عطا الأيوبي (1877-1951)، رئيس سوري سابق حكم سورية عام 1943. ولد لعائلة سياسية كردية بارزة في دمشق، درس الإدارة العامة في إسطنبول، وبدأ حياته المهنية في الخدمة المدنية العثمانية.
المرحلة العثمانية
في 1908، أصبح حاكما لمدينة اللاذقية، وهي مدينة وميناء هام على الساحل السوري. لم يلعب دوراً مهماً في فترة الصراع العربي العثماني خلال السنوات 1916 - 1918، بقي في دمشق بعد هزيمة العثمانيين في تشرين الأول / أكتوبر 1918. وخلال الأيام الأربعة الفاصلة بين رحيل الأتراك ووصول الجيش العربي، ألف حكومة مع مجموعة من وجهاء سوريا في دمشق، وكانت هذه الحكومة برئاسة الأمير سعيد الجزائري الذي كان يقيم في دمشق في تلك الفترة. رفض السوريون اتفاقية سايكس - بيكو وأعلنوا استقلال بلادهم ضمن حدودها الطبيعية في 8 آذار 1920 وتوجوا فيصل بن الحسين ملكاً عليهم.
في حزيران يونيو 1920 عين عطا الأيوبي وزيراً للداخلية في حكومة علاء أحمد نظام الدين وذلك خلال حكم الملك فيصل.
هاجمت الجيوش الفرنسية سورية لإخضاعها والسيطرة عليها. كان عطا الأيوبي ضد هذا التدخل الفرنسي وأقام علاقات مع المناضلين السوريين وكان يعمل على تمويل الثوار بالأسلحة والاموال ومنهم صالح العلي، زعيم ثورة العلويين في الساحل السوري، وإبراهيم هنانو، زعيم الثوار الأكراد في حلب و اللاذقية، ويقال أنه غض النظر عن أنشطه عمر البيطار، ورفض بصفته وزيراً للداخلية، إلقاء القبض على المتمردين، وكان يعطي الثوار المعلومات لوضع الكمائن على الحاميات الفرنسية. كما كان وزيراً خلال معركة ميسلون الشهيرة حيث هزم الجيش السوري من جانب الجيش الفرنسي واستشهد في تلك المعركة زميله يوسف العظمة، وزير الحربية.
مرحلة الانتداب الفرنسي
أراد عطا الأيوبي بعد معركة ميسلون اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية لتحرير سوريا وقبل بمنصب في الحكومة الموالية لفرنسا. في آب اغسطس 1920، قامت مجموعة من الرجال المسلحين بمحاولة قتله وذلك في منطقة حوران في جنوب سوريا متهمة إياه بالخيانه لقبوله منصباً وزارياً تحت حكم "الانتداب الفرنسي". فشلت محاولة الاغتيال في قتله أو حتى في إقناعه بالتنحي وبقي في منصبه حتى 1922، بعد أن أصبح وزيراً للعدل في الحكومة الموالية لفرنسا برئاسة صبحي بركات، وحفظ منصبه حتى بدء الانتفاضة الوطنية ضد الانتداب الفرنسي في 1925. ويرى البعض أن الرجل كان يستعمل مركزه لخدمة الثوار والعمل على استقلال سوريا.
في عام 1928 تحالف الأمير عطا الأيوبي مع "الكتلة الوطنية" دون أن ينتسب رسميا إليها. كانت هذه الكتلة تدعو لتحرير سوريا من خلال الوسائل الدبلوماسية بدلا من المقاومة المسلحة. خلال الثلاثينات من القرن العشرين، كان الأيوبي يلعب دور الوسيط بين الجانبين.
أصبح وزير العدل في حكومة تاج الدين الحسني في آذار مارس 1934.
تدهورت العلاقات بين الكتلة الوطنية والفرنسيين تدهورا حادا في عام 1936، ودعا قادة التكتل الامة باتفاق سري مع عطا الأيوبي إلى الإضراب العام الذي شل الحياة التجارية، اعتقل المئات من السوريين وتعرضوا للضرب على أيدي الجيش الفرنسي. استمرت هذه المحنة ستين يوماً وقد أحرجت فرنسا أمام المجتمع الدولي. وتخوف الفرنسيون من انتشار الإضراب في المستعمرات الفرنسية في شمال أفريقيا، عندها وعدت الحكومة الفرنسية بمعالجة مظالمها في سورية، ودعت أحد كبار الكتلة مع وفد إلى باريس لمحادثات من أجل الاستقلال.
في الوقت الذي كانت تناقش فيه الكتلة مستقبل سوريا، تم حل حكومة تاج الدين الحسيني وطلب المفوض السامي الفرنسي هنري دي مرتال، من الأيوبي تشكيل حكومة انتقاليه مستقلة للاشراف على شؤون الدولة. وقد تمكن رئيس الوزراء الجديد من تكوين ائتلاف مجلس الوزراء ضمت عناصر من الكتلة الوطنية والمؤيديين للوجود الفرنسي. وعندما عادت الكتلة من فرنسا في أيلول / سبتمبر 1936، استقال الأيوبي من منصبه بعد أن عملت حكومته لمدة 10 أشهر وكان قد أعلن الأيوبي مع رئيس الكتلة الوطنية إنهاء الاضراب العام، وأعلن فوز الكتلة في التوصل إلى اتفاق مع فرنسا التي تضمن استقلال سوريا على فترة 25 عاما. صدق السورييون على هذا الاتفاق ولكن الفرنسيين تراجعوا ورفضوه خوفاً من فقدان مستعمرة مهمة في العالم العربي وذلك إبان اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا. في آذار مارس 1943، خلال الحرب العالمية الثانية، قام الجنرال الفرنسي شارل ديغول بالهجوم على سوريا وذلك للقضاء على الموالين لحكومة فيشي الموالية لألمانيا والمتمركزين في دمشق وقضى عليهم.
أصبح الأمير عطا الأيوبي رئيسا للوزراء لفترة انتقاليه ونصب نفسه أيضا وزيراً للخارجية والدفاع والداخلية وأشرف على الانتخابات الرئاسيه. ترك منصبه في آب أغسطس 1943، واستقال من الحياة السياسية وذلك إبان انتخاب الرئيس شكري القوتلي رئيسا للدولة. كرمته الكتلة الوطنية ابان الاستقلال في نيسان أبريل 1946. وذلك للدور العظيم الذي لعبه في مساعدة الثوار والكتلة الوطنية في تحقيق الاستقلال السوري. كان الأمير عطا الأيوبي قومياً كرس نفسه لخدمة سوريا واستقلالها ولم يكف يوماً عن استعمال مركزه السياسي لتقديم الخدمات للثوار من أجل تحقيق الاستقلال.
توفي عام 1951.