آيات استوقفتني في الحج
بسم الله الرحمن الرحيم
حديثي معكم عن سبب ورود كلمة الذكر في ايات الحج بصورة ملفتة للنظر:
( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله )
( واذكروا اسم الله في أيام معدودات )
( فاذكروا الله عند المشعر الحرام )
( فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله )
فكان اسعد الناس في الحج أكثرهم ذكرا لله وفي الحديث عند احمد ( أي الحجاج اعظم اجرا عند الله قال اكثرهم ذكرا لله ) واخرج الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك والبيهقي وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن عائشة (إنما جعل الطواف بالبيت ، وبين الصفا و المروة ورمي الجمار من اجل إقامة ذكر الله )
فاما الطواف يبدأ من الحجر الاسود فيستقبله فان امكن ان يقبله ويقول بسم الله والله اكبر اللهم ايمانا بك ووفاء بعهدك واتباعا لنبيك فخير فان لم يستطع فيمسحه بيده فان لم يستطع فيرفع يده كالمحي ويهلل ويكبر ونقول للجميع بانه لايوجد موضع في الارض يجوز ان يقبل او يستلم الا الحجر الاسود ويمسح الركن اليماني ياليد اليمنى مرة واحدة ولايقبل فهذا عمر يقف امام الحجر الاسود ويقول والله اني لاعلم انك حجر لاتنفع ولا تضر ولولا اني رايت الرسول يقبلك ما قبلتك وفي الأثر: إن علياً رضي الله عنه قال: (لا يا عمر ! إنه ينفع، فقال له: بم ينفع؟ قال: يأتي يوم القيامة وله عينان ولسان، يشهد لكل من استلمه أو قبّله يوم القيامة.) فاين هذا ممن يقبل كل شيء في البيت ويعتقد حصول البركة ويترك قول الله ( فاستقم كما امرت ) لو تعمد شخص زيادة شوط اثناء الطواف بطل طوافه كله لكن لو شك او نسي فانه يبني على الاقل فنقف عند الامر مع العلم ان استلام الحجر الاسود سنة وليس بواجب
ويسن اثناء الطواف الاضطباع ورمل الاشواط الثلاثة الاولى وهي سنة والرمل فوق المشي ودون الجري قال عمر رضي الله عنه فيما الرملان وهز المناكب وقد اطأ الله للاسلام ومحى
الكفر وأهله ولكن لاندع شيئا فعله رسول الله سبب الاضطباع والرمل هو ما كان من المشركين حينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، وبعضهم يسميها: عمرة القضاء، وهي: العمرة التي جاءت بعد صلح الحديبية، حينما قال كفار قريش وكانوا جلوسا على جبل قيقعان يقدم عليكم محمدا واصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب فنزل جبريل بالوحي فقال نبينا صلى الله عليه وسلم رحم الله امرا اراهم من نفسه جلدا ) فكان الرمل في عمرة القضاء من الحجر الأسود إلى الركن اليماني ثم يمشون ما بين الركنين، لأنهم إذا انحرفوا عن الركن اليماني غابوا عن أنظار قريش، فأراد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يبقي على قوتهم، وأن يمشوا ما بين الركنين، فكان الصحابة يرملون من الحجر الاسود الى الركن اليماني فقال الكفار تقولون انهم وهنتهم حمى يثرب والله انهم اقوى من كذا وكذا ولكن ثبت في مسند احمد في عمرة الجعرانة ان النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الاسود الى الحجر الاسود وكذلك حجة الوداع ) اما هديه صلى الله عليه وسلم في الطواف النية والطهارة وستر العورة والموالاة والطواف بجميع البيت وان تكون سبعة اشواط ان يكون داخل المسجد
اما لماذا شرع الطواف من اجل اقامة ذكر الله سواء اشتغلت بالذكر او بالدعاء روي عن حميد بن أبي سوية قال: سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وكل به سبعون ملكا، فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قالوا: آمين. فلما بلغ الركن الأسود قال: يا أبا محمد، ما بلغك في هذا الركن الأسود؟ فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن». قال له ابن هشام: يا أبا محمد فالطواف؟ قال عطاء: حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من طاف بالبيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشر درجات، ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال، خاض في الرحمة برجليه، كخائض الماء برجليه) رواه ابن ماجة والطبراني والمنذري في الترغيب
اما الدعاء فينبغي للعبد ان يدعوا ربه تضرعا وخفية وكل واحد لدية حاجة تختلف عن الاخر فيشتغل بالدعاء وحدة وترك الدعاء الجماعي
اما الطواف بين الصفا والمروة فيقول الله فلا جناح عليه ان يطوف بهما ) والغرض من السعي اقامة ذكر الله
وسبب السعي ان الله حينما امر الله ابراهيم ان يخرج الى مكة ومعة زوجته سارة واَبْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ) وكان في زمها للماء وهي تقول زم زم خير لو تركته واصبح نهرا كيف يطوف الناس وبئر زمزم على خطوات يسيره من مقام ابراهيم وهذا الماء المبارك جعل الله له خصائص انه طعام طعم وشفا سقم وهو لما شرب له فمن شربه بنية الشبع سد الله جوعه ومن شربه للعلم علمه الله ومن شربه بنية الشفا شفاه الله وهذا الماء يحتفظ بخصائصه وكانت عائشة تحمل معه من ماء زمزم للمدينة وما يقوله بعض الجهله بانه يفقد خصائصه اذا خرج من مكة كلام باطل
اما السعي وادابه الابتداء بالصفا والنية وان يكون بعد طواف كما اختاره الجمهور السعي بين الميلين فهديه يشتد في السعي تقول صفية رايت الرسول يسعى وازارة يدور بين ركبتيه ان يكون سبعة اشواط والموالاة
ويشرع في السعي الدعاء والذكر لانه موطن رحمة وما من مهموم او مكروب دعاء الله بصدق الا اجابه ويتذكر الحاج فاذا سعى تذكر ان هنا كان قد فرج الله كرب مكروب
والسعي ايضا موطن ذكر كبر تسعا وهلل ستا ثم دعاء وصفته يكبر ثلاثا ثم يقول لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لااله الا الله وحده نصر عبده وانجز وعده وهزه الاحزاب وحده ثم دعاء وللعلماء ثلاثة اوجه في الدعاء والذكر على الصفا ذكرها ابن تيمية اصحها يكبرثلاثا ثم هلل مرتين ثم يدعوا ثم يكبر ثلاثا ويهلل مرتين ثم يدعوا ثم يكبرثلاثا ويهلل مرتين ثم يدعوا فيكون التكبير تسعا والتهليل ستا والدعاء مرتين وهو اصح الاوجه كما في حديث جابر
اما رمي الجمار فشرع رمي الجمار من اجل اقامة ذكر الله وسبب الرمي ان الله امتحن ابراهيم في ذبح ابنه اسماعيل تصور لو ذبح ابنك امامك لكان من الصعوبة بمكان فكيف اذا كان هو انظر الى ادب الانبياء ( يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك ) ولكن اذا ربى العبد ابنه على طاعة الله جعله الله قرة عين فجاءت الاجابة موفقه يا ابت افعل ما تؤمر به انظر الى ادب الابناء مع الاباء
ونحن يمر الواحد على ابنه يشرب الدخان او يسهر على الحرام او نائم عن الصلاة ما يقول له اتق الله
الله اكبر يذبح ابنه من اجل تنفيذ امر الله أي ايمان هذا ما اعظم هذا الانقياد لله
فعن ابن عباس رضي الله عنه : رفعه قال: ( لمَّا أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ) ولكن لما اسلم الابن والاب يقول الله ( فلما اسلما وتله للجبين ) فداه الله بذح عظيم
ولذلك شرع رمي الجمار وسبب رمي الجمار أن إبليس لعنه الله عرض لإبراهيم عليه السلام بموضع الجمار فرماه ثم صار الرَّمي سنة باقية
ولذلك يشرع لنا في الرمي الذكر والدعاء من اجل اقامة ذكر الله فليس هناك شيطان في الاصل لان رمي الجمار نسك وعبادة
ويبدا الرمي يوم العيد وثلاثة ايام بعده يوم العيد سبع حصيات واما ايام التشريق وهي ثلاثة ايام بعده فشرع لنا رميها بعد الزوال باحدى وعشرين حصاة كل جمرة سبع حصيات ) ثم يدعوا بعد الجمرة الصغرى والوسطى فقط ليجمع بين الذكر والدعاء وهاتين الخصلتين الذكر والدعاء يأتي
بها الحاج في المشاعر غالبا في عرفات وفي مزدلفة وفي منى واما الكبرى فلا يدعوا لان العبادة انتهت اما شروط الرمى ايام التشريق اولا النية ثم العددية وهي سبع حصياة لكل جمرة ثم ان تكون بمقدار حصى الخذف ويرفع يديه ويرمي كل حصاة على حدة ثم الحرص على ترتيب الجمرات فيبدا بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى.
تمت هذه الرسالة وان كاتب هذه الاسطر يدعو الله له بالقبول ولكل من قراها ونشرها وهي موجوده على موقع المؤلف على الفيس بوك
عبدالرحمن اليحيا التركي في 20/10/1432هـ