دروس عشر ذي الحجة
[7] سلعة الله غالية
عبدالملك القاسم
الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :
فإن مواسم الخير فرص عظيمة للتزود إلى الدار الآخرة ومن الأعمال التي تقرب إلى الله زلفى :
1- الإكثار من النوافل فإنها من أفضل القربات ففي الحديث القدسي : (( ... وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه ... )) [رواه البخاري] .
2- صيام يوم عرفة : يتأكد صوم يوم عرفة لغير الحاج لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صوم عرفة : (( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعدها )) [رواه مسلم] .
3- فضل يوم النحر : يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين مع أن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة .
قال ابن القيم – رحمه الله - : (( خير الأيام عند الله يوم النحر ، وهو يوم الحج الأكبر )) .
وفي سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم : (( إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ، ثم يوم القر )) يوم القر : هو يوم الاستقرار في منى ، وهو اليوم الحادي عشر .
وقيل يوم عرفة أفضل منه ، لأن صيامه يكفر سنتين ، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة ، ولأنه – سبحانه وتعالى – يدنو فيه من عباده ، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف .
والصواب : القول الأول : لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء .. وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة فليحرص المسلم حاجاً كان أم مقيماً على إدراك فضله ، وانتهاز فرصته .
4- بر الوالدين وصلة الرحم : قال الله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا } [الإسراء:23].
وبر الوالدين من أفضل الأعمال وأعظم الطاعات ، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : (( الصلاة في وقتها )) قلت : ثم أي ؟ قال : (( بر الوالدين )) ، وقلت : ثم أي قال : (( الجهاد في سبيل الله )) [ متفق عليه] .
وعندما أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد وهو من أعظم الأعمال ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( أحيٌّ والداك )) قال : نعم . قال : (( ففيهما فجاهد )) [رواه البخاري].
ومن صور البر : طلاقة الوجه ، وخدمتهما ، وإدخال السرور عليهما ، وتحمل أذاهما ، ومد يد العون إليهما .
ومن صور البر بهما بعد موتهما : ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأله رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، هل بقي عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : (( نعم ، خصال أربع : الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي رحم لك إلا من قبلهما ، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما )) [رواه أحمد].
وفي الحث على صلة الرحم آيات وأحاديث كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( الرحم مُعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعهُ الله )) [متفق عليه].
ومن أعظم أنواع صلة ارحم : دلالتهم على الخير ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وتفقد أحوالهم ، وسد حاجاتهم .
5- قيام الليل ولو بركعات قليلة : فقد أثنى الله عز وجل على أهل الجنة بعدة صفات منها قيام الليل فقال ك{ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }[الذاريات :17] . وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة وعلى مجاهدة النفس في هذا الوقت الذي هو وقت نزول الرب عز وجل إلى سماء الدنيا .
وقيام الليل سنة مؤكدة حث عليها الرسول صلى اله عليه وسلم : (( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى الله تعالى ، ومنهاة عن الإثم وتكفير السيئات ، ومطردة للداء عن الجسد )) [رواه أحمد] .
ومن ظنَّ بنفسه القيام في الثلث الأخير من الليل فهو الأفضل ، وإلا صلى وأوتر قبل أن ينام .
اللهم وفقنا لما تحب وترضى ، واجعلنا ممن وفق لفعل الخيرات والبعد عن المنكرات ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .