كن ربانيا
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجه وعظيم سلطانه ، الحمد لله ملء السموات والأرض ، وأشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله ..
فعلى السائر إلى الله أن يكون حاذرا من الوقوع والزلل من على الصراط المستقيم فالزم وصية نبيك صلى الله عليه وسلم ، روى مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال :- ( قلت يا رسول الله :- قل لي في الإسلام قولاً لا أسال عليه أحداً بعدك ، قال :- قل آمنت بالله ثم استقم )
- فاعرف ربك ويدلك عليه خير البرية صلى الله عليه وسلم فهو أعرف الخلق بالله .
- عليك بالقرآن ( فأجمع قلبك عند تلاوته وسماعه فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فإنه جامع لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ، ومقامات العارفين ، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه .
- نزه فؤادك عن سوى روضاته فرياضة حل لكل منزه .
- والفهم طلسم لكنز علومه فاقصد إلى الطلسم تحظ بكنزه.
- لا تخش من بدع لهم وحوادث مادمت في كنف الكتاب وحرزه .
________________________________________
فألزم العبودية لله وحده بالذل والخضوع والإنابة وامتثال الأمر واجتناب النهى ودوام الافتقار إليه واللجوء إليه والاستعانة به والتوكل عليه وأن لا يتعلق قلبك إلا بالله محبة وخوفا ورجاء .
________________________________________
وعليك بالغيرة المحمودة :- وهى غيرتك على ربك فلا تصرف أي شيء من العبادة لغيره ، وانتبه على عملك إن يشوبه من الرياء والعجب إلى غير ذلك ، وأن تعلم أن ما أنت فيه هو منة من الله وحده عليك فله الحمد .
________________________________________
كفي بك عزا أنك له عبد وكفي بك فخراً أنه لك رب .. قل آمنت بالله ( وإليك كلام العلامة بن القيم من كتابه الفوائد الإيمان :- هو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والتصديق به عقداً والإقرار به نطقاً والانقياد له محبة وخضوعا والعمل به باطناً وظاهراً وتنفيده والدعوة إليه بحسب الإمكان ، وكماله الحب في الله والبغض في الله والعطاء لله والمنع لله ، وأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده ، والطريق إليه تجريد متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم )
________________________________________
فهلم إلى الله واعلم أنه ما مضى تصلحه بالتوبة والندم والاستغفار ، وأحذر هؤلاء :- ( من يعادى الكتاب والسنة وأجتنبهم لئلا يعيك خسرانهم ، واحترز من عدوين هلك بهما أكثر الخلق ( صاد عن سبيل الله بشبهاته وزخرف قوله ، ومفتون بدنياه ورئاسته )
________________________________________
أحذر علماء السوء :- فهم جالسون على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم ويدعونهم إلى النار بأفعالهم ، فكلما قالت أقوالهم للناس هلموا قالت أفعالهم لا تسمعوا منهم ، فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطاع طرق .
________________________________________
وأحذر كل الحذر من هؤلاء :- ( أخس هموم طلاب العلم ممن قصر همته على تتبع شواذ المسائل وما لم ينزل ولاهو واقع أو ممن كانت همته معرفة الاختلاف وتتبع أقوال الناس وزلات العلماء وممن همه الحكم على فلان وتجريح الأخر وتبديع الأخر، بل وتكفيره بدون وجه حق ، وبجهل محض منه هو بالفتوى لأنه تصدر قبل التأهل ، فوالله قل أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه، أتدرى من هؤلاء ؟ هم :- ( مختلفون في الكتاب ، مخالفون في الكتاب ، متفقون على مفارقة الكتاب )
فكن ربانيا وعليك بالعلماء الربانيين ليدلوك ويرشدوك ويعلموك كيف كان رسول الله وعلى ماذا كان صلى الله عليه وسلم
________________________________________
وأعجب الأشياء أن تعرف ربك ثم لا تحبه وان تسمع داعية ثم تتاخر عن الإجابة وان تعرف قدر الربح في معاملته ثم تتعامل مع غيره وان تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له ، وان تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته وان تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه .
أسال الله العظيم أن يغفر لي ولكم وان يعلمنا ما جهلنا وان ينفعنا بما علمنا .
المصدر : موقع التربية الربانية