صائم في إجازة
زوجات يشتكين من عصبية أزواجهن أثناء الصوم ... ومتخصصات يؤكدن أن الحل في أيديهن.
نناقش في التحقيق اعتقاد شائع بأن الامتناع عن الأكل والشرب لفترة طويلة تمتد لساعات كحال الصيام لا بد أن يرتبط بتغير المزاج العصبي. ودائما ما نبرر عصبية أي شخص وخصوصا بأنه صائم!. وتستطلع آراء بعض الزوجات عن العلاقة بين الصوم والعصبية في تصرفات أزواجهن: هل من ضرورة لتلازم الاثنان؟ كما نسأل: ما هو الوضع الأمثل للصائم في رمضان وكيف تتخلص من سلوك زوجها العصبي؟ حيث تشتكي نساء كثيرات من ازدياد عصبية أزواجهن أثناء فترات الصوم، فيما تؤكد أخريات أن سبب هذه العصبية لا يرجع للصوم بل إلى طريقة تعامل كل زوجة في بيتها، وتسرد بعضهن طرقا للحد من عصبية الأزواج.
هل الصوم هو السبب:
في الحقيقة أن هذا الاعتقاد بوجود رابط بين العصبية وتغير المزاج بالصوم والامتناع عن الأكل غير صحيح؟. ولا شك أن للصوم أو الجوع دور في التأثير على الحالة المزاجية للإنسان ففي بداية اليوم يؤدي إلى استثارة الأعصاب ولكن ذلك يتحوَّل في نهاية اليوم إلى حالةٍ من هدوء الأعصاب بسبب تكيف مركز الجوع في الجسم على عدم تناول المأكولات أو المشروبات كما تقول بعض الدراسات .
في المقابل تقول هنادي عمر (ربة بيت) بأن الجوع هو المولد الأساسي لعصبية الزوج التي لا داعي لها، فالجوع بحسب تعبير بعض الخبراء يفقد بعض الرجال بصرهم وربما بصيرتهم، فهناك من تكون لديه قدرة على تحمل الجوع وهناك من لا يقدر، خاصة إذا كان الزوج من المدخنين بغض النظر عن حرصه على واجباته الدينية و التشكيك في صيامه أو كان من الذين لا بدء يومهم دون فنجان قهوة. وتضيف هنادي أن للزوجة دور في التخفيف من عصبية الزوج أثناء الصوم كأن تعامله بالحسنى ورقة وكياسة وألا ترهقه بطلبات ناهيك عن أن تنظم متطلباتها في أوقات مناسبة يكون فيه الزوج مرتاحا وغير جائع ويفضل ألا تكون أثناء الصوم، ألا تبالغ في شراء الأشياء غير الضرورية لأن الصرف بشكل عام يوتر الرجل ويقلقه بحكم أنه المسئول عن الإنفاق.
الرجال لا يحتملون الجوع .. فيفقدون السيطرة على أعصابهم:
وتوافقها أمل العيوني وهي متزوجة منذ عشر سنوات وتقول: الرجال لا يحتملون الجوع مثل النساء وبالتالي يصبحون ميّالين إلى الشجار، والواجب ألا تثير الزوجة حفيظة زوجها وعصبيته، بل عليها أن تتوخى الحذر في تعاملها معه وعليها أن تحضر له كل يوم الأطباق التي يحبها وتترك له حرية الاختيار وكذلك أن تكون جاهزة على المائدة مع حلول موعد الإفطار لكن أمل تحذر من أن تقوم الزوجة بإتخام زوجها بكثرة الطعام فيتكاسل وتهبط عزيمته. في المقابل تؤكد أمل أن على الزوج أن يقدِّر أن زوجته مثقلة بأعباء المنزل وهموم البيت ويقع عليها عبء كبير بالنهار والمساء، بالإضافة إلى ضغط الأطفال عليها ويزداد الضغط عليها إذا كانت امرأة عاملة وفي الغالب ينسى معظم الرجال أن طبيعة تكوين المرأة تجعلها في حالة توتر عصبي في بعض الأوقات، وعليه أن يتكيف مع معاملتها في هذه الأيام .
والجو الروحاني والهدوء والطمأنينة هي الحل:
وتقترح زوجة خبيرة أن تستعين الزوجة بالذكر والتسبيح والقرآن الكريم فتجعل البيت مليئا طوال وقت الصوم بالجو الروحاني الذي يبعث على الطمأنينة والهدوء وصفاء النفس إضافة لتشجيع كل أهل البيت على ذلك. وتضيف على كل زوجة ألا تفتح مع زوجها حوارًا أثناء أوقات الصيام بل تؤجله إلى بعد الإفطار لأن النقاش يولد جدلاً، ويولد اختلافَ الرأي. وتضيف عليها أن تتجنب التعامل معه في أوقات الغضب ولا تطيل معه في الحديث، وبعدما يهدأ عليها فتح حوار في الوقت المناسب لإقناعه بوجهة نظرها حتى تتوصل إلى نتيجة مفيدة .
النساء أكثر عصبية أثناء الصوم !
وتفجر الدكتورة إحسان محمود فهمي أستاذة الأمراض النفسية بجامعة بنها في حوار إلكتروني مفاجأة بأن النساء أثناء الصيام أكثر عصبية من الأزواج وتقول: أن هذا ما أثبتته الدراسات العلمية، برغم أن المشهور أن الرجال أكثر عصبيةً بسبب خروجهم للعمل واحتكاكهم بالناس تعرضهم لمثيرات وضغوط العمل، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المدخنين منهم مقارنة بالنساء ولعل هذا السبب في أننا نلمس عصبيتهم أكثر من النساء.
الصوم يقوي الإرادة .. ولا يضعفها:
من جهتها تسرد الدكتورة مشاعل في مشاركة في أحد المنتديات الإلكترونية وصايا لمعاملة الأزواج في رمضان تبدأها بضرورة التعامل باللطف دون التمادي في الرقة المفرطة حد الإغراء إذا ما كانا متزوجين حديثا. وتطالب الزوجات بالبعد عن النرفزة والعصبية ورفع الصوت العالي وذلك لكي تكسب زوجها هذه السلوكيات من جهة ومن جهة أخرى تفرض عليه المعاملة بالمثل بصورة غير مباشرة . وتتابع وصاياها بالابتعاد عن مسببات العصبية بأداء بعض الأعمال التي تهدئ النفس مثل الذكر والتسبيح والالتزام بالصلاة في أول أوقاتها وقراءة القرآن أثناء الصوم وتدبر آياته واستحضار معانيه، وتدريب النفس على الهدوء تدريجيًّا وتذكر قول الله تعالى ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".
ونختم بمشاركة المرشدة الاجتماعية سعاد العجلان حيث تقول: أن الصوم الحقيقي هو الذي يرتقي بالإنسان إلى درجة من الملائكية، والذي يتلخص في صوم النفس عن ما حرمه الله في نهار رمضان، وتدريبها على التحكم في رغباتها وانفعالاتها، أي أن الصوم سلوكٍ يعبِّر عن قوة الإرادة وليس ضعفها وخاصة للأزواج الذين ارتبط سلوكهم العصبي مع الصوم. وتضيف: الذين اعتادوا على المنبهات والتدخين يسوقون هذه الاعتقادات تبريرًا لضعفهم وعجزهم عن الالتزام الحقيقي بمعنى الصيام.