ المجلد الثالث عشر.
فأسأل الله أن ينفعنا بها.
الأسئلة
س: ما صفة صلاة الكسوف والخسوف ، وهل هناك فرق بينهما
، وما رأي سماحتكم حول ما ينشر في الصحف عن بدء وانتهاء الخسوف والكسوف؟
ج: قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة صفة صلاة الكسوف
، وأمر أن ينادى لها بجملة: الصلاة جامعة.
وأصح ما ورد في ذلك في صفتها :
أن يصلي الإمام بالناس ركعتين
في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان
ويطيل فيهما القراءة والركوع والسجود
وتكون القراءة الأولى أطول من الثانية ،
والركوع الأول أطول من الركوع الثاني
وهكذا القراءة في الركعة الثانية
أقل من القراءة الثانية في الركعة الأولى
، وهكذا الركوع في الركعة الثانية
أخف من الركوعين في الأولى.
أما السجدتان في الركعتين
فيسن تطويلهما تطويلا لا يشق على الناس
؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك ،
ثم بعد الصلاة يشرع للإمام إذا كان لديه علم أن يعظ الناس
ويذكرهم ويخبرهم أن كسوف الشمس والقمر آيتان من آيات الله
يخوف الله بهما عباده ،
وأن المشروع للمسلمين عند ذلك الصلاة وكثرة الذكر والدعاء
والتكبير والعتق والصدقة حتى ينكشف ما بهم
لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد
ولا لحياته ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده
فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم
وفي رواية أخرى :
فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره
وجاء في بعض الأحاديث : الأمر بالصدقة والعتق .
أما أخبار الحسابين عن أوقات الكسوف فلا يعول عليها
، وقد صرح بذلك جماعة من أهل العلم ، منهم:
شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما ؛
لأنهم يخطئون في بعض الأحيان في حسابهم ،
فلا يجوز التعويل عليهم ،
ولا يشرع لأحد أن يصلي صلاة الكسوف بناء على قولهم ،
وإنما تشرع صلاة الكسوف عند وقوعه ومشاهدته.
فينبغي لوزارات الإعلام منع نشر أخبار أصحاب الحساب
عن أوقات الكسوف حتى لا يغتر بأخبارهم بعض الناس ؛
ولأن نشر أخبارهم قد يخفف وقع أمر الكسوف في قلوب الناس ،
والله سبحانه وتعالى إنما قدره لتخويف الناس وتذكيرهم
؛ ليذكروه ويتقوه ويدعوه ويحسنوا إلى عباده
. والله ولي التوفيق .
س: جاء في حديث ابن عباس أنه صلى ثماني ركعات في أربع سجدات ،
وعن علي رضي الله عنه مثله ،
وعن جابر رضي الله عنه صلى ست ركعات بأربع سجدات
وهذه الأحاديث صححها الإمام مسلم وخرجها في صحيحه ،
وصححها إسحاق بن راهويه ، وابن خزيمة ، والصبغي ، والخطابي و غيرهم
وأعلها آخرون واحتجوا بأن الكسوف لم يقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة
- كما تعلمون - فما رأي سماحتكم
وهل ثبت ما يدل على أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
إلا مرة واحدة ؟
ج: الأصح في صلاة الكسوف ، هو ما اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحيهما
من كون النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين حين كسفت الشمس
يوم مات ابنه إبراهيم ،
في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان .
هذا هو الأصح عند المحققين من أهل العلم ،
وما زاد على ذلك فهو وهم من بعض الرواة أو شاذ
لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه إنما صلى الكسوف مرة واحدة ، في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم
. فظن بعض الناس أنها كسفت لموته فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله
لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ،
وإنما يرسلهما الله لتخويف عباده وتذكيرهم وتحذيرهم
. والله الموفق
رحمك الله يا شيخ، فتأملوا بارك الله فيكم في سعة علم الشيخ وفقهه
، فقد نبّه رحمه الله على ما في تناقل أخبار الكسوف والخسوف
من قبل وسائل الإعلام المختلفة من أثر سيئ على عوام الناس
فلا ترى أحداً يتدبر في آيات الله بل أصبحت كأنها حدثٌ سياحي
يستأنسون به بدل أن يتضرعوا إلى الله ليكشف عنهم ما أصابهم.
والمتأمل في وسائل الإعلام اليوم يرى أنها تعج بالمقالات
التي تنبه إلى زمن حدوث الخسوف أو الكسوف
وأثر مشاهدتها على العين المجردة
وغيرها من الأمور الثانوية ولا تكاد ترى مقالاً واحداً
يتكلم عن صفة صلاة الخسوف ! ! !
فالحمد لله أولاً وآخراً.
س2: ما حكم صلاة الكسوف ، وهل يدل قوله صلى الله عليه وسلم:
فإاذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا
وقوله صلى الله عليه وسلم: فافزعوا إلى الصلاة على الوجوب؟
ج2: صلاة الكسوف سنة مؤكدة ؛ لما ورد فيها من الأحاديث الصحيحة ،
وليست واجبة عندأهل العلم ؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لما سأله بعض الوفود عن الصلاة ،
وأخبره بأن عليه الصلوات الخمس ، فقال السائل: هل علي غيرها؟
قال :لا إلا أن تطوع .
س3: ورد أنه ينادى لصلاة الكسوف بـ ( الصلاة جامعة)
فهل يقولها مرة واحدة ، أو يشرع تكرارها ، وما مقدار التكرار ؟ .
ج3: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن ينادى
لصلاة الكسوف بقول الصلاة جامعة
والسنة للمنادي أن يكرر ذلك حتى يظن أنه أسمع الناس ،
وليس لذلك حد محدود فيما نعلم .
والله ولي التوفيق .
س4: هل الغاية في قوله صلى الله عليه وسلم: فإذا رأيتموهما فصلوا
وادعوا حتى يكشف ما بكم
لمجموع الأمرين بحيث إنه لو سلم من الصلاة ولم ينجل أطال الدعاء حتى
ينجلي ، أم أن الغاية للصلاة فقط بحيث لو سلم ولم ينجل كررالصلاة؟
ج4: الصلاة لا تكرر ، ولكن يشرع للمسلمين
الإكثار من الاستغفار والذكر والتكبير والصدقة والعتق ؛
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الأمة بذلك عند وجود الكسوف.
س5: هل تسن الخطبة بعد صلاة الكسوف؟
ج5: تسن الخطبة بعد صلاة الكسوف ؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، وقد
قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
وقال النبي صلى الله عليه وسلم(: من رغب عن سنتي فليس مني)
ولما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين ،وتفقيههم في الدين
، وتحذيرهم من أسباب غضب الله وعقابه.
ويكفي أن يفعل ذلك وهو في المصلى بعد الفراغ من الصلاة.