بسم الله الرحمن الرحيم
[ اجتمعوا لقراءة قصة ذلك الحدث ، وصنعوا الطعام والحلوى ، ثم بدأوا بالقصائد والخطب والأناشيد ، وبعضهم زاد بأن جعل النساء مع الرجال ثم بدأوا الرقص والغناء ، والترنح ذات اليمين والشمال ، وزادوا الأمر بلية بأعمال شركية كالاستغاثة والاستنصار بصاحب الحدث على الأعداء ، وزاد عند بعضهم فزعموا أن صاحب الحدث يحضر ، فيهيأ له صدر المجلس ، وتمتد الأيادي لمصافحته والسلام عليه ]
ذلك هو سيناريو بدعة المولد النبوي في شهر ربيع الأول من كل عام ، وإن اختلفت أنواعه أو أشكاله أو مقاصد فاعليه ، فيظل(بدعة محرمة محدثة)أحدثها الشيعة الفاطميون بعد القرون الثلاثة المفضلة لإفساد دين المسلمين .
دعواهم :[إن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم + وإن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان + وإن في ذلك إحياءً لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم + وأنه من قبيل البدعة الحسنة لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم + وينبئ عن محبته فهو مظهر من مظاهرها ، وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع + وأن في قراءة سيرته في هذه المناسبة حثاً على الاقتداء والتأسي به ] !!
تلك هي شبههم التي هي أوهى من بيوت العنكبوت ، وقد قلتُ [شبه] لاختلافها عن الحجج ؛ فالحجج غالباً ما تكون [بدليل] إما دليلُ حقٍ أو دليلُ باطلٍ ، في حين أن الشبه تكون [تشكيك وعدم فهم ]، تأتي عادة من نقصٍ في العلم ، وقد تأتي بسبب الهوى .. وليس المجال هنا للرد على تلك الشبه ؛ فقد أنكر العلماء الراسخون الاحتفال بهذه المناسبة أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم "،والإمام الشاطبي في " الاعتصام " والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وغيرهم كثير ..
ومعلوم أنه ( ما من بدعة تحيا إلا وسنة تموت ) كما ذكر ذلك ابن عباس رضي الله عنه ؛ ومع ذلك مازلنا نرى نشاط المبتدعة في إحياء المولد يتكرر، مقابل كسل ظاهر وبغض للسنن ومعاداة لأهلها ، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد ، بل انقسموا إلى فرق كل فرقة تحيي ذكرى موالد أئمتها ، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي ، وهكذا لا يفرغون من مولد إلا يشتغلون بآخر ..
عوداً على ذي بدء : لعلنا نتفق أن حب النبي صلى الله عليه وسلم {عبادة شرعية} ، وأنه لم تترك أي عبادة دون بيان ؛لأن الشريعة قد ضبطت لنا [أصول الاستدلال]، التي نميز من خلالها الدليل الذي يستدل به ويعتبر حجة معتبرة من خلافه ، ولاشك أن من أحيا بدعة المولد كانت نواياهم سليمة ودافعهم هو ما قام في قلوبهم من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه والفرحة بمولده وقدومه ، وهذا أمر حسن ، لكن استدلالاتهم غير صحيحة ، وحسن النية لا يصحح الخطأ؛لأن الدين مبني على أصلين: الإخلاص والمتابعة : (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ..الآية) ، فإسلام الوجه لله : الإخلاص ، والإحسان : هو المتابعة للرسول وإصابة السنة .
والباحث في {الاحتفال بالمولد}لا يقف على إشارة له في كتاب الله ولا في صحيح سنة رسول الله ، بل ولم يُنقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة ، إذن فهو من محدثات الأمور ومن البدع المضلة ، وهذا الأصل [كل بدعة ضلالة ] قد تضمّنه حديث : ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) ودليله – أي أصل الاستدلال - : قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاًُ ) والرد إلى الله : هو الرجوع إلى كتابه الكريم ، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم : هو الرجوع إلى سنته بعد وفاته ، فأين في الكتاب والسنة ما يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ؟! فالواجب على من يفعل ذلك أو يستحسنه أن يتوب إلى الله تعالى منه ومن غيره من البدع ، فهذا هو شأن المؤمن الذي ينشد الحق ..
والْـزَمْ طريقةَ النبيِّ المصطفَى --- وخُذْ بقولِ الراشدين الخُـلـَفَـا
* السيناريو السنوي لبدعة المولد النبوي *
نسيم الصِّريصري