الولد الصغير هو الاسم الكودي الذي أطلق على أول قنبلة ذرية ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس 1945 من قاذفة القنابل بي-29 "إينولا جاى" والتي كان يقودها الكولينيل بول تيبيتس من السرب 393 من القوات الجوية الأمريكية. وتعتبر هذه القنبلة هي أول سلاح نووي يتم استخدامه وبعدها بثلاثة أيام تم إلقاء القنبلة الثانية "الرجل البدين" (فات مان بالأنجليزية:Fat Man) علي مدينة ناجازاكي.
تم تطوير هذه القنبلة ضمن مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية وتستمد القوة التفجيرية من الانشطار النووي من اليورانيوم 235. كان قصف هيروشيما هو ثاني تفجير نووي صناعي في التاريخ (الأول هو "ترينيتي" بغرض التجارب)، وكانت الأولى التي تعتمد على اليورانيوم بغرض التفجير. فقط 600 ملليغرام من اليورانيوم تم تحويلها إلى طاقة للتدمير. وإنفجرت بقدرة تدميرية تعادل ما بين 13 و 18 كيلوطن من مادة تي ان تي، وقتلت ما يقرب من 140،000 شخص. لم يتم اختبار هذا التصميم في موقع الاختبار ترينيتي، على خلاف قنبلة البلوتونيوم (فات مان) الأكثر تعقيدا، التي تم اختبارها. وكانت الكمية المتاحة من اليورانيوم المخصب في هذا الوقت صغيرة جدا في ذلك الوقت، ورئي أن تصميم قنبلة اليورانيوم بسيط ولابد من أن يعمل ولم يكن هناك حاجة إلى اختباره.
تصميم القنبلة
يبلغ طول قنبلة "الولد الصغير" 10 أقدام (3.0 م) وقطرها 28 بوصة (71 سم) ووزنها إلي 8،900 رطل وزنها (4000 كيلوغراما). تم استخدام تصميم المدفع لهذه القنبلة وحيث تدفع المتفجرات كتلة جوفاء من اليورانيوم 235 أقل من الكتلة الحرجة لهدف من كتله أخرى لتكون الكتلة الحرجة لبدء تفاعل نووى متسلسل. ورغم أنها تحتوي على 64 كيلوغراما من اليورانيوم، إلا أن الذي خضع للانشطار النووي هو 0.7 كجم، ومن هذه الكتلة لم يتحول سوى 0.6 جرام إلي الطاقة.
لم يتم اختبار هذه القنبلة وكان الأختبار النووي الوحيد الذي تم في منطقة ترينيتي كان باستخدام قنبلة البلوتونيوم وهي من النوع الإنهيارى ولهذا عدة أسباب منها أن كمية اليورانيوم 235 كانت ضيئلة للغاية - مقارنة بكمية البلوتونيوم المتوفرة آنذاك - والتي كانت تعد بمفاعل هانفورد. بالإضافة الي أن تصميم القنبلة من نوع القنبلة ذات الانشطار المصوب وهو تصميم بسيط ولا يحتاج سوى بعض الاختيارات المعملية لتجميع القنبلة وهذا مختلف عن التصميم المعقد للقنبلة الانهيارية كقنبلة الرجل البدين ألتي القيت علي مدينة ناجازاكى ولهذا كان يوجد يقين بأن هذه القنبلة لابد لها من الانفجار.
تصميم القنبلة
برغم من أن هذا التصميم تم استخدامه لاحقا بعض المرات في بعض الاختبارات إلا انه تم استخدامه كسلاح في هذه المرة فقط وذلك لوجود خطورة شديدة من أنه قد ينفجر عن طريق الخطأ. ويعتبر هذا التصميم غير آمن مقارنة بالأسلحة النووية الحديثة. وبما أن الهدف الرئيسي هو ضمان انفجار القنبلة فتم استخدام نظام أمان بدائي لهذه القنبلة مما كان يمكن أن ينجم عنه انفجار القنبلة في أي وقت وهذا بسبب:
* تحطم الطائرة الناقلة للقنبلة
* شرارة كهربية
* حريق
* صاعقة
التصاميم الغير بديهية
لأكثر من خمسين عاما كانت كل المطبوعات تصف هذه القنبلة بأنها مقذوف صغير أطلق علي منتصف كتلة كبيرة.
كانت النظريات عن الكتلة الحرجة تملى أن القذيفة يجب أن تكون القطعة الجوفاء الأكبر. وأن تتكون من كتلتين حرجتين من اليورانيوم 235، وإحدى هذه القطعتين ستحتاج إلى تكون أكثر من الحد الأدنى للكتلة الحرجة والشكل الأجوف ذلك لإتاحة المزيد من النيوترونات للفرار، وليس سببا لمزيد من الانشطار.
الآثار المادية للقنبلة
تم أختيار مدينة هيروشيما لأنه كان مطلوب معرفة تأثير القنبلة علي مدينة كاملة غير مدمرة حيث يتم دراسة الدمار فيما بعد، وقد تم قياس الطاقة لحظة الانفجار عن طريق أجهزة ألقيت بالبراشوت من طائرة أخرى تحلق بجانب قاذفة القنبلة. وأوضحت البيانات التي ارسلت بالراديو من هذه الأجهزة أن قوة الانفجار بلغت 12 كيلوطن.
أما الأثار التدميرية فنتجت عن الانفجار والنيران والإشعاع
[عدل] الانفجار
منزل مدمر في تفجير اختبارى بنيفادا عام 1953
ينتج الانفجار من قنبلة نووبة بسبب الهواء الساخن الذي ترفع درجة حرارتة أشعة إكس مشكلة كرة نيران كبيرة تؤدى الي موجات انضغاطية عنيفة تتحرك بسرعة أعلي من سرعة الصوت كما يحدث في الرعد المصاحب للبرق. و قد مدت الملاحظات عن انفجار هيروشيما بكل المعلومات عن الانفجار النووي لأن الطبيعية الجبلية لمدينة ناجازاكي تسببت بارتداد هذه الموجات فسببت أنواع أخرى معقدة من التدمير.
في انفجار هيروشيما تم تدمير كل البنايات في دائرة محيطها ميل واحد (1.6 كم) حيث أرسل الأنفجار موجات انضغاطية عنيفة بسرعة تماثل سرعة الصوت محيلة كل المباني إلي أثر وعلي مسافة ميل كانت قوة الموجات الانفجارية 5 psi وهي كافية لتدمير اية مباني مدنية.
النيران
كانت أول الأثار للقنبلة هي ضوء مبهر مع موجات حرارية منبعثة من كرة النيران. ويصل قطر كرة النيران إلي 370 متر وتصل حرارتها إلي 4,000 °C محرقة كل شيء ومذيبة للزجاج والرمال إلي قطع من الزجاج الذائب وقتلت كل البشر في طريقها وأحرقت الجثث. ومن أشهر الأمثلة علي قوة النيران وجود ظل لضحية غير معروف هويتها علي أحد الجدران.
بعض النيران الأولية تحركت مع موجات الأنفجار إلا أن هذه الموجات أشعلت عدة حرائق أخرى من الأفران والسيارات المحطمة وإحداث حرائق بسبب ماس كهربائى فتكونت عدة حرائق صغيرة وإندمجت مع كرة النيران ملتهمة كل ما في طريقها.
كان قطر منطقة النيران حوالي 3 كم وتحولت المنازل التي تحطمت جراء الانفجار الي وقود لهذه العاصفة النارية حيث أحترقت الهياكل الخشبية لهذه المنزل بالإضافة إلي الأثاث. كما ساعدت مواسير الغاز المحطمة في زيادة الحرائق، وفشلت جهود رجال الإطفاء لأن الطرق كانت مسدودة من الحطام بالإضافة إلي تحطم مواسير المياة.
لا يمكن معرفة عدد الضحايا علي وجه الدقة لأن الجثث أحرقت تماما كما ولنفس السبب لا يمكن معرفة عدد من قتلوا جراء النفجار أم من كرة النيران وتم تقدير عدد الضحايا بناء علي بيانات السكان الذين كانو يقطنون هذه المنطقة.
[عدل] الإشعاع
يتلوث الغبار والرماد الناتج من الانفجار بالمواد الانشطارية المشعة. وتتساقطت حول حفرة الانفجار مشكلة منطقة أكبر من منطقة الانفجار ومع قوة الانفجار من الممكن أن يصل هذا الغبار إلي طبقة الستراتوسفير وتصبح جزء من البيئة العالمية,، ونظرا لأن التفجير كان أعلي من سطح الأرض بحوالي 600 متر فلم يكن هناك حفرة انفجار أو غبار متطاير.
و قد إنبعثت كميات هائلة من النيترونات وأشعة جاما مباشرة من كرة النيران وأصابت الناس القريبة من الانفجار بجرعات إشعاعية قاتلة إلا انهم ماتوا قبل أن تظهر عليهم أعراض الإشعاع.
و بعد عدة أيام بعض من كانوا علي حافة منطقة الأنفجار ماتوا بسبب أمراض الإشعاع الحادة وقيست أثار الإشعاع عن طريق الأدلة والمشاهدة وليست عن طريق الإحصائيات الدقيقة فقد لوحظ زيادة في أمراض السرطان وسرطان الدم بين الناجين وأطفالهم. وإلي الآن لا توجد اية أدلة دقيقة بين التعرض للإشعاع والأمراض الوراثية لأطفال الناجين.
تطور القنبلة
تم بناء قنبلة الولد الصغير من خلال مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية. كان من المعروف اليورانيوم المخصب ذو طبيعة انشطارية، ولذا فتم استخدامه لصنع القنبلة. ومعظم العمل في تشييد القنبلة كان لتخصيب نظائر اليورانيوم اللازم لصنع القنبلة. وتم التخصيب بمنطقة أوك ريدج بولاية تينيسي وبدأت في فبراير 1943, وذلك بعد سنوات طويلة من الأبحاث.
بدأت أول الاختيارات وتصاميم النمازج الأولية في الظهور في بدايات 1943 ذلك في الوقت الذي أصبح معمل لوس ألموس ضمن أنظمة مشروع مانهاتن. وكان تصميم القنبلة (طراز المدفع) مخصص لسلاح اليورانيوم والبلوتونيوم (تصميم الرجل النحيف) إلا أنه في أبريل 1944 وجد أن طبيعة البلوتونيوم الحساسة للانشطار التلقائي لا تصلح لهذا التصميم لذا في يولو 1944 كان عمل المعمل منصب فقط علي قنبلة البلوتونيوم. وعلي العكس فكان تصميم قنبلة اليورانيوم شديد البساطة.
و واجه فريق تصميم قنبلة المدفع والذي كان يقوده فرانسس بيرش مشكلة أخرى، فبرغم سهولة التصميم إلا أن المشكلة تكمن في عدم وجود كمية كافية من اليورانيوم -235 وكانت الكميات المطلوبة لن تكون متوفرة قبل منتصف عام 1945 إلا أن بيرش استطاع إقناع الأخرىين بمتابعة صنع قنبلة اليورانيوم كضمان في حال فشل قنبلة البلوتونيوم وفعلا تم الانتهاء من التصميم في فبراير 1945 وإكتملت القنبلة في مايو 1945.
معظم اليورانيوم اللازم لإنتاج القنبلة جاء من منجم شينكولوبوي ويرجع الفضل في ذلك إلي الرئيس التنفيذي للاتحاد التعدين بكاتانغا العليا، إدغار سينجير الذي شحن 1000 طن من خام اليورانيوم إلى مستودع نيويورك في عام 1939. وهناك كمية صغيرة تم جلبها من الغواصة الألمانية يو 234 التي أسرت بعد استسلام ألمانيا في مايو 1945. وكان تخصيب اليورانيوم في أوك ريدج، تينيسي، وذلك عن طريق الفصل الكهرومغناطيسي في أجهزة الكالوترون ومعامل الانتشار الغازي، بالإضافة إلي كمية صغيرة أسهمت بها السيكلوترون من معامل ارنست لورنس سين للإشعاع. وإحتوى قلب قنبلة الولد الصغير علي 64 كيلوغراما من اليورانيوم، منها 50 كجم تم تخصيبها إلى 89 ٪، والباقي 14 كيلوغراما تم تخصيبها إلي 50 ٪. ومع متوسط تخصيب اليورانيوم إلي 80 ٪، قد يصل اليورانيوم إلى نحو 2.5 ضعف الكتلة الحرجة. وعلى سبيل المقارنة فقد كان تجربة ترينيتي وقنبلة الرجل البدين خمسة أمثال الكتلة الحرجة.
بناء القنبلة
في 14 يوليو 1945 غادر قطار معامل لوس ألموس وكان يحمل عدة أجزاء من القنبلة بالإضافة إلي مقذوف من اليورانيوم نظرا لأن القلب لم يكن جاهزا بعد وتم ايصالها إلي منطقة هانتر بوينت بمرفاء البحرية الأمريكية بـسان فرانسيسكو ولاية كاليفورنيا.