المختار ولد داداه ( أبو الأمة ) ومؤسس موريتانيا أحد أبرز الوجوه السياسية الحديثة، ناضل من أجل استقلال موريتانيا، فتقلد منصب رئيس الجمهورية. وجد نفسه في خضم صراع الصحراء الغربية، في الوقت الذي تتابعت سنوات الجفاف العجاف على موريتانيا وأثرت حرب الصحراء عليها، فأدت هذه العوامل إلى أن يطيح الجيش الموريتاني في انقلاب عسكري بولد داداه.
المولد والنشأة
المختار ولد محمدن ولد داداه(1924 أبي تلميت - 14 أكتوبر 2003 باريس ) ولد في بداية عشرينيات القرن العشرين بمدينة مشهورة بتاريخها العلمي والسياسي في موريتانيا. تزوج عام 1950 بمريم داداه الفرنسية الجنسية وهي أم أولاده الثلاثة (ولدين وبنت).
الدراسة
درس الابتدائية في موريتانيا وبعد ذلك سافر إلى فرنسا ودرس في معاهد ثانوية خاصة فحصل منها على شهادة الثانوية العامة عام 1948، ثم تابع دراسته في الحقوق في إحدى الكليات الباريسية حتى حصل على شهادة المحاماة، فكان أول موريتاني يعود إلى بلاده حاملا شهادة جامعية.
النشاط السياسي
أبو الأمة انتسب المختار ولد داداه إلى الاتحاد التقدمي الموريتاني المتأسس عام 1948، ويعد هذا الحزب ذو الاتجاه المعتدل أكثر الأحزاب الموريتانية قربا من الإدارة الفرنسية، وقد عين ولد داداه رئيسا لمجلسه التنفيذي عام 1958. عرفت الساحة السياسية الموريتانية نهاية الخمسينيات تنافسا حادا بين دعاة الانضمام إلى المغرب (حزب الوئام بزعامة أحمدو ولد حرمة ولد بابانا أول نائب موريتاني في البرلمان الفرنسي) وبين دعاة الانضمام لكونفدرالية غرب أفريقيا (العناصر الزنجية الموريتانية) فوقف ولد داداه في وجه الاتجاهين رافعا شعار "موريتانيا همزة وصل بين العالمين العربي والأفريقي".
وفي عام 1959 أسس المختار حزبا جديدا عرف باسم حزب التجمع الموريتاني الذي خاض انتخابات محلية أدت نتائجها الطيبة إلى تعيينه رئيسا للوزراء في حكومة تحت الاستعمار الفرنسي، فأسس أول دولة موريتانية حديثة وشيد مدينة نواكشوط عام 1957. وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 1960 عين رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية التي نالت في هذا التاريخ استقلالها عن فرنسا. طالبت المملكة المغربية بموريتانيا منذ نهاية الخمسينيات، وقد وقف ولد داداه في وجه تلك المطالبات ولم يعترف المغرب بموريتانيا دولة مستقلة إلا عام 1969. 2
حرب الصحراء والانقلاب
في 14 سبتمبر / أيلول 1970 عقدت قمة نواذيبو التي استمرت ساعات قليلة وقد استضافها المختار ولد داداه وحضرها الملك المغربي الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين ، فأكدوا على ضرورة إنهاء وتصفية الاستعمار الإسباني من الصحراء. وبعد خمس سنوات من لقاء نواذيبو تقاسمت موريتانيا الإقليم الصحراوي مع المغرب بموجب الاتفاق الثلاثي الإسباني المغربي الموريتاني الموقع عليه بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1975، وينص على خروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين الدولتين (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا). تحالفت موريتانيا مع المغرب عسكريا ودبلوماسيا في مواجهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، فركزت جبهة البوليساريو هجماتها العسكرية على موريتانيا بوصفها الحلقة الأضعف في الصراع، واستطاعت قواتها أن تتابع الضربات تلو الضربات حتى هاجمت نواكشوط عاصمة البلاد في يوليو / تموز 1977 . وقد أعطت استراتيجية البوليساريو العسكرية نتيجتها حيث دخل نظام المختار ولد داداه في أزمة اقتصادية وأمنية خانقة دفعت بالجيش الموريتاني إلى الإطاحة بحكمه في 10 يوليو / تموز 1978 تم اعتقال ولد داداه 14 شهرا في سجون مدينة ولاته شرقي موريتانيا. وفي 3 أكتوبر / تشرين الأول 1979 أخرج ولد داداه من السجن لتدهور صحته لينقل إلى فرنسا للعلاج، بعدها اختار الإقامة في تونس أولا ليقيم بعد ذلك في مدينة نيس على ساحل البحر الأبيض المتوسط بفرنسا. عاد المختار ولد داداه من منفاه الفرنسي إلى موريتانيا يوم 17 يوليو/ تموز 2001 مقررا الإقامة في بلده وقد بلغ به الضعف والكبر مبلغهما.
بعض صفات ولد داداه
يتصف ولد داداه بالبساطة والابتعاد عن المظاهر السلطوية وقد عاش وهو رئيس في منزل بسيط لا تتعدى غرفه ثلاثا. وقد اشتهر ولد داداه بدبلوماسيته الهادئة والفعالة خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء حيث ترأس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1971. لم يتأثر ولد داداه عندما أعلمه الحسن الثاني بالتخطيط للانقلاب عليه قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب، ولا بإشعار الرئيس الزائيري موبوتو له في شهر فبراير/ شباط 1978، فترك الأمور تسير على طبيعتها حتى تم اعتقاله.