هناك الكثير من الأخطاء التي يرتكبها بعض الصائمين، مخالفين في ذلك ما ورد في كتاب الله - عز وجل -، أو صح من سنة المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه -، ونحن إذ نبين بعضًا من هذه الأخطاء، همُّنا أن يعود المسلمون إلى الهدي الصحيح، والمسار السليم في حياتهم. والسعيد مَن وُعظ فاتعظ، ونُبِّه فانتبه. فما من خير إلا وديننا يأمر به، ولا من شر في العاجل أو في الآجل إلا وينهى عنه.
ومن هذه الأخطاء التي يرتكبها الصائمون ما يلي:
1 - استقبال هذا الشهر الكريم شهرِ رمضان باللهو والطرب والمعازف والأغاني بدلاً من ذكر الله، وشكره أن بلَّغهم هذا الشهر الكريم، وبدلاً من اتباع ما ورد عن نبي الهدى والرحمة أنه كان يستقبل هلال رمضان بقوله: ((اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، هِلاَلَ رُشْدٍ وَخَيْرٍ))؛ رواه الترمذي وقال حديث حسن.
2 - اعتقاد البعض أن شهر رمضان فرصةٌ للنوم والكسل في النهار، والسهر في الليل، وفي الغالب يكون هذا السهر على ما يغضب الله عز وجل.
3 - استياء البعض من دخول شهر رمضان؛ لأنهم يرون فيه حرمانًا من ممارسة شهواتهم؛ فيصومونه مجاراة للناس، ويفضلون الأشهر الأخرى عليه، مع أن شهر رمضان يعتبر موسمًا من مواسم الخير والفضل والرحمة والمغفرة والعتق من النار للمسلمين.
4 - تعجيل السحور، وتأخير الفطور، وهذا خلاف هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم – في السحور وأمره بتأخيره؛ لأن تقديمه كما يفعل بعض الناس؛ يؤدي إلى عدم حضور الفجر مع الجماعة؛ لأنه سينام بعده.
5 - ترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها، حيث إن بعض الصائمين يضيع نهاره في النوم، وليله في السهر. وقد كان السلف يهتمون بالصلاة اهتمامًا عظيمًا؛ فلا تفوتهم مع الجماعة في رمضان وفي غيره، لكنهم يجتهدون في نهار رمضان وليله أكثر من غيره من الشهور، ويعتبرونه موسم ربح، يتسابقون فيه إلى كل ما يقربهم من ربهم.
6 - التحرز من المفطِّرات الحسية كالأكل والشرب والجماع، فتجد البعض يهتم بتلك الأمور اهتمامًا عظيمًا، ولكنه لا يتحرز من المفطِّرات المعنوية؛ كالغِيبة والنميمة والكذب والسباب والشتم ومشاهدة النساء، اللاتي يحرم النظر إليهن، سواء في الشوارع أو في المحلات التجارية أو المجلات أو الأفلام أو غير ذلك. فيجب على كل إنسان أن يهتم بأمر هذه المفطِّرات؛ فرُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وربَّ قائمٍ ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))؛ رواه البخاري.
7 - ترك صلاة التراويح، فالكثير من المسلمين لا يؤديها، وربما أدى منها ركعتين أو أربعًا، وحجَّتُه في ذلك أنها سُنَّة. ونحن نقول نَعَمْ هي سنة من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها، وهي لا تتجاوز ثلاثين مرة في السنة كلها، وهي تقرب إلى الله - عز وجل -، وتوجب محبته ففي الحديث: ((وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِه،ِ وَبَصَرهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)). وإنَّ ترْكَها لَيعتبر من الحرمان العظيم، نعوذ بالله من ذلك! وربما وافق ليلة القدر، التي هي خير من عبادة ألف شهر؛ فغُفر له ما تقدم من ذنبه، والسنن شُرعت لسد النقص في الفرائض، والقليل مِن المسلمين مَن يؤدي فريضته كاملة.
8 - الإسراف في المأكولات والمشروبات في رمضان، فالصوم لم يشرع إلا لحكمة عظيمة، وفوائد نافعة تعود على الإنسان في دنياه وآخرته. فإذا صام الإنسان في النهار، وأخذ يملأ معدته من أنواع الأطعمة والأشربة في الليل؛ فإنه لم يتغير في وضعه شيئًا، فالطعام الذي كان يأكله نهارًا صار يأكله ليلاً، بل أزيد منه بكثير، ومعلوم أن الشبع الكثير يوهن البدن، ويضعف القُوى، ويثقل النفس؛ فتثقل عليها العبادات، وهذا أمر مشاهد، فالذين يتناولون طعام العشاء بعد صلاة المغرب، تجد أنهم يؤدون صلاة التراويح بتعب ومشقة، وربما عجزوا عن إتمامها، أما الذين يتناولون شيئًا قليلاً عند أذان المغرب، فإنهم يؤدون التراويح براحة تامة.
9 - إنشاء الأسفار من أجل الفطر، وفي هذا تحايل على ترك العبادات، بل إن العلماء قالوا: إن مَن سافر من أجل الفطر؛ فإنه يحرم عليه السفر والفطر.
عدم التواصل بين الأقارب والجيران في رمضان، فعلى كل مسلم أن يصل أقاربه وجيرانه ويتفقد أحوالهم؛ فإن كانوا محتاجين، فعليه مساعدتهم إن كان يستطيع ذلك، وإن لم يستطع فيبحث لهم عمَّن يستطيع مساعدتهم. فبالتواصل تتآلف القلوب، وتتوحد الكلمة، وتنتشر المحبة والإخاء بين المسلمين.
10 - أن بعض الموظفين يقلُّ عطاؤهم في رمضان؛ فتتعطل عنده المعاملات، بحجة الصوم، بل إن البعض يترك الأعمال المكلَّف بها؛ ليقرأ القرآن، وهذا من الخطأ؛ لأن قراءة القرآن سُنة، والعمل المكلَّف به الإنسان واجبٌ، فكيف يقدم ما هو سنة على ما هو واجب؟ مع أن هناك أوقاتًا كثيرة غير وقت العمل يمكن للإنسان أن يقرأ فيها القرآن. لكن بعض الموظفين لا يتذكر قراءة القرآن إلا في وقت العمل!! نسأل الله - عز وجل - أن يوفق المسلمين لتدارك أخطائهم؛ إنه سميع مجيب.