يستمر إلى غاية 26 جانفي
مصطفى باشا يعانق الخط العربي
يحتضن المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات والخط العربي إلى غاية 26 جانفي الداخل، معرضا جماعيا للخط العربي والرسم على الزجاج، حيث يستضيف قصر مصطفى باشا لمدة شهر الخط الفني العربي الذي حوّلته أنامل موهوبة إلى لوحات فنية آية في الجمال ساحرة للألباب وجذّابة للعيون، كما يتجلى من خلال الأعمال الفنية للفنانين الثلاثة المشاركين في المعرض وهم طالب محمود، كور نور الدين من وهران والعاصمية لعدي فرح.
ومن الوهلة الأولى يدرك الزائر المتأمل في اللوحات ال 28 لطالب محمود - حسب وكالة الأنباء الجزائرية - أنه فعلا أمام مبدع عاشق للحرف العربي الأنيق الذي حاول من خلال استعماله لسندات متنوّعة (من قماش، ورق صيني...) ودمج فنون عدّة من خطّ ورسم ونحت، إظهار خصوصيات وجماليات هذا الخط وليونة حروفه القابلة للتموّج والتلوّن في انسجام كامل مع ريشة الفنان ومسايرة تخيّلاته. ويقول الفنان طالب الذي يعتمد على الخطّ الحرّ عن هذا المعرض الذي شمل أعماله الجديدة، أنّه أدخل تقنيات جديدة عليها وبشهادات العارفين، كما أعطى أبعادا أخرى لأعماله، خاصة باستعمال فن النحت والفن التجريدي في المجموعة المعروضة، التي فتحت المجال للحرف العربي للتجوّل والمرح في فضاء اللوحات لتقدّم في النهاية أشكالا معبّرة على الزائر اكتشاف أسرارها وفهم رسائلها. وسبق لهذا الفنان وأن أقام عدّة معارض بالجزائر كما أنجز عدّة جداريات ضخمة منها جدارية موجودة ببغداد.
وتتجلى من أعمال الفنان كور نور الدين وعددها 28 لوحة، مسحة خاصة من خلال اهتمام صاحبها بإبراز القيمة الجمالية للحرف العربي، وقد استعمل نور الدين - كما قال - ألوان الطيف، حيث هناك في أغلب اللوحات تركيب لألوان انطلاقا من الألوان الداكنة والسير تصاعدا باستعمال الألوان الفاتحة بالتدريج، وصولا إلى منبع الضوء الذي يرمز - حسب هذا الفنان الذي وقّع رمز الأسد لمهرجان وهران للفيلم العربي - إلى التفاؤل. وأضاف أنّ هذا التركيز على الألوان حتى الوصول إلى منبع الضوء وتماسك الحروف وصعودها نحو القمة، هو دليل على الاتحاد وأهميته في بناء الوطن، في إشارة إلى تأثّر الفنان بما يجري من تغيّرات حوله. وبخصوص مستقبل فن الخط في الجزائر، قال الفنان المتأثّر كثيرا بالخطاط العراقي خليل الزهراوي والجزائري الهاشمي عامر، أنّ ''الخط العربي بدأ يأخذ مسارا ملفتا في الجزائر، وذلك بفضل الاهتمام والتشجيع الذي بدأ يلقاه مؤخرا، مستشهدا بإنشاء متحف خاص به والذي يحتضن اليوم هذا المعرض، وقد سبق لهذا الفنان وأن شارك في عدّة معارض بالجزائر وبالخارج حيث عرض في مدريد ودبي.
وبتنقّل الزائر إلى الجناح الثالث من المعرض، تستقبله أضواء العاصمة وعبق روائح الفل والياسمين التي تزيّن شرفات القصبة والبيوت العتيقة لأحيائها القديمة، واختارت في هذا المعرض صاحبته الفنانة فرح لعدي، شفافية الزجاج وبريقه السحري لتجسيد آثار ومعالم العاصمة من قصور عتيقة ومقامات ومرافق.
وركّزت هذه الفنانة رهيفة الحسّ، على الألوان الباهية المتناسقة مع سحر البحر وبريق أشعة الشمس الساقطة بدفء على أجزاء من هذه المعالم الأثرية والهندسة المعمارية الأصيلة، التي تحتضن بكلّ حنان الجزائر البيضاء وتعطيها طابعها المتميّز، وتقول فرح أنّ هذه اللوحات ''هي نداء لحماية هذا التراث الثمين وإنقاذه من الدمار والتشويه''، كما خصّصت الفنانة جزءا من معرضها لليد، في إشارة إلى البناء والإبداع، خاصة إبداعات المرأة حيث تحيط بهذه اليد أسماء لنساء الجزائر؛ أسماء متميّزة مثل ''قوسم'' و''حورية ''و''طاوس''... وتوضّح الرسامة أنّ اليد في لوحاتها ترمز إلى كلّ الأعمال الإبداعية والإنجازات.