شبكة النبأ: خاضت الكثير من الأنظمة الحاكمة قديماً وحديثاً دوراً تعسفياً لفرض نفسها على المواطنين، كما لعبت الأفكار والنظريات السلبية في خلق مناخ يسوده العنف بكل أنواعه تحت ظل هذه الأنظمة. وللتعذيب الذي يستهدف الإنسان شأن خاص قد يقوض انجازات البلد المعني مع مرور الزمن، وبالتالي تنكشف ملفات التعذيب لتحدث تغييرا في الأنظمة التعسفية.
ولو توقفنا عند معنى "التعذيب" نجده أنه معنىً عامٌّ يُستعمل لوصف أي عمل يُنزل آلامًا جسدية أو نفسية بإنسان ما وبصورة متعمدة ومنظمة كوسيلة من وسائل استخراج المعلومات أو الحصول على اعتراف أو لغرض التخويف والترهيب أو كشكل من أشكال العقوبة أو وسيلة للسيطرة على مجموعة معينة تشكل خطرا على السلطات، ويستعمل التعذيب في بعض الحالات لأغراض أخرى كفرض مجموعة من القيم والمعتقدات التي تعتبرها الجهة المُعذِبة قيمًا أخلاقية.
وتقول رسالة الأمين العام بشأن اليوم الدولي لدعم ضحايا التعذيب التي صدرت في يوم الثلاثاء 26 حزيران/يونيه 2007: إن اليوم الدولي لدعم ضحايا التعذيب هو مناسبة لتأكيد الحظر الصريح والمطلق للتعذيب ولجميع أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وهو أيضا فرصة للتعبير عن التضامن مع معاناة ضحايا التعذيب وأسرهم، ولتأكيد الحاجة من جديد إلى التزام عالمي بإعادة تأهيل جميع ضحايا المعاملة السيئة بجميع أشكالها.
وهذا اليوم هو يوم خاص من جوانب أخرى أيضا. فهو يصادف الذكرى العشرين لدخول اتفاقية مناهضة التعذيب حيز النفاذ. وبعد عقدين من الزمن لا تزال مع ذلك هذه الاتفاقية لم يصادق عليها عالميا. واليوم فإني أحث جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي لم تنضم بعد إلى الاتفاقية على أن تفعل ذلك، وأن تنظر في إمكانية الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية. فهذا البروتوكول ”الاختياري“ يتضمن العديد من القواعد الملزمة، بما في ذلك ممارسة رقابة حيوية على التعذيب من خلال نظام دولي للزيارات الوطنية إلى أماكن الاحتجاز.
التعذيب والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يعتبر التعذيب بكافة أنواعه منافيًا للمبادئ العامة لحقوق الإنسان التي تم الإعلان عنها بتاريخ 10 ديسمبر 1948 وتم التوقيع عليها من قبل العديد من الدول سواء في معاهدة جنيف الثالثة الصادرة بتاريخ 12 أغسطس 1949 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب أو معاهدة جنيف الرابعة بتاريخ 1949 م المتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب.
في عام 1987 م تم تشكيل لجنة مراقبة ومنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة والتي تضم في عضويتها 141 دولة وبالرغم من توقيع العديد من الدول على هذه الاتفاقيات إلا أن توقعات منظمة العفو الدولية تشير إلى أن معظم الدول الموقعة لا تلتزم بتطبيق البنود الواردة في المعاهدات المذكورة، وهناك جدل حول استعمال كلمة "تعذيب"، حيث يتم في بعض الأحيان استعمال تعبير "سوء المعاملة" أو "التعسف" أو "التجاوزات" أو "وسائل قريبة من التعذيب" وخاصة من قبل الجهات التي قامت بعمليات التعذيب، حيث يعتقد البعض أن لكلمة "التعذيب" مدلول محدد يشير إلى شخص يحاول عبر كل الوسائل "انتزاع المعلومات"، من جهة أخرى فإن تعريف كلمة التعذيب كما ورد في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب هو:
"الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية" [1].
ويرى البعض أن توفر غرض محدد من إلحاق الأذى، هو الفيصل في التمييز بين التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية، إذ لابد من توفر الغرض المحدد في التعذيب [2].
التعذيب عبر التاريخ
في العصور القديمة كان التعذيب يستعمل عادة كوسيلة لاختبار مزاعم أو تهمة معينة، وكان متعلق عادةً بكسر عرف أو مبدأ ديني، وكانت الفكرة الرئيسية تكمن في كشف ما اعتقده القائمون بالتعذيب بأن شخصًا ما قد يكون مسكونًا بالشيطان أو بأية قوىً أخرى لا تتماشى مع العقيدة الدينية السائدة في تلك المجتمعات وهناك وسيلتين مُوثّقَتين حول استعمال التعذيب لهذا الغرض وهما [3]:
- وضع عصابة على العين وإجبار المتهم بان يمشي على شيء محترق ذي حرارة عالية وفحص قدمي الشخص بعد 3 أيام فإذا كانت هناك آثار للحروق فإن التهمة كانت تعتبر مؤكدة.
- استخراج حجر مستقر في قاع ماء مغلي وفحص اليد بعد ذلك فإن كانت محترقة فإن احتراقها كان كفيلا بإلصاق التهمة.
في اليونان القديمة كان العبيد فقط يتعرضون للتعذيب لغرض معرفة الحقيقة وكان استعمال هذا الأسلوب محصورا على الأحرار وبالإضافة إلى هذا كان هناك قانون يُحظر استعمال التعذيب مع العبيد لغرض استخراج معلومات منهم عن أسيادهم [4]. ويظهر تعذيب العبيد والمستضعفين جليا في بداية ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية حيث تم تعذيب بعض المسلمين على يد أهل مكة ومنهم بلال بن رباح على يد أمية بن خلف وعمار بن ياسر على يد أبي جهل [5].
في القرون الوسطى وبالتحديد في القرن 13 تم استعمال التعذيب مع المهرطقين من قبل الكنيسة الكاثوليكية وبعد تشكيل محاكم التفتيش أصدر البابا إينوسينت الرابع في عام 1252 م مرسومًا باستعمال التعذيب ضد المتهمين بالهرطقة للحصول على المعلومات منهم [6]. كانت إحدى الوسائل المشهورة في التعذيب أثناء هذه الفترة عبارة عن تعليق المتهم بواسطة حبل مربوط بالسقف في أوضاع غير مريحة كانت تؤدي إلى خلع مفاصل الجسم حتى قبل الشروع في عملية التعذيب [7].
في الولايات المتحدة الأمريكية
إزالة المؤثرات الحسية كوسيلة للتعذيب في معتقل جوانتانامو بتاريخ 20 سبتمبر 1996 حيث قامت وزارة الدفاع الأمريكية برفع السرية عن 7 مجلدات منهجية كانت تدرس في مؤسسة العالم الغربي الأمنية ما بين العامين 1987 م - 1991 م [8] ، يوجد في المجلدات المذكورة تفاصيل دقيقة عن استعمال أساليب "عنيفة" لغرض الاستجواب وانتزاع المعلومات [9] [10] ، ومن الجدير بالذكر أن مؤسسة العالم الغربي الأمنية الواقعة في ولاية جورجيا تُعتبر من قبل البعض مدرسة للاغتيالات. في السنوات الأخيرة ظهر على السطح مصطلح جديد وخطير ألا وهو التعذيب بالإنابة والتي هي عبارة عن إرسال متهمين غير محاكمين حسب القوانين الأمريكية إلى دول أخرى لغرض الاستجواب وتلك الدول الأخرى ليست ملتزمة باتفاقية مناهضة التعذيب [11] ، استنادا على تصريح من السياسي السويسري والعضو في البرلمان السويسري ديك مارتي في يناير 2006 م فإن قرابة 100 شخص قد تم اختطافهم على الأراضي الأوروبية من قبل وكالة المخابرات الأمريكية وتم نقلهم إلى دول أخرى لغرض استجوابهم عن طريق التعذيب [12] ومن الدول التي تم نقل المختطفين إليها: مصر، الأردن، المغرب، أوزبكستان، سوريا [13] [14] [15]. على الصعيد الداخلي هناك بعض الحوادث الموثقة حول قيام الشرطة الأمريكية بتعذيب الموقوفين ومنها قيام أفراد في شرطة نيويورك بالاعتداء الجنسي وممارسة التعذيب بحق أبنير لوويما المهاجر من هايتي في 1997 م [16] ، وقيام أفراد في شرطة شيكاغو بالتعذيب عن طريق الصعقات الكهربائية في الثمانينيات [17].
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والحرب على الإرهاب وعملية غزو العراق 2003 ظهرت تقارير متعددة عن استعمال وكالة المخابرات الأمريكية التعذيب بصورة روتينية وكان أول التقارير ما نشرته صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 26 ديسمبر 2002 عن استعمال وسيلة الغمس داخل حوض مائي لحد الاختناق وإزالة كل المؤثرات الحسية للمسجون بوضع عصابة على العينين وصم الأذنين في سجن أبو غريب ومعتقل جوانتانامو [18] [19] ووصلت فضيحة سجن أبو غريب إلى الاهتمام العالمي بتاريخ 28 أبريل 2004 عندما قدم البرنامج الأمريكي الأخباري 60 دقيقة من على شبكة CBS تقريرًا مفصلًا عن التعذيب في سجن أبو غريب [20] وفي رد رسمي من الولايات المتحدة الأمريكية دافع رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية اللواء ريتشارد مايرز، عن القواعد التي وضعها الجيش الأمريكي لاستجواب المعتقلين، واصفا إياها بأنها "ملائمة"، ورافضا في الوقت ذاته ما قيل عنها بأنها خرقت اتفاقية معاهدة جنيف للتعامل مع الأسرى [21]. للإطلاع على ملف فضيحة سجن أبو غريب يمكنك قراءة هذا الرابط [22].
النواحي النفسية للتعذيب
في السابق كان هناك اعتقاد شائع بأن الشخص القائم بالتعذيب لابد أن يتحلى بصفات عدائية أو عنيفة في شخصيته ولكن وبعد الحرب العالمية الثانية جرت العديد من الدراسات الأكاديمية لتحليل ظاهرة الطاعة العمياء لأوامر قد تعتبر لا أخلاقية ففي الستينيات قام العالم النفسي ستانلي ملغرام (1933 م - 1984 م) بإجراء تجربته المشهورة في جامعة يايل والمعروفة باختبار ملغرام [23] في محاولة منه لتفسير ظاهرة التنفيذ الأعمى لعمليات الهولوكوست من قبل الجنود العاديين وبعد ملغرام وفي عام 1971 قام عالم النفس الأمريكي فيليب زمباردو (مواليد صقلية 1933 م) [24] بإجراء اختبار سجن ستانفورد واستنتج زمباردو أن الأشخاص العاديين وبمختلف المستويات الاجتماعية والثقافية معرضون للانصياع والطاعة العمياء عندما يتعرضون لنظام أيديولوجي يحظى بدعم اجتماعي ومؤسساتي وقال بأن الوضع أو الواقع هما اللذان سببا سلوك الأفراد أكثر من أي شيء موروث في شخصياتهم [25].
هناك احتمالات أخرى واردة في علم النفس لتفسير تحول إنسان بسيط إلى جلاد ومنها [26]
مدى قبول ظاهرة التعذيب في الوسط الذي يعيشه أو يعمل به ومدى ممارسة أفراد الوسط أو زملاء العمل لظاهرة التعذيب فالإنسان بصورة عامة يجنح إلى الاندماج والتأقلم مع الوسط لكي يشعر بأنه جزء من المجموعة.
التنفيس عن مكبوتات فرضها المجتمع أو السلطة أو الدين على الأجزاء الغريزية في لاوعي الإنسان.
المتعرض للتعذيب
بالرغم من وجود الجانبين الجسدي والنفسي للتعذيب إلا أن الآثار النفسية تعتبر أكثر أهمية لكونها تبقى مع الشخص لفترة طويلة وتكون لها على الأغلب بصمات مزمنة في العديد من مجالات الحياة [27] . استنادا إلى أحد الكتب المنهجية لوكالة المخابرات الأمريكية فان عملية التعذيب تؤدي إلى تقهقر الإنسان إلى مراحل بدائية على عدة مستويات منها عدم قدرته على إنتاج أعمال إبداعية عالية المستوى وعدم القدرة على التعامل مع القضايا والمواقف المعقدة أو عدم القدرة على مواجهة الأزمات والمواقف المحبطة وعوائق عديدة في تواصل علاقات الشخص مع المحيطين به نتيجة لعامل الشعور بالعار والخضوع وفقدان الشعور بأهمية الذات وعدم القدرة على تغيير الواقع والخضوع للمتغيرات وانعدام الأمل بمستقبل مشرق وفقدان الكبرياء وعزة النفس نتيجة لبعض أساليب التعذيب [28].
هناك الكثير من التجارب التي تمت في القرن العشرين على الحيوانات بالإضافة إلى الإنسان وأدت إلى نتائج مفادها أن جرعة معينة من الألم الجسدي والنفسي قد يؤثر بصورة ايجابية على قدرات الفرد العقلية والجسدية لتحفيزه الأدرينالين ولكن هذه الجرعة إذا استمرت فإن الشخص يدخل إلى منطقة ضبابية من الإدراك يعرضه إلى قبول أية فكرة حتى إذا كانت منافية للمنطق أو مبادئ الشخص وهذه الفترة يستعمل عادة في ما يُسمى بعملية غسل الدماغ [29] وفي بعض الأحيان يظهر الشخص المتعرض لعملية التعذيب تعاطفا مع جلاده وتعرف هذه الظاهرة النفسية المعقدة بمتلازمة ستوكهولم [30] وفي بعض الأحيان ولفقدان شعور الشخص الذي تعرض للتعذيب بوجوده ككينونة فإنه يلجأ إلى تعذيب نفسه أو إلحاق الأذى الجسدي بنفسه كمحاولة لإثبات أنه مازال موجودا [31].
من الآثار النفسية الشائعة للتعذيب بعد انقضاء فترة التعذيب هي الأرق والقلق وانعدام القدرة على التركيز والكوابيس أو ومضات من التذكر الدقيق لتفاصيل التعذيب بالصوت والصورة وقد يتطور الأمر إلى صعوبات في الذاكرة والقدرة الجنسية والعلاقات الاجتماعية والخوف أو الرهاب والوسوسة والهلوسة والكآبة [32].
من أشهر الأمراض النفسية التي قد يكون الشخص المتعرض للتعذيب عرضة لها هو مرض توتر ما بعد الصدمة [33].
أنواع ووسائل التعذيب
التعذيب الجسدي وهو أكثر الأنواع شيوعا وتشمل الكوي وقلع الأسنان أو الأظافر واستعمال العصي أو السوط أو الهراوة بالإضافة للغمس في الماء المغلي أو الماء البارد والإخصاء وتشويه الوجه والأجزاء الظاهرة من الجسم وسلخ الجلد والتجويع أو الإجبار على الإفراط في الأكل والسحل أو السحق والتعليق بواسطة الحبال في أوضاع غير مريحة والصعقات الكهربائية [34].
التعذيب النفسي باستعمال أساليب تلحق آلاما نفسية وقد تشمل الإيحاء بأن الشخص على وشك أن يتم قتله والحبس الانفرادي والابتزاز والإجبار على مشاهدة شخص آخر يتم تعذيبه وإجبار الشخص بأن يقوم بتعذيب شخص آخر أو إجباره على مشاهدة اعتداء جنسي أو استغلال خوف أو رهاب المعتقل من شيء ما واستعماله ضده أو منع الشخص من النوم أو إزالة المؤثرات الحسية بوضع عصابة على العينين وصم الأذنين أو إجبار الشخص على الكفر بمعتقداته الدينية أو إهانة مقدساته وحلاقة شعر الرأس وخاصة للسيدات أو الإهانة العلنية بإجبار الشخص على التعري على الملأ أو إجباره على الاشتراك في عمليات جنسية والتحكم بدرجة حرارة مكان الاعتقال [35].
التعذيب بواسطة مواد كيماوية مثل إضافة الملح إلى جروح الشخص أو إيلاج الفلفل الحار أو البهارات إلى الأغشية المخاطية في الجسم أو إجبار الشخص على تناول بعض العقاقير التي تؤدي إلى أعراض جانبية غير مريحة [36].
التعذيب الجنسي عن طريق الإغتصاب أو إجبار المعتقل على القيام بفعاليات جنسية رغما عن إرادته أو إجبار المعتقل على الجلوس على زجاجة أو ما شابه من الأشياء [37].
التعذيب بالنوم وله نوعان وهو إما إجبار المعتقل على النوم لفترات طويلة مما يؤدي لضمور عضلاته أو منعه من النوم لفترات طويلة مما يؤدي إلى فقدانه للتركيز والهلوسة وإصابته بالوهن.
أساليب التعذيب
يواصل الانسان ابتكار أساليب مختلفة لا حصر لها لإلحاق الألم بالبشر. كالعنف والترهيب لانتزاع معلومات أو لإجبار الضحية على الاعتراف قسراً; لتحطيم الشخص جسدياً وعقلياً; لترويع فئات معينة أو مجتمعات بأكملها; لمعاقبة الأفراد أو إذلالهم.
يمكن تصنيف طرق التعذيب إلى طرق جسدية وأخرى نفسية. وعمليا غالباً ما يقع المزج بينهما وتتسبب الطرق الجسدية أساسا" في آلام حادة وإنهاك شديد. أما التعذيب النفسي فيعود إلى الألم الذهني الشديد والخوف والرهبة.
فالضرب هو الأكثر شيوعاً بين أساليب التعذيب يكون الضرب بالقبضات، وبالعصي، وكعوب البنادق والسياط، والأنابيب الحديدية، وأسلاك الكهرباء...
وبحسب منظمة العفو الدولية وردت أنباء عن وقوع حالات تعرض للضرب في ما يزيد على 150 دولة. ومن الأساليب الشائعة للتعذيب الصدمات الكهربائية (أكثر من 40 دولة)، الاغتصاب والاعتداءات الجنسية في الحجز واستخدام الأدوات الحادة وإيلاجها في فتحات الجسم (أكثر من 50 دولة)، تعليق الجسم من السقف من ذراع واحدة والتعليق في وضع مقلوب، والتعليق من الرسغين (أكثر من 30 دولة) إيهام الضحية بأنه سيُعدم أو التهديد بقتله (أكثر من 50 دولة)، الحبس الانفرادي لفترات مطولة (أكثر من 50 دولة).
ومن الأساليب الأخرى الغمر في الماء، وربط الشخص إلى مؤخرة سيارة ثم جره خلفها، وكذلك تعذيب الأسنان، والتقييد في أوضاع مؤلمة أشد الألم. الحرق بالسجاير أو الأدوات المحماة أو السوائل الحارقة أو المواد الكيماوية، الخنق باستخدام أساليب سائلة أو جافة مثل الإغراق أو كتم النفس أو تعويقه أو استخدام المواد الكيمائية، التشويه، وتهشيم الأعضاء أو دحرجة أسطوانة ثقيلة لإيذاء الفخذين أو الظهر الإصابات الحارقة وغرز الأسلاك تحت الأظافر والتعريض للتفاعل الكيمائي مع الملح أو الفلفل الحار أو البنزين بوضعها في الجروح أو فتحات الجسم وجعل المعذبين يستنشقون روائح كريهة.
تهشيم أو إزالة الأصابع أو الأطراف، والبتر الطبي للأصابع أو الأطراف أو الإزالة الجراحية للأعضاء وانتزاع الأظافر وغرس الدبابيس تحتها، وهناك التعذيب باستخدام العقاقير مثل إعطاء جرعات سامة من المسكنات أو العقاقير المرخية للأعصاب أو المشلة للحركة.
كما هناك سوء أحوال الاحتجاز مثل الإيداع في زنزانة صغيرة والتعريض للبرد والحر الشديدين والحرمان من الاختلاء بالنفس أو الإكراه على العري والحرمان من المنبهات الطبيعية للحواس مثل الصوت أو إدراك الوقت وفرض العزلة والتحكم في نور الزنزانة والمساس بالاحتياجات الطبيعية والحد من النوم وعدم الانتظام في توفير الطعام والماء أو تقديمه ملوثين والحرمان من استعمال المراحيض والاستحمام والنشاط الحركي والرعاية الطبية والاتصال الاجتماعي والعزل داخل السجن وفقدان الاتصال بالعالم الخارجي.
أما الأساليب النفسية فمنها:
الإهانات والتعدي اللفظي أو أداء أفعال مشينة التهديد بالموت أو بإيذاء الأسرة أو متابعة التعذيب أو السجن أو تمثيل عملية إعدام صورية على سبيل الإيهام والتهديد بإطلاق حيوانات لمهاجمته مثل الكلاب والقطط والفئران والعقارب إرغام المعذّب على الخيانة وإكسابه الإحساس بالعجز التام وتعريضه لأوضاع ملتبسة أو إعطاؤه إيحاءات متضاربة والإكراه السلوكي مثل الإرغام على ممارسات منافية للدين أو الإرغام على التسبب في ضرر لآخرين
والحبس الانفرادي حيث يخضع السجناء للعزلة الشديدة والحرمان من التمتع باستخدام الحواس. فهم يقضون في العادة ما بين 22 و24 ساعة في اليوم محبوسين في زنازين صغيرة انفرادية، يأكلون فيها وينامون ويقضون حاجتهم.
وقد تكون العزلة لفترات طويلة ذات أثر بالغ الضرر بالإنسان.
أضف إلى ذلك أن التعذيب الجسدي غالبا ما يترك شعورا بالعجز، والقمع والكبت، والخوف.
وقد أثَّرت التطورات التكنولوجية على وسائل ممارسة التعذيب وإمكانات مكافحته على السواء. فقد طُورت أجهزة الصدمات الكهربائية لأغراض تقييد الضحية، أو السيطرة عليه، أو معاقبته.
عواقب التعذيب
يستتبع التعذيب عواقب طويلة الأجل وعميقة الأثر على الضحية، وعلى أسرته ككل. وتكون أسوأ العواقب بالنسبة للناجين هي العواقب النفسية. فيظل يطارد الكثيرين منهم الشعور العميق بالذنب والعار: الذنب لأن النجاة كانت من حظهم ولم تكن من نصيب آخرين كما يشعر بأنه مذنب في حق عائلته لأنه المسؤول على ما آلوا إليه، والعار لأن المعلومات التي أدلوا بها تحت وطأة التعذيب ربما تكون السبب في تعرض أصدقاء للأذى.
أكثر السمات تمييزاً للآثار النفسية للتعذيب هي مشاكل الأرق الكوابيس المتواترة حول فترة السجن والتعذيب ما يبعث فيهم قلقا" كبيرا". كما يعانون الأعراض الانفعالية (القلق والإكتئاب المزمنين) والإحساس الذاتي بتغيير الهوية. والقلق إذ ما وجدوا أنفسهم في قاعات صغيرة أو تواجهوا مع أصحاب الزي الرسمي ويصحبون سريعي الغضب متوترين ويجدون صعوبة في التحكم في مشاعرهم ويعانون من ضعف الذاكرة وقدرة على التركيز محدودة من بين الآثار النفسية الخطيرة جداً أيضا نزعة الناجين من التعذيب الى الانزواء إذ تقوي الزنزانات الضيقة والمعتمة القلق والشعور بالوحدة لدى السجين.
كما يشكو المعذّبين من آلام في الرأس وضعف في الـتـركيز والذاكرة واضطرابات ادراكية ودوار وارهاق وغيبوبة ناتجة عن نقص في التنفس وحاجة للأكسجين في الدماغ وضعف الذاكرة.
الآثار الجسدية:
يتعرض السجناء لتغيير قوي جداً في الحرارة والبرودة دون أن تتوفر لهم الحماية الكافية ما يقلص قدرتهم على الصمود ويجعلهم معرضين للاصابة بالتعفن الاسهال والتهاب الكبد والأمراض الصدرية المزمنة التي قد تنتهي بالموت.
أما نوعية الطعام فسيئة وتفتقر الى البروتينات والملاح المعدنية والفيتامينات ما يضعف من المناعة ويسبب نقصاً كبيراً في الوزن وتسبب تهيج القولون واضطرابات في التغوط ناتجة أيضا عن حرمان المساجين من الذهاب المنتظم الى المراحيض.
ويصابون بالكسور وانخلاع المفاصل والأورام الدموية والجروح والحروق والرضوض في الجمجمة وافات الأعصاب والأوردة الأمراض المنقولة جنسيا" والخمج الشامل والنزف الداخلي الذي يؤدي إلى موت العديدي من المساجين تحت التعذيب.
ويطال تأثير التعذيب الأعضاء المختلفة:
- إذ تصاب العيون برمد مزمن ناجم عن استعمال كاغول، ونقص في حدة البصر ومشاكل بالفقرات العنقية.
- الأذن والأنف والحنجرة: يؤدي ضرب الرأس والوجه الى الام في الأذن والأنف والحنجرة وثقب لطبلة الأذن وجروح في الأذن وجروح في الأذن الباطنة والتهابات مزمنة للأذن الوسطى. وكثيرا ما يشتكى من نقص في السمع ومن الدوار وطنين وآلام في الأذنين كما يشتكى من مشاكل في مسالك الأنف وكسور.
- تعاني الأسنان من كسور ناجمة عن لكمات أو تسديد ضربات على الوجه. كما يعاني المعذّبون من التهاب اللثة ناتج عن سوء التغذية ونقص في صحة الأسنان ما يسبب أيضا آلام في الأسنان وبتسوسها ونزف في اللثة وخلل وظيفي في الأسنان ويمكن أن يسبب هذا آلاما في الرأس وأوجاعا في الوجه.
- وتتأثر الرئتان إذ يصاب ضحايا التعذيب بالسعال الدائم ومرض السل.
- كما يشتكي ثلاثة ناجين من التعذيب من أربعة من أعراض مرض القلب خصوصا الآلام حادة في المنطقة البركية كما يسجل خفقان للقلب واضطرابات في التنفس.
- ويشتكي 70 % من الناجين من مرض في القناة الهضمية وآلام خاصة بالقروح وأوجاع وحموضة أو غثيان أو تقيؤ وانخفاض في الوزن ناتج عن بكتيريا حلزونية، أو عن حالة ضغط نفسي طويل المدى وتغذية سيئة وضعف للمناعة والامساك أو الأسهال، والاصابة بالتهاب الكبد ومن داء البلهرسيات وحمى المالاريا والدود.
- وتعاني النساء اضطرابات حيضية بسبب قلة الطمث وآلاما في أسفل البطن وفي القسم السفلي للمنطقة القطنية ومشاكل تبول وتغوط وخلل وظيفي في المفاصل وفي عضلات الحوض وغالبا ما يشتكي الرجال فضلا عن المشاكل الشرجية من القذف المبكر وضعف في القدرة الجنسية يصاب الذكور والاناث بالسيدا والتهاب الكبد وذلك عن طريق العدوى الجنسية.
الجهاز العضلي الهيكلي العظمي
يعاني هذا الجهاز آلاماً مزمنة في العضلات والمفاصل و تشجنات اثر الضرب الكثير الذي يصيب البدن والأطراف كذلك آلاما في الكتفين وآلام عصبية، وتقويس العمود الفقري وتوتر للأعصاب وتهيج في الأحشاء والجلد وذمات في القدم الى حدود الركبة وينجم عنها انفجار ألياف نسيج باطن القدمين. كما يضر التعذيب الجسدي الحواس والحركة ويسبب الآلام للأعضاء الموهومة اثر عملية البتر.
ويصاب العديد من ضحايا التعذيب بمتلازمة المصع حيث عوارض تمدد حاد للرقبة يصاحبه انحناء الى الأمام وتلف يلحق العمود العنقي وضرر يصيب الأوردة والأعصاب الموصلة الى الرأس كما يصيب الضفيرة العنيقة الودية المجاورة والأجزاء الرخوة بصفة عامة وفضلا عن ضعف في البصر ودوار وطنين الأذنين وآلام في الرأس متمثلة في صداع وآلام في الأسنان وآلام في الصدر خصوصا" في المنطقة البركية فضلا عن اضطرابات معوية وجلدية.
وتبدو آثار الندوب الناجمة عن حروق وجروح ناجمة عن آلة وخز أو آلة حادة، وينبغي ايلاء العناية ليس الى سبب هذه الندبة عموما والآلام التي تحدثها بل الى ما تتركه هذه المخلفات من أثر في ذاكرة الضحية طوال حياتها بحيث تعد الندبة شكلا من أشكال التعذيب النفسي .
الآثار النفسية الجسدية
يسبب التعذيب نوعاً من الاعتلال النفسي -الفزيولوجي يتصل بأعراض نفسية وجسدية كالأمراض التي يمكن أن نكشف فيها عن خلل جسدي الا ان سببها يكون نفسانيا ويتجلى في حالات مختلفة من الضغط النفسي تدوم لفترة طويلة.
ضحايا التعذيب
سجناء الرأي والسياسة، هم أكثر الضحايا المنسيين الذين يعانون وراء القضبان، يودعون السجون بسبب معتقداتهم، ويتعرضون للتعذيب والمعاملة السيئة لإجبارهم على التخلي عن آرائهم وردعهم عن مواصلة نضالهم. وما برح التعذيب يُستخدم أداة للقمع السياسي. حيث ما زال معارضو النظام السائد هدفاً للتعذيب. كذلك هم المجرمون المدانون والمشتبه فيهم جنائياً وقد يكون ضرب هذه الفئة أمراً مألوفاً على أنه "جزاء للمجرمين الذين يلاقون ما يستحقون". ويجد مثل هذا العنف تأييداً ممن يطالبون بإجراءات أشد لمكافحة الجريمة. ويكون المشتبه فيهم جنائياً، من أفقر فئات المجتمع أو أكثرها تعرضاً للتهميش. ويساهم التمييز ضد هذه الفئات في غياب أي تحرك للتصدي لتعذيبهم أو معاملتهم معاملة سيئة.
ويُرتكب التعذيب في مركز الشرطة أو زنزانة السجن وثكنات الجيش ومعسكرات المتمردين، ومراكز احتجاز الأحداث، ومخيمات اللاجئين، وفي الشوارع والبيوت. لذا يكون مرتكبو التعذيب من ضباط الشرطة، أو الجنود، أو ضباط المخابرات، أو حراس السجن، أو غيرهم من الموظفين الرسميين. غير أن ممارسة التعذيب لا تقتصر على هؤلاء، فالتعذيب قد يمارسه أيضاً أعضاء الجماعات السياسية المسلحة، أو أفراد عاديون في بعض الظروف. ويتمتع هؤلاء بالحصانة من العقاب كونهم من الموظفين الرسميين.
أسباب استمرار التعذيب
ما زال مرتكبو التعذيب ينزلون الألم الجسماني والمعاناة العقلية بضحاياهم، ومع ذلك يفلتون من المحاسبة ويستمر التعذيب. وتعتبر الحصانة من العقاب من العوامل الأساسية التي تسمح باستمرار التعذيب فإذا لم يُقدم مرتكبو التعذيب إلى العدالة، فسيشجع ذلك آخرين. كما يمنع ذلك الضحايا وعائلاتهم من إقرار الحقيقة، ويحرمهم من العدالة.
ويشكل التمييز أرضاً خصبة للتعذيب ويسهل متى كان الضحية من فئة مستضعفة اجتماعياً، أو سياسياً، أو عرقباً.
معاهدات جنيف
هناك 4 معاهدات تمت صياغتها في جنيف، ثاني أكبر مدن سويسرا وحددت المقاييس العالية للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، هذه الاتفاقيات عبارة عن منظومة كاملة من الأدوات القانونية الواقية التي تعالج سبل خوض الحروب وحماية الأفراد وهي تحمي بالأخص الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمدنيين وأفراد الوحدات الطبية والدينية وعمال الإغاثة والأشخاص الذين أصبحوا عاجزين عن القتال كالجرحى والمرضى والجنود الغرقى وأسرى الحرب [38].
اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان المؤرخة بتاريخ 12 أغسطس 1949 [39].
اتفاقية جنيف الثانية لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار المؤرخة بتاريخ 12 أغسطس 1949 [40].
اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة بتاريخ 12 أغسطس 1949 [41].
اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة بتاريخ 12 أغسطس 1949 [42].
هناك قانونين متعلقين بحماية أرواح الأفراد وصحتهم وكرامتهم، وهما القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تهدف كلا المجموعتين من القوانين إلى حماية الحياة الإنسانية وحظر التعذيب أو المعاملة القاسية وكفالة الحقوق الأساسية للأشخاص الخاضعين لإجراءات قضائية جنائية، كما تضم كل منهما أحكامًا تكفل حماية النساء والأطفال وأخرى تعالج جوانب من الحق في الغذاء والصحة [43].
يتساءل العديد حول جدوى التوقيع على هذه الاتفاقيات والمعاهدات ومعارضي هذه الاتفاقيات ينتقصون من قيمتها وينكرون جدواها استنادا على قدم عهدها وعدم ارتباطها بما يحدث بالفعل في ميادين الحروب من تجاهل تام لأية قواعد وعدم احترام لأية معاهدات. ويستند التيار المقتنع بعدم جدوى هذه المعاهدات بعدة أمثلة منها الأسلوب الذي اتبعه الجنود الصرب بقيامهم بتنفيذ مجزرة ضد المدنيين المنحدرين من اصل ألباني في حملتهم ضد المقاتلين من عناصر جيش تحرير كوسوفو والمذابح التي وقعت في رواندا أو تلك الحروب التي تلتها في أفريقيا أو معسكرات الاعتقال المرعبة في أبو غريب وجوانتانامو [44].
السجين في الفكر الاسلامي من وجهة نظر الإمام الشيرازي[45]
ومن وجهة نظر الإسلام فقد تحدث المرجع الديني السيد محمد الشيرازي عن أبعاد مشاعر السجين وهو داخل زنزانته، فكرامته كإنسان في فكر الإمام الشيرازي إذا ما استجمعت فيه خصال الشخصية الخيرة، ولم يكن قد اقترف عملاً يضر بمصالح المجتمع الذي يعيش بين جنبات ناسه، فلا يوجد أي مسوغ لاضطهاده وإيداعه السجن. ولكن امتلاك مثل هذا النفس الطيب أين نجده في عالم السياسة القاسي الذي يحيط بالبشرية من كل جانب؟!.
* الحقوق الثابتة للسجين
استهل الإمام الشيرازي كتابه حقوق السجين في الاسلام بمقدمة يقول فيها (السجين إنسان له كرامته وحريته المقررة من قبل الله سبحانه وتعالى.. فمن الضروري على الدولة الإسلامية وغير الإسلامية مراعاة السجين مراعاة تناسب كرامته).
ومما تجيزه القوانين العقلانية من حقوق ثابتة للسجين إن معالجة الكثير من طموحاته أمر ممكن التحقيق، فالسجن في المفهوم القانوني الإصلاحي ليس زنزانة مغلقة يكبل فيها السجين بالأصفاد، ولا يرى النور إلا لماماً عند مرات استدعاءاته إلى مكاتب لجان التحقيق، ففي بعض الدول المتقدمة والنامية أيضاً يمنح السجين بين فترة وأخرى إجازة لأيام معدودة، يقضيها بين ظهراني أفراد عائلته ومحبيه، حتى إذا ما أطلق سراحه بعد انقضاء مدة محكوميته لا يكون شعور الاغتراب عن مجتمعه قد سيطر عليه. والإسلام يتسم بفيض من التعامل الإنساني مع المخالفين لشريعته السمحاء، ويكفي الدولة الإسلامية فخراً وهي في عز مجدها وعدلها أثناء فترة حكم الإمام علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) أن سجيناً واحداً لم يكن ماكثاً في أي سجن، فرصانة العدالة كانت سارية والناس كانوا حريصين أن لا يقترفوا المخالفات حياءً من عدل إمامهم وزهده وتواضعه معهم، حيث لم تفصله عنهم مقتضيات إدارة الحكم وأبهة القيادة.
وما يعنيه الإسلام من غاية إبقاء ردهات السجن مفتوحة، لا تُطبق إلا في آخر مطاف التعامل مع المخالفين لطباع الإنسانية المطلوبة في كل عهد، فحل مشاكل السجين ليست بتلك الصعوبة التي قد يتصور البعض أن التشديد الفائق فيها على حرية السجين، تعطي احتراماً للدولة، بقدر ما تعطي غطة التحسب عند الطلقاء من أهوال السجون، فإذا كان (الدين هو المعاملة) بحسبما حدد تعريفه رسول الإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن السجين أولى بالمعاملة الحسنة كونه الطرف الضعيف في معادلة تطبيق الحق خصوصاً في الفترة التي تسبق إصدار الحكم عليه.
ولعل من إقرار الإسلام لحقوق السجين أن أجاز له إدارة أعماله (إن وجدت) وهو داخل السجن، وبهذا المعنى العام يقول الإمام الشيرازي كما ورد في حقل (حرية المعاملات) الوارد نصه على الصفحة (9) من كتيبه الآنف، أن هناك صيانة إسلامية لـ (حرية السجين في إجراء جميع المعاملات من البيع والشراء والرهن والإجازة والمضاربة والمزارعة والمساقاة والحوالة وحتى الكفالة في صورها الممكنة، وغيرها، سواء في داخل السجن أو خارجه، بواسطة الهاتف أو عبر الوكيل أو ما أشبه..).
* تطبيق القوانين دون تمييز
يشكل الالتزام بتطبيق القوانين دون أي تمييز بين الناس، مدعاة للاعتداد بأن العدالة مطبقة على الجميع لا تستثني أحداً، بسبب تمتعه بجاه أو مال، أو موقع اجتماعي رفيع، وفعلاً فحين لا يكون هناك مكان للمحسوبيات والمنسوبيات في أي مجتمع فالبناء فيه سيكون سارٍ ابتداء من بناء النفوس قبل تشييد المدن.
والسجين حين يكون في محنته وهو خلف القضبان قد انتبه لها الإسلام عبر خطوطه الإنسانية التي تستهدف صلاح السجين، بعد فترة سجنه، لا أن تمهد للإبقاء على تعقيداته النفسية والشخصية، التي ربما كان عليها قبل دخوله حياة السجن، فالمطالعة وممارسة الهواية، والإلتقاء الدوري بالعائلة، وممارسة المهن، وتعلم الصنعة، مع المراعاة التامة لصحة ومأكل ومشرب السجين ونظافة المكان، فالمهم أن تبذل للسجين كل المساعي الخيرة، التي تضمن له الارتياح النفسي، وبهذا الصدد يذكر الإمام الشيرازي في نص من مؤلفه المذكور ورد في مستهل الصفحة (15) إذ يقول: (إذا كان السجين في أزمة نفسية لزم السماح له بمراجعة الطبيب النفسي، وإذا لم يكن يشعر هو بذلك أحضرت له إدارة السجن الطبيب النفسي، وإذا احتاج النقل إلى المستشفى للعلاج نقل إليه، كما يلزم في السجن توفير ما يوجب الارتياح النفسي للسجين وعدم ما يسبب الانزعاج وما أشبه).
ولا يخفي الإمام الشيرازي شيء مما يجول في الخاطر لنصرة السجين، وضمان حقه بعد أن يصبح في قبضة السجانين، فالمرأة السجينة لها حقوق ممارسة رعاية أطفالها، وذلك بإتاحة فرص الارتباط الدائم لها معهم بعد أن يخصص لها مكان خاص للنساء يكون في منأى عن السجناء الرجال من باب حفظ الخصوصية لهن.
ومن حقوق السجين التي ينبغي أن تمارس لصالحه أن تهيأ له الفرص لتقديم شكاواه على ما يراه إجحافاً بحقه وهو داخل السجن بما في ذلك إحضار محام للدفاع عنه، فإذا لم يكن لديه مال لأجر المحامي، فإن إدارة السجن ملزمة أن تدفعه من مالها المخصوص، ومن فيض النظرة الإنسانية نحو السجين وحقوقه الثابتة في الإسلام تأييد الإمام الشيرازي بأن منع العقوبات القاسية الموجهة مع السجناء تحت أي ذريعة كـ (ذريعة التأديب) مثلاً فيعتبر أمر مستنكر، إذا لا يجوز وضع السجين في زنزانة إنفرادية، ولا في مكن مظلم، ولا يجوز تعذيبه جسدياً أو نفسياً تحت أي ظرف كان.
وهكذا فرغم موانع القضبان التي تفصل حياة السجين عن حياة الآخرين الذين يتمتعون بالحرية خارج أسوار السجن، يبقى السجن مدرسة لا يتعظ من دروسها إلا النبهين، والدعاء لإطلاق سراح كل السجناء المظلومين في العالم، واجب على كل مسلم ومسلمة، فعسى أن يريهم الله نور الحرية بعد أن قيدوا بظلمة الاستبداد وجهالة المستبدين.
التعذيب دليل على مرض وخلل في المجتمع
ومن وجهة نظر الخبراء والأطباء فقد عبر المشرف على مركز "فحص ضحايا التعذيب والحروب" في جنيف الدكتور لوران سوبيليا. الذي يعالج الضحايا والجلادين أيضا، عن استيائه من تدني ظروف الاستقبال والتكفل بضحايا التعذيب جراء تشديد قوانين اللجوء والهجرة.
وقال لوران سوبيليا "يجب أن ندرك أن المجتمع الذي يستخدم أساليب التعذيب هو مجتمع مريض ومصاب بخلل". هذه هي قناعة الدكتور لوران سوبيليا. وهي قناعة توصل إليها من خلال احتكاكه اليومي بضحايا التعذيب منذ نهاية الثمانينات.
ولاحظ الطاقم الطبي الذي برفقة سوبيليا الذي كان يقوم بمعالجة الوافدين من الأمراض الاستوائية وغيرها أن اللاجئين يعانون بالدرجة الأولى من آثار التعرض للعنف، لينصب اهتمام الدكتور سوبيليا وزملاءه باللاجئ الذي عانى جسديا ونفسيا من ممارسات التعذيب.
وبعد متابعته لفترة تدريب استغرقت ستة أشهر في المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب بالعاصمة الدنمركية كوبنغاغن، عاد الدكتور سوبيليا إلى جنيف حيث تخصص في مساعدة المهاجرين المصابين بصدمات نفسية وآثار جسدية كسرت حياتهم وزعزعت كيانهم. وسرعان ما عاين الدكتور سوبيليا ويلات التعذيب على أجسام ووجدان اللاجئين الذين توافدوا على سويسرا بعد اندلاع حروب الصومال والبوسنة وليبريا...
وشدد الدكتور سوبيليا بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الموافق لـ26 يونيو، على أن هنالك علاقة وثيقة جدا بين المشاكل الجسدية والنفسية والاجتماعية التي يعاني منها ضحايا التعذيب. وقال في هذا السياق: "عندما تشعر ضحية التعذيب بألم في الرجل مثلا، يذكرها الألم على الفور بكافة الكوابيس لتسترجع مشاعر الإذلال والإقصاء الذي عايشته، وكلما واجهت فشلا على المستوى الإجتماعي، تستعيد ذاكرتها فترة التعرض للتعذيب. إنها فعلا حلقة مفرغة".
ونظرا لذلك الارتباط الشديد بين الجسدي والنفسي والاجتماعي، يحرص المركز على تقديم دعم مُنسق ومتكامل، إذ يتعاون الأطباء والأطباء النفسيون والمُروضون والمتخصصون الاجتماعيون لتحديد جدول علاج للمريض يتواصل عموما لمدة ستة أشهر، ويتجدد إذا اقتضت حالة الضحية رعاية إضافية.
وقد لاحظ فريق الدكتور سوبيليا أن القمع السياسي يظل من أهم العوامل المتسببة في ظاهرة التعذيب، فـ18% من الضحايا التي تصل إلى مركز جنيف تؤكد أنها تعرضت للتعذيب، بينما يقول 61% إنهم عايشوا مآسي مثيرة للصدمة من جراء الحروب أو المجاعة.
وعن أصول الضحايا التي تقصد المركز، أوضح الدكتور سوبيليا أن فريقه استقبل قبل سنتين أشخاصا ينحدرون من 51 جنسية. أما حاليا، فمعظم الذين يعالجهم المركز الجديد هم أبناء منطقة الشرق الأوسط. وقال الدكتور سوبيليا بهذا الشأن: "لدينا الكثير من العراقيين الآن. وكذلك ضحايا من مصر والجزائر وتونس على سبيل المثال. إن العالم العربي ممثل بشكل جيد، ومنطقة البلقان أيضا".
هذا "التمثيل الجيد" للعالم العربي من الأسباب التي تدفع المركز إلى الترويج لمكافحة التعذيب في المنطقة عبر تنظيم ندوات والمشاركة في اجتماعات المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب والتعاون مع الجهات المعنية بمكافحة التعذيب في الدول العربية. وفي هذا الإطار، زار الدكتور سوبيليا على سبيل المثال كلا من لبنان والجزائر والمغرب. ويأمل أن ينجح هذا التعاون في إنشاء مراكز لدعم الضحايا في العراق.
العقبات التي تعترض تطبيق العدالة
إخفاء الأدلة: فالتعذيب يرتكب في سرية في أماكن بمنأى عن أعين الناس، وتُبذل جهود كبيرة في كثير من الأحيان لإخفاء الأدلة الضرورية وكثيراً ما تتعثر التحقيقات، بسبب تقاعس جهات التحقيق أو عدم فعاليتها أو تواطؤها.
التهديد: بترهيب الضحايا الذين يستبد بهم الخوف من التعرض للانتقام فيلزمون الصمت. أما من يتقدمو منهم بشكاوى فقد يتعرضون للتهديد أو الاعتداءات أو المقاضاة بتهمة تشويه السمعة. وفي كثير من الأحيان لا يتيسر للضحايا طلب العون من المحامين أو المنظمات غير الحكومية.
عدم فعالية التحقيقات: التي تتولاها الهيئات التي مارس العاملون فيها التعذيب وقد يفضي التدخل السياسي في العملية القضائية إلى صدور قرار بعدم الملاحقة القانونية لشخص متهم بممارسة التعذيب.
تواطؤ الضباط الآخرين من زملاء مرتكبي جريمة التعذيب بالتزام ميثاق صمت عدم كفاية الإطار القانوني لمعاقبة مرتكبي التعذيب: إذ لا يحرِّم القانون ممارسة التعذيب في العديد من النظم القضائية.
الاستهانة بأحكام القضاء: حيث تتجاهل السلطات السياسية الأحكام الصادرة عن القضاء مما يقوض مبدأ سيادة القانون ويعزز الإفلات من العقاب.
قوننة التعذيب والعقوبات البدنية: عبر سن قوانين تسمح باستعمال التعذيب في العقوبات التي تفرضها المحاكم كعقوبة جزائية، أو النظام الإداري كإجراء تأديبي، وينفذها مسؤولون بالدولة، وتُحاط بالاحترام الذي تحظى به العقوبات "القانونية".
الإفلات من العقاب وفق القانون: تمنح بعض القوانين الحصانة من المحاكمة للضالعين في ممارسة التعذيب. وكثيراً ما تُسن هذه القوانين خلال حالات الطوارئ أو عند إعلان الحكومات وجود تهديد خاص للنظام العام.
عدم وجود آليات أخرى لضمان المحاسبة: كالعقوبات الإدارية والتأديبية كأن تنظر الإدارة على وجه السرعة وباستقلالية ونزاهة في مزاعم التعذيب، ووقف المعني بالعمل ريثما ينتهي التحقيق، وتنحيته من مهامه، أو نقله، أو فصله إذا ثبتت مسؤوليته، مع توقيع العقوبات الأخرى المناسبة مثل التغريم أو الإلزام بدفع تعويضات.
القضاء على التعذيب:
يتم التصدي للتعذيب عبر العمل على ثلاثة محاور رئيسية هي: منع التعذيب، والتصدي للتمييز، والتغلب على الحصانة من العقاب. ويتوقف إقرار العدالة على مدى اهتمام الإعلام وتعبئة الرأي العام، إذ تنتعش ممارسة التعذيب في ظل لامبالاة الجمهور، ولا بد من تحويل اللامبالاة إلى غضب والغضب إلى عمل. كما على وجود أدلة لا تُدحض كالأدلة الطبية لتأكيد مزاعم التعرض للتعذيب، وقدرة القضاء على متابعة التحقيقات بصورة مستقلة ووافية.
- زيادة الوعي بالتعذيب وكيفية منعه وحث الناس على العمل للقضاء على التعذيب عبر التعاون مع منظمات حقوق الإنسان، والنقابات، والمجتمع الأهلي، و المعنيين
- إنشاء محكمة جنائية دولية للنظر في قضايا التعذيب وغيرها من الجرائم الدولية ضد الإنسانية.
- إدانة التعذيب عبر حث الزعماء السياسيين في شتى أنحاء العالم أن يعلنوا معارضتهم للتعذيب وعدم السماح مطلقاً لأفراد قوى الأمن بممارسة التعذيب، وأن ينفذوا هذه الإجراءات المنصوص عليها في المواثيق الدولية.
- ضمان السماح بالاتصال بالسجناء وعدم احتجاز المعتقلين في أماكن سرية ومساعدتهم أو معرفة ما يحدث لهم. وضمان مثول السجناء أمام هيئة قضائية مستقلة عقب احتجازهم ودون إبطاء والسماح للأقارب والمحامين والأطباء بحق الاتصال بالمحتجزين فوراً وبصفة دورية.
- توافر الضمانات القانونية أثناء الاحتجاز والاستجواب كحق التقدم بأي شكوى من معاملتهم والبت القضائي في شكاوى حول قانونية احتجازهم. وبطلان الأقوال المنتزعة تحت وطأة التعذيب كما ينبغي للحكومات تطبيق المعايير الدولية لمعاملة السجناء وظروف الاحتجاز.
- تحريم التعذيب قانوناً عبر سن قوانين لتحريم التعذيب ومنعه وإلغاء جميع العقوبات البدنية، القضائية منها أم الإدارية. وعدم تطبيق التعذيب في حالات الحرب أو الطوارئ العامة.
- التحقيق في مزاعم التعذيب: على وجه السرعة وبشكل نزيه وفعال من قبل هيئة مستقلة وتوفير الحماية للضحايا، والشهود، وغيرهم من المعرضين للخطر، من أي ترهيب أو أعمال انتقامية قد يتعرضون لها.
- الملاحقة القضائية تقديم المسؤولين عن التعذيب إلى ساحة العدالة. دون اعتبار الوقت الذي انقضى على ارتكاب الجريمة.
- التعويض: يُكفل لضحايا التعذيب حق الحصول على تعويضات من الدولة، بما في ذلك رد حقوقهم والتعويض المالي العادل والكافي وتُوفر الرعاية الطبية اللازمة وسبل تأهيلهم.
- التصديق على المعاهدات الدولية دون تحفظات وإصدار الإعلانات اللازمة التي تكفل حق الأفراد والدول في التقدم بشكاوى. والاضطلاع بالمسؤولية الدولية لمنع الحكومات الأخرى من ممارسة التعذيب.
...................................................
المصادر
اللجنة الدولية للصليب الأحمر باللغة العربية
لجنة مراقبة حقوق الإنسان - هيومان رايتس وتش
المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الإنسان
متحف التعذيب، سان جيميجنانو، إيطاليا
متحف السجن، سان جيميجنانو، إيطاليا
التعذيب والعقاب في القرون الوسطى
أرشيف الأمن القومي - الولايات المتحدة الأمريكية - الإساءة للأسرى
مجموعة العمل - أمريكا اللاتينية
قضية تعذيب أبنير لوويما - ملفات وتعليقات
تشانيل 4 - التعذيب - تعريفه أحواله أساليبه ...الخ
الرابطة الأسترالية للحقوق - مكتبة غسل الدماغ
منظمة العفو الدولية - الولايات المتحدة الأمريكية
المفوضية الأوربية - الديمقراطية وحقوق الإنسان
مراجع وهوامش
1- هيومان رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان) - مصر - تقرير موجز بتاريخ فبراير 2004 بعنوان وباء التعذيب
2- اللجنة الدولية للصليب الأحمر - صفحة الاستقبال - موارد المعلومات - الأسئلة المطروحة غالبًا ما هو تعريف التعذيب والمعاملة السيئة؟
3- الخرافة والقوة: التعذيب، المحن، ومحاكمة بالمعارك في القانونِ القرون الوسطى (1870) مرج هنري تشارلز نيويورك: بارنز ونوبل، 1996 سنشاين فور ومان باللغة الإنكليزية
4- أميريكان أون لاينغير دالة على محتواها الأصلي
- إيذاء قريش للمسلمين وأخبار الهجرة إلى الحبشة وخبر صحيفة المقاطعة موقع الإسلام
6- معلومات غنية ومفيد عن العقابِ والتعذيب خلال العصور الوسطى التعذيب والعقاب في العصور الوسطى
7- متحف التعذيبِ من القرون الوسطى، سان جيميجنانو، إيطاليا، صحوة مهد جودا
8- موقع منظمة مجموعة العمل لأمريكا اللاتينية باللغة الإنكليزية
9- وكالة الاستخبارات الأمريكية، استغلال المورد البشرية - دليل التدريب - 1983 الإساءة للأسرى - وثائق
10- وكالة الاستخبارات الأمريكية، استجواب استخبارات كوبراك، يوليو/تموز 1963 الإساءة للأسرى - وثائق
11- رحلات وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى السجون السرية:التعذيب يحلق - مِن تأليف ليلا راجيفا - 5 ديسمبر 2005 مقالة
12- لجنة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، الحجز السري المزعوم في مجلس أوروبا، مذكرة معلومات رقم 2، تقرير السيد دك مارتي، سويسرا، تحالف التحرريين والديمقراطيين لأوروبا، بتاريخ 22 يناير 2006 ملف بي دي إف من بي بي سي
13- رحلات التعذيب: ما عرفه الرقم 10 وما حاول إخفائه: مذكرة تكشف إستراتيجية الإنكار في معرفة معسكرات الاعتقال - ريتشارد نورتن تايلور - بتاريخ 19 يناير 2006 الغارديان
14- تعذيب بالوكالة - مقالة بعنوان: كيف قام المهاجرون بإ