عاشت أسماء رضي اللّه عنها حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية، فهي من السابقات إلى الإسلام، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي صلى اللّه علية وسلم على الإيمان والتقوى، ولقد تربت على مبادئ الحق والتوحيد والصبر متجسدة في تصرفات والدها، ولقد أسلمت عن عمر لا يتجاوز الرابعة عشرة، وكان إسلامها بعد إسلام سبعة عشر شخصا.
وأثناء الهجرة التي هاجر فيها المسلمين من مكة إلى المدينة، ظل أبو بكر الصديق ينتظر الهجرة مع النبي من مكة، فأذن الرسول بالهجرة معه، وعندما كان أبو بكر الصديق يربط الأمتعة ويعدها للسفر لم يجد حبلا ليربط به الزاد الطعام والسقا، فأخذت أسماء رضي اللّه عنها نطاقها الذي كانت تربطه في وسطها فشقته نصفين وربطت به الزاد، وكان النبي يرى ذلك، فسماها أسماء ذات النطاقين.
وقال لها الرسول: "أبدلك اللّه بنطاقك هذا نطاقين في الجنة"، وكانت أسماء تود الرحيل مع النبي وأبيها وذرفت الدمع، إلا أنها بقيت مع إخوتها في البيت تراقب الأحداث وتنتظر الأخبار، كما كانت تأخذ الزاد والماء للنبي وأبي بكر الصديق، وهما في الغار تقطع المسافات الطويلة عبر الجبال الموحشة في ظلمة الليل.
كانت أسماء رغم كل ذلك حاملا بعبد اللّه بن الزبير، وقررت بعدها الهجرة فقطعت الصحراء مغادرة مكة إلى المدينة على طريق الهجرة العظيم، وما كادت أن تبلغ قباء عند مشارف المدينة حتى جاءها المخاض ونزل الجنين المهاجر أرض المدينة، في نفس الوقت الذي كان ينزلها المهاجرون من الصحابة، فحمل المولود الأول إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم فقبّله وحنّكه، فكان أول ما دخل جوف عبد اللّه ريق الرسول الكريم، وحمله المسلمون في المدينة وطافوا به المدينة مهللين مكبرين.