شهر رمضان تجارة مع الله، بضاعتها الصّيام وربحها المغفرة والرِّضوان. والصِّيام ليس معركة ضدّ الجسد بحرمانه من ضرورياته، ولكنّه خطة منظمة لتطهير القلب وتزكية النّفس وامتناع عن مطاوعة دوافع الغضب والاستفزاز وتدريب على قيادة الشّهوات لا الانقياد لها، وبهذا يحصل الثواب وتكمل الفائدة من الصيام ويكون شفيعاً لأصحابه يوم القيامة، وفي الحديث ''الصِّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة''.
وحتّى لا نخسر ثواب الصّيام، ينبغي:
ـ طهارة القلب من الحسد والبغضاء والكبر والشحناء والغرور واتّباع الهوى، وفي الصحيح ''ألاَ وإنّ في الجسد مُضغَة إذا صَلُحَت صَلُح الجسد كلّه وإذا فَسَدَت فسَدَ الجسد كلّه ألاَ وهي القلب''.
ـ غضُّ البصر عن الاتساع في النّظر فيما يُذَم، والبصر رسول القلب، يتأثّر به إيجاباً وسلباً.
ـ حفظ اللسان عن الهذيان والغيبة والنّميمة والكذب والزُّور، وفي الصحيح يقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن لم يَدَع قول الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشربه''.
وكيف يربح ثواب الصِّيام مَن أطلق العنان للسانه وخدعه منطقه، فانطلق يشتم ويسب وينقل الوشاية ويكذب.
ـ صون البطن عن الحرام، فأكل الحلال سبب قبول الدُّعاء، ونحن في شهر الإجابة، وقد طلب سيّدنا سعد من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يكون مُجاب الدعاء فقال: ''أَطِبْ مَطعمَك تَكُن مُستجاب الدعوة''.
ـ صون الأذن عمّا لا ينبغي سماعه، ممّا يثير الغرائز الهادئة، ويفسد العلاقات الاجتماعية، وقد ساوى القرآن الكريم في النّهي بين سماع الكذب وأكل السُّحت، قال تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلْسُّحْتِ}.
ـ حفظ الجوارح الأخرى من اليد والرجل، فلا يؤذي الصّائم أحداً ولا يمشي في ظلم شخص. وفي الحديث: {إنّما الصّوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته''.
وحتّى لا نخسر فوائد الصِّيام وخاصة الصحيّة والنّفسية منها، ينبغي:
ـ تقليل الطعام وقت الإفطار، وفائدة ذلك صحة البدن وتقليل الوزن وفي الحديث: ''والصِّيام جُنّة'' أي وقاية.
ـ عدم الإسراف في تنوع المأكولات والمشروبات، وفائدة ذلك التغلّب على هوى النّفس والحفاظ على ميزانية الأسرة، وعدم تشجيع كثرة الطلب التي يُقابلها ارتفاع السعر وفي الحديث: ''إن المؤمن يأكُل في معي واحد وإنّ الكافر يأكل في سبعة أمعاء''.
ـ إنقاص مادة النيكوتين عند المدخّنين لعدم تناولهم التبغ طيلة ست عشرة ساعة، وهي فرصة للإقلاع عن التّدخين في شهر رمضان لو يعلم المدخّنون.
* إمام مسجد سيدي موسى الخذري ـ بسكرة *