الضغط النفسي\\Psychological Stress
منذ العصور الإسلامية المبكرة كانت من بديهيات الممارسة الطبية لدى الأطباء والعلماء المسلمين ، البحث النشط عن العوامل النفسية التي تساعد على الشفاء أو تعوق منه .. وكمثال : يعتبر اهتمام ( ابن سينا ) ، ( والرازي ) ، وغيرهم ، بالعوامل المعجلة بالشفاء والصحة بما فيها العادات الشخصية والطبية والاعتدال في المأكل والمشرب ، والإيمان ، والسلام النفسي ، والنوم الجيد ؛ ما هو إلاّ دليل قوي على أنهم أدركوا التداخل والتفاعل الحيوي بين الصحة النفسية والمرض الجسمي ، أي بين ما هو نفسي أو سلوكي ، وما هو جسمي أو بدني..هذه الصلة بين ما هو نفسي وما هو جسمي لا تزال تمثل إحدى التحديات المعاصرة أمام العلوم الطبية والنفسية الحديثة ، وقد أصبح هذا الموضوع الآن من الموضوعات الأثيرة والمثيرة معا في الممارسة الطبية والبحث النفسي في مجالات الطب البشري ، والطب السلوكي ..ومدخلها في ذلك دراسة ما يسمى ( بالضغط النفسي )(Psychological Stress)
الضغط النفسي شعور طبيعي يحدث لكل فرد من وقت لأخر وتختلف درجة تأثر الفرد بهذا الضغط أو استمراريته أو تطوره نتيجة لعوامل أخرى
ويعتبر الضغط النفسي مشكلة من أخطر المشاكل كونه لا يهدد الصحة الجسدية والنفسية للأفراد والمصابين به بل يهدد المؤسسات.
ينجم الضغط النفسي عن كثير من العوامل ، لأن معظمها مرتبط بالتغيّرات الحياتية . ومن شأن هذه التغييرات أن تكون أحداثاً سعيدة ، كإمضاء عطلة أو الحصول على ترقية ، أو أحداثاً سلبية ، كوفاة شخص عزيز أو فقدان وظيفة .
وعندما نستجيب للضغط النفسي بالإنفعال أو التوتر أو القلق ، فإن هذه الإستجابة ليست " ذهنية " فحسب . فعندما نشعر بنوع من التهديد ، يتم تحرير " مراسلات " كيميائية ، مما يؤدي إلى تغييرات فيزيائية كسرعة النبض والتنفس وجفاف الفم . وتعمل هذه التغييرات على تحضير الجسد للقتال أو للهروب ..وعندما نستجيب للضغط لفترات طويلة ، فقد يؤدي ذلك إلى مرض جسدي أو انفعالي .
وتؤثر الضغوط النفسية سلبا على الصحة فقد تؤدي إلى تصلب الشرايين أو ارتفاع ضغط الدم أو الصداع النصفي أو حتى الوصول بالفرد إلى درجة الاكتئاب, إضافة إلى اظطرابات في الجهاز الهضمي مما ينتج عن ذلك إسهال أو إمساك ويرتبط بهذا كله أن الشخص الذي يعاني من ضغوط نفسية قد يشكو من أعراض مختلفة نفسية وعضوية وسلوكية..
علامات و اعراض الضغط النفسي
جسدياً
صداع
كزّ الأسنان
تضيّق وجفاف في الحلق
شدّ الفكين
ألم في الصدر
قصر النفس
خفقان القلب
ارتفاع ضغط الدم
ألم عضلي
عسر هضم
إمساك / إسهال
زيادة في التعرّق
برودة وتعرّق في اليدين
تعب
أرق
مرض متكرر
نفسياً
قلق
اهتياج
شعور بخطر أو موت مداهمين
اكتئاب
تباطؤ في التفكير
تسارع في الأفكار
شعور بالعجز
شعور بفقدان الأمل
شعور بإنعدام القيمة
شعور بغياب الهدف
شعور بعدم الأامان
حزن
دفاعيّة
غضب
فرط الحساسية
بلادة
سلوكياً
فرط الأكل / نقص الشهية
انعدام الصبر
ميل إلى الجدل
مماطلة
زيادة التدخين
انعزال
تجنب المسؤولية أو إنكارها
أداء سيء في العمل
تدهور
عناية سيئة بالصحة
تغير في العلاقات العائلية أو الحميمة
أنواع الضغط النفسي:
*الضغوط النفسية الشائعة (العارضة)
يتعرض لها الجميع بشكل يومي سواء على مستوى محيط العمل أو محيط الأسرة وهي لا تحتاج إلى تدخل.
*الضغوط النفسية المتراكمة
وهي تراكمات على فترات طويلة ويصعب معها الحكم على الأعراض التي قد تؤدي إلى أمراض خطيرة أو ألام نفسية شديدة
*الضغوط النفسية الشديدة
وهي عبارة عن صدمات تحدث نتيجة تعرض الفرد لحوادث خطيرة كالاعتداء الجنسي أو السرقة وهذا النوع رد فعل طبيعي لحوادث غير طبيعية.
• معايشة الضغوط النفسية ومعالجتها :
الضغوط النفسية خبرات يمر بها كل إنسان ، وهي ليست ذات مصادر بيئية خارجية فقط ، وإنما هي من صنع ذات الشخص أيضا ومن داخله ..ويحاول كل شخص أن يواجه المواقف الضاغطة والباعثة على التوتر بإتباع أساليب عديدة تبعد الخطر عنه وتعيد له حالة التوازن .. وبعض الناس قد يخفقون في ذلك بسبب طبيعتهم الشخصية وسماتهم النفسية ( نزاعون للبحث عن الإثارة ) ولذا فهم يفشلون في ذلك ويبقون تحت رحمة الضغط والتوتر ، فتظهر عندهم اضطرابات وتناذرات مرضية متنوعة..وعلاج الضغوط النفسية ليس في التخلص منها أو تجنبها ، واستبعادها من حياتنا .. فوجود الضغوط في حياتنا أمر طبيعي ..ولكل فرد منا نصيبه من الأحداث اليومية بدرجات متفاوتة.. ولهذا فوجود ضغوط في حياتنا لا يعني أننا مرضى ، بل يعني أننا نعيش ونتفاعل بالحياة .. إنه يعني أننا ننجز أشياء معينة ، ونحقق طموحاتنا .. وخلال ذلك ، أو بسبب ذلك تحدث أمور متوقعة أو غير متوقعة .. ومن ثم فإن علاج الضغوط لا يتم بالتخلص منها ، وإنما يتم بالتعايش الإيجابي معها ، ومعالجة نتائجها السلبية ..
إن معالجة الضغوط تعني ببساطة : أن نتعلم ونتقن بعض الطرق التي من شأنها أن تساعدنا على التعامل اليومي مع هذه الضغوط ، والتقليل من آثارها السلبية بقدر الإمكان ..
• بعض الأساليب للتعامل مع الضغوط والتعايش معها بإيجابية :
وضع أهداف معقولة :
يعتقد البعض عن طريق الخطأ ، أن الضغوط هي نتاج كامل لما تصنعه المواقف الخارجية ، أو الظروف البيئية الخارجية ومن ثم فقد يبنون نتيجة أخرى على هذا النوع من التفكير ، وهي أن العلاج من الضغوط يجب أن يرتبط بتغيير الموقف تمام ومن ثم تتجه طاقة هذا البعض بأكملها لهذا الهدف غير الواقعي ونجد البعض أيضا يجاهد عبثا للحصول على ضمانات خارجية بتعديل هذا الوضع ..
ويعتبر التغيير والتعديل من الموقف ( كالعمل المشحون بالتوتر والصراع ) من أهم مصادر التحسن.. فقد تبين أن حوالي 60% من حالات الاضطراب المرتبطة بالحروب ، وعصاب الحروب تشفى بعد إبعادها عن الحرب ، أو انتهاء الحرب ..ولكن في الكثير من الأحيان يتعذر تغيير البيئة ، وفي تلك الحالة لا يكفي أسلوب تعديل البيئة أو تغييرها.. وهنا يحتاج الشخص لأساليب تساعده على معايشة الضغوط ، والتغلب على آثارها السلبية..
2ـ تنظيم الوقت وعمل جدولة له :
لعل أهم خطوة يمكن القيام بها هي أن نتبنى أهدافا معقولة ، فليس من الواقعي أن نتخلص من كل الضغوط والأعباء تماما من الحياة ..وكلما انصب هدفنا على التخفيف من هذه الضغوط وبمجرد أن نقلل منها بشكل بسيط سيجعل قدرتنا تزيد على التكيف لها ومعالجتها ..
وللتخفف من الضغوط يجب أن نعالجها أولا بأول ، فإن تراكم هذه الضغوط يضاعف من الجهد في حلها ، وتتزايد المشكلات السلبية عندما نفاجأ بأن علينا أن نتعامل مع عدد منها في وقت ضيق..
3ـ تدريب المهارات الاجتماعية :
ليس باستطاعة أي شخص أن يفي بكل احتياجات الآخرين ومطالبهم ، ولذا يجب أن يجعل الشخص له هدفا معقولا من العلاقات ، فمن غير المعقول أن تقوم بارضاء كل من تعرف أو لا تعرف ، وكل من هو في حاجة لك .. ومن الجميل أن تساعد وأن تمنح بعضا من وقتك وجهدك لمساعدة الآخرين ، ولكن لا تنسى أن لك أيضا احتياجات خاصة للدراسة والراحة ، ووقت للفراغ والترفيه ومشاغل أخرى ، ولا تنسى أن تكون واقعيا في تلبيتك لمتطلبات الآخرين وإلحاحاتهم ، وأنك أيضا في حاجة لوقت خاص لك ، ولقدر من الخصوصية ، والعزلة ..وهذا من شأنه أن يخفف الضغوط عليك ..
4ـ ضبط المؤشرات أو التوترات العضوية المرافقة للضغوط :
يجب التنبه للتوترات العضوية النوعية المصاحبة لأداء العمل ، مثل : أنواع التوتر النفسي والعضوي التي تصاحب الشخص في حالة الشعور بتزايد الضغوط بما فيها : ( التوتر العضلي ، وتسارع دقات القلب بسبب تزايد النشاط الهرموني ـ أي تزايد نسبة ضخ الأدرينالين في الدم ـ ، التغير في معدل التنفس ، أو التلاحق السريع في عملية التنفس ) ..
ففي مثل هذه الحالات :
ــ قلل من تدافع الأدرينالين المسؤول عن تسارع دقات القلب ..
ــ خذ نفسا عميقا وركز على التنفس جيدا لتقلل من تسارعه ..
ــ استبدل التخيلات المثيرة للقلق بتخيلات أخرى مهدئة للمشاعر ، تمهل وهدئ من سرعتك وإيقاعك في العمل والحركة ، تجنب أن تزحم وقتك وتملأ جدولك اليومي بنشاطات يومية تافهة..
ــ امنح نفسك يوميا وقتا للراحة والترفيه والتأمل ..
ــ نظم جدولك اليومي بطريقة متوازنة بحيث تجعل فيه وقتا لهواياتك ، وحياتك الاجتماعية ، والروحية ، وللأسرة ، والعمل ..