هل أنتِ سعيدة؟
اختي، لطالما طُرح علينا هذا السؤال، واختلفت إجاباتنا عنه؛ باختلاف فهمنا للسعادة بمعناها الحقيقي، فما هو مفهومك للسعادة؟
هل تعتقدين أن السعادة تكمن في جمع المال؟ أو في النجاح والتميُّز في كل الأعمال؟ أو ربما تكون في جمال الشكل والصورة؟ أو لعلها تتحقَّق بالارتباط بفارس الأحلام؟ أو في كثرة الولد؟ أو غيرها؟
اختي:
إن أسبابَ السعادة الظاهرة قد تكون كثيرةً، وهي بلا شك من المساعِدات على تحقيقها، غير أن هذا الشعور بها سرعان ما يتبدَّد بعامل "الإلف"؛ فالأشياء الجميلة عندما نتعوَّد عليها تصبح عاديةً، ويبهت رونقُها، ويخفت إحساسنا بالسعادة تجاهها، وقد كنا قبل الحصول عليها نعتقد أنها منتهى الآمال.
ولكن ثمة أمر يشكّل أساس السعادة الحقيقي وجوهرها، بحيث إذا غاب غابتْ ولو حصلتْ للمرء كلُّ تلك الأسبابِ مجتمعة، أتدرين ما هو؟
يقول الأستاذ إبراهيم عاصي: "إن السعادة ليست بالشيء الذي ينضاف إلى الإنسان، أو يُلحق به، أو يهبط عليه، إنها شيء ينبع من (داخل)، ويتفجر من الأعماق، ويفيض فيضًا عن النفس، وتلك هي السعادة الأصلية، الراسخة، الصادقة، الغامرة، التي لا تعبأ (بجِدَّة) أو (قِدَم)، ولا تتحوَّل بتحوُّل المنصب والمال، ولا تخضع لظروف الصحة والألم، إنها - باختصار - تلك التي تنبثق عن الحب، الحب الصادق بكل ألوانه ومعانيه".
إذًا؛ إنه الشعور بالحب بمفهومه الواسع، وأوله وأهمُّه حبُّ الله ورسوله، وعن هذا النوع من الحبِّ ينبغي أن تنشأ في قلب المسلم سائرُ المحبوبات، وأهمها: حب الخير والبِرِّ بمختلف وجوهه، وثقي بأن هذا النوع من السعادة سيبقى راسخًا في قلبكِ، ويمنحكِ إحساسًا بالطمأنينة والأمان والاستقرار والراحة النفسية، مهما تبدَّلت الظروف، وتغيَّرت الأحوال.
أما بعد اختي:
فنعيش هذه الأيام فرحة العيش في ظلال شهر من أيام الله المباركة - وكل أيامه كذلك - شهر رمضان، فلتترجمي محبتك لله ولرسوله فيه، ولتتمتعي بهذا الشعور المميز بالسعادة، ثم ترجمي حبك للخير في الفرص الكثيرة التي يقدِّمها لك هذا الشهرُ الكريم، ثم استمتعي أيضًا بطعم السعادة التي تُضفيها الجائزةُ الكبرى التي حباكِ بها مولاكِ - جَلَّ وعَلا - يقول رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((للصائم فرحتان: فرحة عند فِطره، وفرحة عند لقاء ربه))، وإياك أن ترضَي بسعادة منقوصة، تُنتقص قيمتها بكل ما يخدش صيامك من غِيبةٍ ونميمة، وكذب وغِش، وتضييعٍ للأوقات بين الفضائيات وفي الأسواق، وإسراف وتبذير، و..و..و.. حتى لا تحرمي نفسك من السعادة الحقيقية.