يمثّل جامع الحنفي بدوره جوهرة ثانية وقلعة روحية في سماء مدينة الورود إلى يومنا هذا، فهو في موقعه غير بعيد عن المسجد الأوّل ابن سعدون إلاّ بأمتار معدودة. ويروي العارفون بتاريخ المنطقة أنّه بُني زمن العثمانيين في العام 1750م.
تتميّز واجهة المسجد الرئيسية بالبساطة وبعذوبة التّصميم، حيث أعطت صبغة جمالية فنية متميّزة رغم البساطة الّتي يتّسم بها، تتموضع درجات ست عند مدخله توصل المصلّين إلى أبواب خشبية ثلاث تغطيها سقيفة من الخشب أيضاً، وفوق المدخل الأوسط علّقَت لوحة رخامية ذُكِر فيها بالخط العثماني في أسطر قليلة أعمال ''الداي حسين باشا''، وتمثّل المئذنة عنصراً معمارياً فنياً ما تزال تحافظ من خلاله على الفن المعماري العثماني، مثمّنة الأضلع تقوم على قاعدة مربّعة، وتعلو سطح المسجد قبتان واحدة ترتفع فوق المحراب - تمّ تجديدها بعد تعرضّها لزلزال 1825م- والثانية فوق الميضاء. والملاحظ أنّ مسجد الحنفي يُعَدّ من المساجد ''الأناضولية'' المحضة، ويوجد في حالة جيّدة خاصة بعد التّرميم الّذي تعرّض له مؤخّراً، وما يزال يقصده عشرات المئات من المصلّين، كما أنّه لا يختلف عن سابقه في الجو الروحي الّذي يميّزه.
تجدر الإشارة إلى أنّ المساجد العتيقة في البليدة افتقدت إلى كثير من خصائصها الهندسية الأولى جرّاء التّرميمات الّتي أدخلت عليها من جانب وكذلك بسبب تعرّضها لزلزال 1825م الّذي أتَى على أجزاء هامة منها، إلاّ أنّه وبالرغم من ذلك، فإنّ مسجدَا ابن سعدون والحنفي يضلان جوهرتان لقلعتان ترتفع في سماء مدينة الورود.