المضاربة في البورصة هي "المخاطرة بالبيع والشراء بناء على توقع تقلبات الأسعار بغية الحصول على فارق الأسعار"،
وقد يؤدي هذا التوقع إذا أخطأ إلى دفع فروق الأسعار بدلاً من قبضها فهي ليست بيعاً حقيقياً ولا شراء حقيقياً إنما المسألة تنحصر كلها في قبض أو دفع فروق الأسعار بينما البيع والشراء في المضاربة الشرعية بيع حقيقي لسلع محددة، وفق الضوابط الشرعية فالمضارب يسعى لجمع وحبس كل البضائع أو الصكوك التي من نوع واحد في يد واحدة، ثم التحكم في السوق، حيث لا يجد المتعاملون في هذه السلع أو الصكوك، ما يوفون به التزاماتهم التي حان أجلها، الأمر الذي يجعلهم تحت ضغط هؤلاء المتحكمين والخضوع للأسعار التي يقرروها. الفقهاء اتفقوا على تعريف عقد المضاربة «أنه عقد على الشركة بين اثنين أو أكثر، يقدم أحدهما مالا والآخر عملا، ويكون الربح بينهما حسب الاتفاق والشرط». وبذلك تختلف في الفقه الإسلامي عنها في الفكر الاقتصادي المعاصر، فهي تعني عمليات بيع وشراء صوري تنتقل معها العقود أو الأوراق المالية من يد إلى يد دون أن يكون في نية البائع أو المشتري تسليم أو تسلم موضوع العقد في الفكر الاقتصادي المعاصر
المعنى الاصطلاحي للمضاربة:
للفقهاء تعاريف للمضاربة تتفق في بعض الأمور وتختلف في البعض الآخر.
فقد عرّفها الحنابلة بقولهم: "دفع مالِه إلى آخر يتجر فيه والربح بينهما"، وقال ابن قدامة في المغني: "معناها أن يدفع رجل ماله إلى آخر ليتجر له فيه على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه"، أما الأحناف فقد عرّفوها بأنها: "عقد على الشركة في الربح بمال من جانب رب المال وعمل من جانب المضارب"، وبالنظر إلى هذه التعاريف نجد أن بعض الفقهاء قد ضمن تعريف المضاربة الشروط الخاصة بها والتي تختلف من مذهب لآخر، كما أن بعضهم قيَّد مجال عمل المضارب في النشاط التجاري فقط حينما قال "ليتجر" أو "على أن يتجر"، وقَصْر المضاربة على التجارة - كما يتضح فيما بعد - ليس فيه من الكتاب أو السنة أو القياس، كما أن بعض هذه التعريفات قيَّد رأس مال المضاربة بأنه نقد مضروب، فخرجت بذلك سائر السلع والعروض، كما يؤخذ على بعض هذه التعريفات، والتي استخدمت لفظ "دفع" أنها اعتبرت المضاربة هي ذات الدفع للمال والمضاربة ليست كذلك، بل هي عقد يتم قبل الدفع أو معه، وكان الأولى القول: "المضاربة عقد يتضمن دفع المال".
غير أننا إذا أعدنا النظر ثانية إلى هذه التعريفات فإننا نجد أنها قد اشتركت في ضرورة توافر ثلاثة شروط في تعريف عقد المضاربة:
الشرط الأول: أن المضاربة تقوم على طرفين.
الشرط الثاني: أن المضاربة تقوم على تقديم المال من أحدهما والعمل من الآخر.
الشرط الثالث: أن المضاربة غايتها تحقيق الربح الذي يشترك فيه طرفاها حسب ما يتفقان عليه.
مشروعية المضاربة:
المضاربة عقد مشروع بلا خلاف، أما دليل هذه المشروعية فقد ثبت بالإجماع المستند إلى السنة التقريرية.
أولاً: أدلة مشروعية المضاربة من السنة التقريرية:
ثبت في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الشام مضاربًا بمال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وكان ذلك قبل النبوة، ثم حكاه بعدها مقررًا له، والتقرير أحد وجوه السنة، فدل ذلك على مشروعية المضاربة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان العباس إذا دفع مالاً مضاربة، اشترط على صاحبه ألا يسلك به بحرًا ولا ينزل به واديًا، ولا يشتري به ذات كبد رطبة، فإن فعل ذلك فهو ضامن، فرفع شرطه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه، وهذا الحديث أيضًا من قبيل السنة التقريرية.
أخرج ابن ماجه عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة فيهن بركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع