عقاقير وأعشاب تضاهي سعر الذهب تباع في محلات العشابين بالعاصمة
نساء يبحثن عن جلود الثعابين وأظافر الجرذان في ليلة القدر
عندما فكرنا في إجراء استطلاع عبر محلات بيع الأعشاب والعقاقير عشية ليلة القدر كان هدفنا في البداية معرفة مدى إقبال الجزائريين على شراء البخور أي أعشاب يتفاءلون بها في الليلة المباركة، ولكن كم كانت مفاجأتنا كبيرة عندما اكتشفنا من خلال جولتنا عبر هذه المحلات ان بعض النسوة يطلبن أشياء لم نسمع بها من قبل وتدخل في قائمة المواد الخطيرة والسامة والمتداولة عند السحرة والمشعوذين، عقاقير يضاهي سعرها سعر الذهب منها من وصل لمليون سنتيم.
*
البداية كانت من محل معروف لبيع الأعشاب بالحراش عندما ادعين أننا مهتمون بالبحث عن بعض العقاقير بهدف جلب الحظ في ليلة القدر، وكانت سيدة في المحل تتفحص بعض قارورات الزيوت وبعض الأعشاب، وسألنا صاحب المحل وبصوت منخفض عن وجود رأس التبيب وريش الهدهد ودلها عن محل لبيع الأعشاب ببراقي يوفر كل هذه الطلبات، ولما انصرفت، حاولنا الاستفسار منه عن معنى "التبيب" فابتسم وأجابنا دون تردد بأنه رأس طائر معروف، وأنه متأكد بحكم خبرته في بيع العقاقير ان السيدة التي طلبته تريد ترويض زوجها في ليلة مصيرية كليلة القدر.
*
وانتهزت "الشروق" فرصة فتح الحوار مع بائع الأعشاب للبحث عن بعض العقاقير التي كنا قد سمعنا بها من قبل، أولها أظافر الضباع وجلود الأفاعي وبنات آوى وذبابة الهند، فكانت متوفرة ولكن تباع في سرية تامة وبأسعار الذهب، وقال صاحب المحل ونحن نتظاهر برغبتنا في شراء ذبانة الهند ولكن المال غير كاف، إن سيدة جاءت قبل وصولنا إليه وطلبت (الروامة) فقلنا وما هي "الروامة"؟ قال إنها شيء صلب وأسود، وهي مادة سامة يستعملها المشعوذون في ترويض الزوج أو العشيق من طرف المرأة عن طريق تذويبها في إناء ساخن او على البخار، وأوضح أنها عبارة عن كتلة يحصل عليها من مخاض انثى الحمار. وسألنا عن ثمنها فأخبرنا العشاب انه لا يبيعها خوفا من الرقابة ودوريات التفتيش، لأنه يعلم انها مادة سامة وإذا أخطأ مستعملها ووضع قطعة كبيرة منها في الأكل قد تسبب في الوفاة، لكنه قدر ثمنها بمليون سنتيم تقريبا.
*
وحسب تفحص خاطف داخل المحل فإن أنواعا من رؤوس الطيور وجلود محشوة في قارورات أصبحت في الصف الأول ضمن مختلف العقاقير.
*
*
بيوض حشرات وزواحف وطيور سوداء
*
وفي محل آخر في منطقة الحراش دائما، وجدناه مكتظا بالنسوة، منهن من تطلب القطران ومنهن من تبحث عما لم نسمع به من قبل أنواع لطيور سوداء وبيوض لحشرات وزواحف، وبحثت عجوز في الـ 60 من عمرها عن حرباء مجففة، وعندما استوضحت امرأة أخرى كانت في المحل ردت عليها قائلة ان الرسول صلى الله عليه وسلم ابعد السحر عن ابنته فاطمة برمي حرباء في الكانون وتحطم خلخال في رجلها كان فيه السحر، وأضافت أنها تحرق الحرباء المجففة في ليلة القدر لإبعاد السحر والشياطين، وتضع القطران في معصم أحفادها لحفظهم من أي مس قد يصيبهم مع "إطلاق سراح الشياطين دفعة واحدة ليلة الـ 27 من رمضان".
*
وعندما انصرفت اغلب الزبونات تقربنا بهدوء من صاحب دكان العقاقير، وهو شيخ يقارب الـ 70 سنة، وسألناه عن أهم الأعشاب والعقاقير المفضلة في ليلة القدر، فقال إن البخور بجميع أنواعه هو أكثر ما يطلبه زبائنه، ولكن هناك حالات خاصة استقبلها في هذه الأيام جاءت حسبه من مشعوذين ونساء وأفارقة يريدون أن يجعلوا من ليلة القدر ليلة لجلب الحظ وتحقيق الأماني، حيث كشف عن حالة امرأة طلبت منه "بول الحمار" ووعدته ان تعطيه المال الذي يريده، ولما صارحها وقال لها انه لا يبيع مثل هذه الأشياء، أخبرته أن بعض العارفين في عالم الشعوذة نصحوها أن تضع القليل من "بول الحمير" في الأكل لزوجها كي يطيعها، خاصة أنها تعاني منه منذ سنوات، حسب ما قصه علينا بائع الأعشاب.
*
وأشار المتحدث إلى أن الزئبق الأبيض والأحمر أصبح مطلوبا عشية ليلة القدر من طرف أفارقة ومشعوذين قصدوا محله وهم مستعدون لدفع ما يفوق الـ 5 ملايين سنتيم من اجل الحصول ولو القليل منه، لإحضار الحظ وإبعاد العين وترويض الجن في ليلة 27 رمضان، حسب اعتقادهم.
*
وفي محل أعشاب بباب الوادي كان زبائنه يبحثون عشية ليلة القدر عن القطران انفردت بعض النساء بالبحث عن النادر الذي لا يتوفر في العاصمة، حيث قالت واحدة إن لباس الثعبان مستحب وضعه مع البخور في ليلة القدر، وطلبت أخرى وبطريقة محتشمة أظافر الجرد، وتظاهرنا بأننا نبحث عن نفس ما تبحث عنه، فقالت إنها تحرق هذه الأظافر وتدسها لزوجها في الأكل حتى تروضه وتجعل كلمتها مسموعة عنده.
*
هي حقائق غريبة وقفت عليها "الشروق" عرفت منحى خطيرا في الجزائر وأبعدت الكثير منهم عن تعاليم الدين الإسلامي، بل أدخلتهم في عالم الكفر من حيث لا يدرون في ليلة هي خير من ألف ليلة.