وصايا رمضانية
أخي المسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فنرجو أن تكون وجميع العائلة بخير وعافية، كما نهنِّئك بقدوم شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق من النار الغفران، شهر الصدقات والحسنات، شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتضاعف فيه الحسنات وتُقَال فيه العثرات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى - صلَّى الله عليه وسَلَّم - وأمر الناس بصيامه وأخبر - صلَّى الله عليه وسَلَّم - أن ((مَن صامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))، وقد سنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسَلَّم - قيامه فقال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)).
ومع إطلال هذا الشهر الكريم، فإنا نتواصى نحن وإيَّاك ونتعاون على البر والتقوى، ونذكر أنفسنا وإياك بأمور تنبغِي في هذا الشهر الكريم:
1 - أخي العزيز، كم زلة كتبت وكم ذنب عملنا من رمضان الماضي إلى هذه الأيام، ومع إقبالة رمضان تفتَّح أبواب الرحمات، فلنتعرَّضْ لرحمة الله بالحفاظ على الصيام والقيام، وأداء الواجبات؛ علَّنا نكون من عتقاء هذا الشهر الكريم.
2 - أخي، ليكن رمضان شهر جد ونشاط في الطاعات لا كسل ونوم وخمول؛ فلا تفتك صلاة الجماعة أبدًا في هذا الشهر، بل ولا تكبيرة الإحرام، فإن لم تحافظ عليها في رمضان فمتى تحافظ؟ واحرص على السنن الرواتب وأذكار الصباح والمساء، فكم ننساها ونغفل عنها.
3 - ابتعد عن خوارق الصوم ومفسداته فلا تتكلم في أعراض الناس بغيبة أو نميمة أو سخرية، واحفظ سمعك عن الزمر والطرب واشغَلْه بسَماع القرآن وغيره من الخير، واحفظ بصَرَك عن النظر إلى ما حرم الله عليك من الصور والمجلات والأفلام المحرمة، قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
4 - احرص على استغلال وقتك في رمضان في ذكر الله من قراءة للقرآن، وتسبيح وتهليل وسماع للأشرطة الإسلامية، أخي، لا أقلَّ مِن أن تختم القرآن في هذا الشهر مرة واحدة؛ فلقد كان سلفنا يختمون القرآن كل ثلاثة أيام، ولنا فيهم أسوة حسنة.
5 - حافظ على صلاة التراويح مع إمام حسن الصوت؛ ليؤثر القرآن على قلبك وجوارحك، ولا تنصرف منها حتى ينصرف الإمام من الصلاة؛ ليكتب لك قيام ليلة كاملة كما أخبر المصطفى - صلَّى الله عليه وسَلَّم.
6 - احرص على بِرِّ والديك وصل أرحامك، بزيارتهم والإهداء إليهم واستضافتهم في هذا الشهر الكريم؛ فإن هذه الأعمال تحببك إليهم، وتقوِّي رابطَتك بهم.
7 - لا تكن من قوم إذا دخل عليهم رمضان ازدادوا بعدًا من الله؛ فنهارهم في نوم عن الصلوات، وليلهم في سهر إلى السحر على معصية الله، من زَمْر ولعِب ورق وسبٍّ وغَيبَة وغيرها فأين هؤلاء من سلف الأمَّة الذين يكثفون الطاعات ويلزمون المساجد طيلة يومهم؛ ليحافظوا على صيامِهم من الآثام؟!
8 - أخي، مَن تعرَّض لك بسوء من شتم أو سب أو غيره فلا تدر عليه بالإساءة، وإنما قل له: إني صائم، أي متحلِّي بعبادة فلا أريد إفسادها.
9 - إن شهر رمضان شهر الإنفاق والبذل والصدقات فالحسنات فيه تُضاعَف، فاحرص فيه على تفطير صائم ليكون لك مثل أجره، وعلى الإنفاق على الأيتام والمساكين والمحتاجين.
10 - لا تُسرِفْ في مطعمك ومشربكَ في هذا الشهر؛ فرمضان ليس شهر التفنُّن في المطاعم والمشارب.
11 - اغتنم العمرة في رمضان إن تيسر لك؛ فعمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي - صلَّى الله عليه وسَلَّم - وليس من شرطها المكث في مكة أيامًا معدودات.
وقبل أن نختم رسالتنا هذه، أخي العزيز، قف وتأمل:
كم صام معنا العام الماضي من الرجال والنساء والشباب الذين تعرفهم، أين هم هذه الأيام؟
إنهم في بطن الأرض حيل بينهم وبين ما يشتهون، كانوا يؤملون صيام رمضانات عديدة، ولكن الأجل باغتهم.
أخي العزيز، قد يكون هذا الشهر هو آخر رمضان تصومه في عمرك وحياتك؛ فلا تفرط فيه بضياع أوقاته، فيما لا ينفعك دنيا ولا آخرة، ولا تَقْضِ ليله في سهر ونهاره في نوم، بل احرص على كل دقيقة فيه على ما يرضي ربك ويقربك من جنته.
وإنا نودعك الآن بدعوات صادقة صادرة من القلب، نسأل الله أن يبلغنا وإياك شهرَ رمضان، وأن يجعلنا ممن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا، اللهم، اجعل شهر رمضان شاهدًا لنا لا علينا، وشفيعًا لنا يوم نلقاك، اللهم، لا تجعلنا ممن حظُّه من صيامه الجوع والعطش، ولا حظه من قيامه السهر والتعب، اللهم، وفِّقنا فيه لتوبة نصوح، ورُدَّنا فيه إليك ردًّا جميلاً، واختمه لنا بجنَّاتك وعتق من نيرانك.