فارق أمس طفلين عمرهما 8 و10 سنوات بعدما لم يستطيعا إكمال صيامهما، وتوفي قبل آذان المغرب، بعدما اشتد عليهم العطش ولم يقدرا على تحمله، خصوصا مع الحرارة الشديدة، حيث وجدا جثتين هامدتين، كما سجلت مصالح الاستعجالات بمختلف مصالح المستشفيات، حالات من الإغماءات من جميع الفئات، منها فئة الأطفال، بسبب العطش الجديد أو تعنتهم على إكمال الصيام أو إرغاما من قبل الوالدين، تحججا ببعض العادات بأن الطفل بلغ ويجب عليه الصوم.
طلب منها والدها النوم لنسيان العطش فوجدها جثة هامدة
الحالة الأولى سجلت بلدية بوراشد بعين الدفلى؛ أين لقيت مساء أمس طفلة في العقد الثامن من عمرها، دقائق قبل آذان المغرب، نتيجة موجة الحر التي اشتاحت الولاية، أين ماتت عطشا وهي صائمة، وحسب المعلومات المتوفرة لدى ''النهار''، فإن الطفلة طلبت من والدها أن تشرب، إلاّ أنّه طلب منها الصمود والنوم، فإذا به وجدها جثة هامدة، بعدما لم تستطع الصبر على موجة الحر والعطش، ففارقت الحياة قبل أن تطفئ غليل العطش.
أرادت أمّه أن تعلمه الصّبر بالصيام لكن القدر خطفه منها
الضحية الثانية، يبلغ من العمر 10سنوات يقطن ببلدية الرباح بالوادي توفي في أول صيام له، بعدما لم يقدر على استكمال اليوم من شدة العطش، وحسب مصادر ''النهار''؛ فإن الطفل المعني كان يخبر أمه بأنّه عطشان، لكن الوالدة أرادت بحسن النية، أن تعلمه الصبر وطلبت منه أن يغتسل بالماء حتى وصول موعد آذان المغرب والإفطار، لكن الصغير، شاء الله ألا يبقى إلى وقت المغرب والإفطار، أين لفظ أنفاسه الأخيرة من شدة العطش قبل موعد الإفطار بساعة أو ساعتين.
ومن جهة أخرى؛ سجلت مصلحة الاستعجالات بالوادي توافد عدد كبير من الأطفال الذين أصيبوا بالعطش الشديد أثناء صيامهم خاصة اليومين الماضين، أين وصلت درجة الحرارة 50 درجة تحت الظل الأمر الذي تسبب في العطش الشديد، كما أفادت مصادر ''النهار'' أنه من بين المسببات الأساسية لهذه الحالات، هو الطابع الجغرافي للمنطقة المعروفة بالمناخ الصحراوي، والمعماري القديم لمباني مدن وقرى الوادي التي تبنى مفتوحة على الهواء الطلق، أين تدخل أشعة الشمس الحارقة البيوت وتتسبب في شياح تام من الماء لدى الأطفال الصائمين.
أصرّ على إيجاد بديل عن تطعيم إبنه لإبقائه صائما بالمستشفى
استقبلت مختلف مصالح الإستعجالات الطبية المنتشرة بمختلف البلديات والدوائر، ما يزيد عن العشرين حالة من أطفال أصيبوا بإعياء شديد وإرهاق ناجم عن الصوم.
وقالت مصادرنا؛ بأنّ غالبية الحالات التي تم استقبالها تتراوح أعمارهم بين السبع والعشر سنوات فقط منهم حوالي تسع بنات، مضيفة أنّ قدوم المصابين إلى مصالح الإستعجالات في الغالب يكون في حدود الساعة منتصف النهار، وفي بعض الحالات الثانية زوالا وهي الفترات التي في العادة بإمكان الأطفال الوصول إليها قبل إصابتهم بحالات إغماء.
ومن جهة أخرى؛ تباينت التداعيات في العادة بشأن الأطفال المصابين بين التعب والعجز والصداع وإحساس بآلام غير طبيعية في الرأس فببلدية فرجيوة مثلا استقبلت المصالح الطبية وبعض الأطباء الخواص حالات لأطفال أغمي عليهم وتوجب إخضاعهم للعناية الطبية نتيجة إصابتهم بنقص في التنفس، وأوردت بشأن الأسباب المصادر الطبية أن ذلك راجع إلى إرغام العديد من أبنائهم على الصوم دون مراعاة لقدراتهم الجسدية والنفسية والصحية، رغم إدراكهم الشديد لخطورة ذلك، والغريب يقول أحد الأطباء لـ''لنهار''؛ أن أحد الأولياء أصر عليه إيجاد بديل عن تطعيم ابنه، على أن يبقى صائما حتى موعد الإفطار.
عبد القادر لشهب عضو لجنة الإفتاء بوزارة الشؤون الدينية لـ ''النهار''
''لا يجوز إرغام الأطفال غير البالغين على الصوم وتكليف النفس ما لا تطيق''
أكد عضو لجنة الإفتاء بوزارة الشؤون الدينية، عبد القادر لشهب، أن الطفل قبل البلوغ غير مكلف بالصيام، ولا يجوز تكليفه مال يطيق، لكن يستحسن تعويده عليه، لما له من فوائد صحية، تربوية ودينية عليه.
وقال عضو لجنة الإفتاء في اتصال بـ''النهار''؛ أنه لا يجوز إجبار الأطفال غير البالغين على الصيام، ويستحسن فقط تعويدهما عليه والتدريب شيئا فشيئا حتى يتعود عليه عند بلوغه، لكي لا تترتب عليه مشقة ومضاعفات، مضيفا أنّه لا يجوز تكليف النفس ما لا تطيق، وعلى الوالدين عدم إرغام أولادهما على الصوم، وأخذ الحيطة والحذر ومراقبتهم في حال أرادو الصوم، كأن يصومه من السحور إلى منتصف النهار، وغير ذلك على سبيل التدريب، خصوصا أن شهر رمضان الذي جاء في فصل الصيف الذي يطول فيها النهار وترتفع فيه درجة الحرارة، ممّا يجعله صعبا نوعا ما، مؤكدا كذلك أن من يرغم أولاده على الصيام تعتبر جناية، وخطأ وتكليف النفس ما لا تطيق قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، قد تصل إلى حد الموت وهذا هو الخطأ بعينه.
عن الربيع بنت معوذ قالت: ''فكنا نصومه بعد، ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن''، رواه البخاري.
أغلبهم أطفال صغار وشيوخ
''الجفاف'' بسبب العطش يقود 8 أشخاص يوميا إلى المستشفيات
استقبلت المصالح الإستعجالية على مستوى كل من المستشفيات الجامعية بني مسوس، نفيسة حمود، محمد لمين دباغين، مصطفى باشا، سيدي بلعباس، والمؤسسة الإستشفائية جيلالي بلخنشير بالقبة حوالي 250 حالة منذ بداية شهر جوان، أغلبها تخص أطفالا صغارا وشيوخا متقدمين في السن . وفي هذا الشأن، تشير الإحصائيات الصادرة عن مستشفى بني مسوس الجامعي أنه منذ بداية موسم الحر، تلقت مصالحهم حوالي 60 حالة تخص أشخاص كبار لم يتحملوا إرتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، يقدر العدد الخاص بالأطفال الذين تم إستقبالهم على مستوى الإستعجالات الطبية الخاصة بالأطفال بـ 100 حالة شهريا، حيث تبين أنهم تعرضوا إلى ضربات شمس، وبقائهم يلعبون تحت درجة حرارة مرتفعة جدا، دون قيامهم بشرب الماء، وهو الأمر الذي أدى إلى تسجيل حالات إغماء وجفاف في أوساطهم.
بالمقابل إستقبلت المصالح الإستشفائية الإستعجالية بالمستشفى الجامعي لنفيسة حمود، قرابة 100 حالة تخص أطفالا أصيبوا بتشنجات خفيفة نتيجة تعرضهم بشكل مفرط إلى أشعة الشمس، وحالات فشل كلوية مؤقتة، حيث تطلب علاجها أسبوعا المستشفى. وفي الشأن ذاته، سجلت المصالح الإستعجالية بمستشفى لمين دباغين الجامعي، 62 حالة جفاف منذ بداية شهر جانفي إلى نهاية جوان، 10 من المائة تخص أطفال صغار ورضع.
أما مستشفى القبة، فاستقبل حوالي 7800 حالة استعجالية منذ بداية موسم الإصطياف، 300 حالة منها تخص أشخاص كبار طاعنين في السن، وأطفال صغار تم إسعافهم وتوجيههم إلى المصالح الإستشفائية المتخصصة للتكفل بهم. وفي الصعيد ذاته، بلغ عدد الحالات التي تم إستقبالها على مستوى الإستعجالات الطبية بمستشفى مصطفى باشا 130 حالة، تخص أشخاص مصابين بأمراض مزمنة لعدم قدرتهم على التأقلم مع درجات الحرارة الشديدة وصعوبة المحافظة على رطوبة أجسامهم، بالإضافة إلى رضع لم يتحملوا هم الآخرون درجات الحرارة المرتفعة، بالإضافة إلى حالات تخص أطفال تعرضوا إلى الجفاف بسبب بقائهم مدة زمنية طويلة يلعبون تحت أشعة الشمس دون إستهلاك الماء لمدة 12 ساعة.