تأتي أهمية دراسة السّيِرة النّبويّة كونها تمثِّل الصورة المشرقة والنيِّرة لأحكام ومبادئ الإسلام السمحة، وكذلك تمكّنك من التعرف على الجيل الفريد من الصّحابة، حيث كانوا التّطبيق العملي للقرآن الكريم والسُّنَّة النّبويّة المطهّرة.
تعتبر السِّيرة النّبويّة من أجلِّ العلوم وأفضلها بالنسبة للمسلم؛ فهي تدرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله عزّ وجلّ، فقد وصفه ربّ العزة بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم: .4 فإذا كانت دراسة السِّيرة مهمّة في زمن من الأزمان فهي في زماننا أهم؛ لأنّ واقع الأمّة الآن متأخر في كلّ المجالات.
وليس الغرض من دراسة السِّيرة النّبويّة، مجرد الوقوف على الوقائع التاريخية، ولا سرد ما طرف أو جمل من القصص والأحداث، وإنّما الغرض منها؛ أن يتصوَّر المسلم الحقيقة الإسلامية في مجموعها متجسّدة في هديه صلّى الله عليه وسلّم بعد أن فهمها مبادئ وقواعد وأحكاماً مجردة في الذهن. ويمكننا حصرها في:
فهم شخصية سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خلال حياته وظروفه الّتي عاش فيها، للتّأكُّد من أن محمّداً عليه الصّلاة والسّلام لم يكن مجرد عبقري سَمَت به عبقريته بين قومه، ولكنّه قبل ذلك رسول أيّده الله بوحي من عنده وتوفيق من لدنه.
أن يجد الإنسان بين يديه صورة للمُثُل الأعلى في كلّ شأن من شؤون الحياة الفاضلة، كي يجعل منها دستوراً يستمسك به ويسير عليه، ولا ريب أن الإنسان مهما بحث عن مثل أعلى في ناحية من نواحي الحياة، فإنه يجد كل ذلك في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أعظم ما يكون من الوضوح والكمال. ولذا جعله الله قدوة للإنسانية كلِّها إذ قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب:.21
أن يجد الإنسان في دراسة سيرته صلّى الله عليه وسلّم ما يُعينه على فهم كتاب الله تعالى وتذوُّق روحه ومقاصده، إذ إن كثيراً من آيات القرآن إنّما تفسِّرها وتجلّيها الأحداث الّتي مرَّت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومواقفه منها.
وأن يتجمّع لدى المسلم من خلال دراسة سيرته صلّى الله عليه وسلّم، أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية الصّحيحة، سواء ما كان منها متعلِّقاً بالعقيدة أو الأحكام أو الأخلاق، إذ لا ريب أنّ حياة سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنّما هي صورة مجسّدة نيّرة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه.
وأن يكون لدى المعلم نموذج حيّ عن طرائق التربية والتعليم، فلقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معلِّماً ناصحاً ومربياً فاضلاً لم يأل جهداً في تلمُّس أجدى الطرق الصّالحة إلى كلّ من التربية والتعليم خلال مختلف مراحل دعوته.
إن عرفنا سيرة سيِّد المرسلين نبيِّنا وحبيبنا محمّد عليه أفضل الصّلوات وأزكى التّسليم ونهجه واتّبعناه، كانت النّجاة في الدنيا والآخرة، وإن جهلنا طريقته أو خالفناه خسرنا الدنيا والآخرة والعياذ بالله.