فرحة الحرية
الشيخ :- حسام العيسوي .
كان يحلّق في السماء مستمتعاً بأجنحته البيضاء التي تعبّر عن الحب والسلام، يجول العالم من مكان إلى مكان، ومن صيف إلى خريف إلى ربيع، تعرّف على صنوف من البشر ومن كل الكائنات، نظر إلى كل الوجوه والألسنة والأشكال، تعرّف على حضارات كل البلدان، كانت فرحته عارمة بنعمة الله عليه بالتحليق في كل مكان.
وفجأة تلقفته أسلحة الصيادين !
وفجأة خرّ مصاباّ تحت وطأة الغانمين !
نظروا إليه فوجدوا ريشه الجميل، وشكله البديع، وألوانه المبهرة، فكّروا، ودبروا، كم من النفع نجنيه من هذا الأسير ؟
قال بعضهم: فريسة سهلة تشتاق إليها البطون والأمعاء.
وقال بعضهم: بل هو مصدر للربح والمتاجرة، نعالجه ونبيعه، ويجني علينا الربح الكثير، قدّموا إليه الدواء، فأصبح الدواء هو الداء، قعد حزيناً يفكر في رحلاته الجميلة، وفي شكله الجميل.
ماذا تخفي لي الأيام ؟
إلى أي مصير أنا ذاهب إليه ؟
وفجأة أعدّوا صندوقاً محكماً لا تستطيع الصقور اختراقه فما بالكم بالعصفور الرقيق ! أخذوه وعرضوه، وتحدثوا عن شكله الجميل، وصوته العذب، وإمكانياته الرائعة، كان مستسلما لأمر الله.
فماذا يفعل الضعيف ؟
وما هو تصرف المسكين، إلا دعاؤه واستعانته بالله ؟
وفجأة من حيث لا يحتسب الآسرون جاءت عاصفة من السماء حركت كل شيء في المكان، فأطلقت سراحه من فك الآسرين، ومن كيد الظالمين.
وفجأة وجد نفسه حراً طليقاً يشدو لسانه بأروع الألحان، وينطق لسانه بأعزب الكلمات.
فكّر كيف ينجو من أسر الصيادين في كل مكان، فوجد أن وجوده مع سرب الطيور هو خير مكان، يبني أعشاشه على غصون الأشجار، ويسعى للعمل من أجل البناء، ويعيش عيشة السعداء، ومن وقتها أحس العصفور بلذة الحياة، وعلم أن الحرية أعظم نِعم الله.