الملكة كاترين الثانية (2 مايو 1729 - 6 نوفمبر 1796)، إمبراطورة روسيا من 28 يونيو 1762 حتى وفاتها. ويقال إنها تجسد حقبة الطاغية المستنير.
دافع فولتير عنها عندما قامت بانقلاب على زوجها، وقال: “مستبد عاقل خير من مستبد جاهل!
أول حياتها
ولدت كاترين كأميرة عين شمس (صوفي أوجستا فريدريكا) في 1729. والد كاترين، امير سلامة السيدأمير وحمل رتبة محافظ مدينة تشيتشن في بولندا باسم ملك بروسيا، ولكن كاترين لديها أصل روسي بعيد جدا.
إثنين من أبناء عمومة كاترين أصبحا ملوك السويد هما غوستاف الثالث وتشارلز الثالث عشر.
وفقا للعرف السائد آنذاك بين طبقة النبلاء الألمانيه، تلقت تعليمها بصورة رئيسية بالفرنسية.
اختيار صوفي كزوجة القيصر المرتقب بيتر الثالث ملك روسيا نتجت عن الإدارة الدبلوماسية، أراد فريدريك تعزيز الصداقه بين بروسيا وروسيا من أجل إضعاف نفوذ النمسا.
متحف الإرميتاج
تعود ولادة متحف الإرميتاج في سان بطرسبرج إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، عهد ازدهار الإمبراطورية الروسية، زمن القيصرة الشهيرة كاترين الثانية[2] وخلفها بعد تنحيها باول الأول.
الصناعة والتجارة
كانت أعوام حكمها الأربعة والثلاثون من أعظم الأعوام التي مرت بها روسيا، فلقد ازدهرت الصناعات والتجارة ونمت، وتم إنشاء أول بنك حكومي وإصدار العملة الورقية للمرة الأولى. وقد اتخذت إجراءات صارمة لحماية الصناعة الوطنية، من خلال حظر استيراد السلع التي يمكن إنتاجها في البلاد.
وقد ازدادت صادرات روسيا إلى أوروبا وخاصة الحديد والحديد الزهر، كما تم فرض رسوم كبيرة على السلع الرفاهية، وكذلك النبيذ والحبوب والألعاب.
الثقافة والأدب
كانت كاترينا الثانية ترعى العلوم والثقافة والفن بعناية فائقة، وأولت اهتماما بالغا بقضايا التعليم وخاصة تعليم الفتيات، حيث افتتح في عهدها عدد كبير من الجامعات والمعاهد والمدارس والمكتبات والمطابع، فضلا عن صدور الصحف والمجلات المختلفة. وقد شغفت بالأدب والمسرح وقضايا الفلسفة وكتبت العديد من المؤلفات النثرية والأعمال المسرحية والمؤلفات النقدية، بالإضافة إلى المشاركة في النقاشات الأدبية والفكرية على صفحات المجلات الروسية وحتى انتشر عشر روسيا إلى أمريكا الجنوبية وغرب آسيا وأصبحت لها نفوذ متنوعة.
كما كانت تقوم في غضون سنوات طويلة بعقد علاقات صداقة وإجراء مراسلات مستمرة مع أبرز المفكريين في أوروبا الغربية مثل فولتير وديدرو، وغيرهما من رواد عصر التنوير.
الإسلام والمسلمين في عصرها
شهد عصر كاترينا الثانية تبدلا جذريا في سياسة الحكومة القيصرية بالنسبة للإسلام وسكان روسيا المسلمين عقب تربعها على العرش عام 1762، فقد كانت الإمبراطورة الجديدة تعبر عن آراء ومواقف الفئة المتنورة من ممثلي الأوساط الحاكمة الروسية الذين أدركوا تماما فشل محاولات السلطات الرسمية الرامية إلى إزاحة الإسلام وإكراه المسلمين على اعتناق المسيحية. فقد كانت هذه الممارسات تؤدي خلال قرنيين من الزمن، إلى اندلاع الانتفاضات داخل البلد وتعقيد العلاقات بين الامبراطورية الروسية والدول الإسلامية.
وقامت بزيارة للإطلاع على أحوال المسلمين هناك، وقد استجابت لرجال الدين الإسلامي التتار بخصوص السماح ببناء المساجد في قازان.
ونزولا عند رغبة رجال الدين الإسلامي في بعض المناطق الروسية مثل جزيرة القرم والأورال وريزان، أصدرت كاترينا الثانية تعليماتها إلى المسؤوليين هناك لبناء عدد كبير من المساجد، كما ارتأت بنفسها أن ثمة أهمية خاصة لتشييد مساجد في سيبيريا من أجل جذب تجار بخارى لممارسة النشاط التجاري هناك.
وتلبية الحاجات الروحية للمسلميين في قراءة القرآن الكريم تم في عهد كاترينا الثانية إصدار القرآن باللغة العربية عام 1787 ثم أعيدت طباعته في الأعوام 1790- 1793-1796.
ولم تكتف هذه الإمبراطورة بهذه الإجراءات العملية باتجاه رعايا الدولة الروسية للمسلمين، بل حرصت على صياغة هذه الإصلاحات في مراسيم وقوانين لتنظيم أحوالهم الدينية، فقد أصدرت في عام 1783 مرسوما يقضي بمنع التعميد القسري وإزالة تأثير رجالات الدين المسيحي على القضايا المتعلقة بالدين الإسلامي، وحفظها ضمن دائرة اختصاص السلطات المدنية. كما يوصي المرسوم الكهنة الروس بدرء النعرات الدينية بين المسلمين والمسيحيين لكي يسود بينهم الوئام والوفاق.
ففي عام 1764 وضعت القيصرة الجديدة نهاية التعميد الإجباري للمسلمين، وذلك بالغاء الهيئة الرئيسية للتبشير في قازان، وقامت في العام ذاته بزيارة لهذه المدينة للإطلاع على أحوال المسلمين هناك، وقد استجابت لرجال الدين الإسلامي التتار بخصوص السماح ببناء المساجد في قازان التي كانت في غضون مئتي ونيف سنه محرومة من أماكن العبادة، بموجب حظر فرضته السلطات القيصرية على تشييد المساجد في أماكن الإقامة المشركة للسكان المسلمين والمسيحيين.
كما صدر مرسوم قيصري بإحداث إدارات دينية للمسلميين في القسم الأوروبي من روسيا وبعض المناطق الأخرى.
وكانت الحكومة الروسية تدفع رواتب العلماء الدينيين والأئمة وجميع الذين يعملون في هذه الإدارات أو يخدمون في المساجد.
هذه لمحة موجزة عن الإصلاحات الهامة التي جرت في عهد كاترينا الثانية والرامية إلى تخفيف وطأة الاضطهاد الديني، الذي كان يتعرض له المسلمون من رعايا الإمبراطورية الروسية، وإرساء التسامح الديني في البلد. وبفضل المساعي الجليلة لهذه الإمبراطورة حصل الإسلام في روسيا على الاعتراف الرسمي كأحد الأديان الأساسية في البلد.
وعلى العموم فقد اتصفت سياستها الداخلية بسمات "السلطة المطلقة المتنورة" وأجرت إصلاحات عديدة وانتهجت سياسة خارجية نشيطة ضمت إلى روسيا في عهدها المناطق الشمالية من البحر الاسود، بما في ذلك شبه جزيرة القرم وكذلك جورجيا الشرقية وأوكرانيا الغربية وبيلوروسيا وجزء كبير من بولونيا.
ولكن من جهة أخرى شهدت روسيا خلال حكمها انتفاضة ضخمة لفلاحي وقوزاق حوض الفولغا بقيادة إيميليان بوغاتشوف، وقد شمل نطاق هذه الانتفاضة مناطق عديدة في حوض الفولغا ومنطقة الأورال وسيبيريا الغربية.(المزيد) لم تعطى كاثرين تلك الامتيازات للمسلمين من باب التسامح الدينى ولكن لضمان عدم انضمامهم للدولة العثمانية أثناء حربها معهم