السلام عليكم ايها الشهر الفضيل ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من أنت ايها السيد الوقور؟
أنا ضيفكم الراحل، وزائركم المؤقت، وناصحكم الامين، أنا ركن من أركان الإسلام، وقبس من نور الإيمان.
أهلا وسهلا بك..ما اسمك أيها الضيف الزائر؟
اسمي رمضان، ابن الزمان، وحفيد الأيام، وأخو شعبان.
كم يبلغ عمرك؟
عمري يقرب من ألف وأربعمائة وثلاثون سنة 1430هـ.
من أين أتيت؟
أتيت من عند الرحمان، الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان.
أين تسكن يا حضرة الفاضل المحترم؟
أسكن في قلوب المؤمنين، وفي ديار المتقين، وبجوار المحسنين.
هل تعاني من أزمة السكن كما نعاني منها نحن هذه الايام؟
نعم، لقد مررت بكل بيت وحللت في كل منزل، ودفعت أغلى الأثمان، فكان أن طردني البخلاء الأشقياء، وتجاهلني الأغنياء الأذلاء، وعبس فب وجهي التعساء الجهلاء ولكني لم أيئس، فقد بحثت عمن يحبونني من المؤمنين المحسنين، والأتقياء الصالحين، فوجدتهم ينتظرون لقائي، ويستعدون لاستقبالي..
وكم تقيم عندنا؟
أيام معدودات، تسع وعشرون أو ثلاثون.
ما هي مهنتك التي تمارسها في ديار الإسلام؟
مهنتي الزراعة والصناعة والطب والتعليم.
فما هي زراعتك؟ !
أما الزراعة: فإنّني أغرس الإيمان في القلوب، وأزرع المحبة في النفوس، وأبذر الأخلاق في الطباع، وأسقيها بماء الطهر والإخلاص، وأغذيها بشهد الفضيلة والإحسان..
كما أني انزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور، وأقلع جذور الفساد والغش والحسد من النفوس فتنتج المحبة والمودة والإخاء.
ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها.. وما هي صناعتك التي تمارسها؟
إنني أصنع الأجسام القوية، والنفوس الأبية، والأرواح الزكية، وأصل ما تقطّع بين الناس من أوصال، وأجمع ما تفرّق من أشتات، وأصهر الجميع في بوتقة العدل والمساواة، فأنتج الأبطال الأقوياء، والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم.
يا لها من صناعة.. وما هي تجارتك؟
تجارتي لن تبور، فأنا أعطي الحسنات وأمحو السيئات، فمن تعامل معي ربح الجنة وفاز بالحياة، ومن تنكر لي وغش خسر البركة والخيرات، وحبطت أعماله ، وكان من أولئك الذين اشترو الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانو مهتدين.
وما هو طبك؟
إنني أداوي الأجسام السقيمة، والنفوس المريضة، والعقول التائهة.. فأبعد عنها كل ضعف وشح وشرك.. وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم الفساد والضلال.
وماذا عن أدويتك وعلاجك؟
أدويتي هي الصيام والقيام وذكر الديّان والعمل على طاعة الرحمان.
لقد عرفنا الكثير من مزاياك وازداد شوقنا إلى حديثك المفيد، وكلامك الرشيد.. فهل لنا أن تزيدنا من علمك وتعرفنا على مزيد من فوائدك؟
نعم، أنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، أنا شهر التوبة والغفران، أنا فيَ ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. من حُرِمها فقد حرم الخير كله، ولا يُحرَم خيرها إلا محروم.. أنا الذي رافقت أبائكم المسلمين في معارك بدر واليرموك وحطين.. فأعطيتهم القوة والعزيمة وعلمتهم الصبر والثبات فكان النصر حليفهم والخذلان حليف عدوهم..
هل لك من شيئ تقوله أخيرا؟
نعم، انني لمن صام رمضان ايمانا واحتسابا: بارك الله صيامكم وغفر ما تقدم من ذنوبكم، ورزقكم من الطيبات لتزدادوا خيرا وبركة على بركة.
أما انتم أيها البخلاء الطامعون، والأغنياء اللاهون، والتجار المحتكرون، والمفرطون العابثون، فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم موصدة وبيوتكم مقفلة وقلوبكم خاوية إلا من الطمع وحب المال والفساد والضلال، فلا خير فيما تجمعون ولا بركات فيما تكدّسون.