فنُّ القيّادة ..
بقلم :- عبير النحاس – مصر .
تكافح الأم في دائرة عجيبة من الواجبات الثقيلة الملقاة على عاتقها , و تعمل بجد ودون كلل للوصول بمؤسستها الصغيرة إلى النجاح , و قد تصاب بالإحباط مرات عديدة , و قد يلقيها التعب على بساط اليأس أحيانا , و لكنها لا تلبث أن تعود لمكانها في القيادة , و تعمل مجددا لتمهيد الطريق و تهيئة المكان لنجاحات تملأ أركان مؤسستها و سعادة تغمرها .
ولا ينكر أحد أن التهرّب من واجب من الواجبات أمر سهل ميسر, و أنه لا يوجد رقيب على عملنا نحن النساء إلا الله تعالى , ثم ضميرٌ ينبضْ .
ولكن ثمن هذا التهرب باهظٌ للغاية , و هو أكبر بكثير من كل متعة حصلنا عليها بالمقابل, و من متعة الفراغ و الراحة التي كان هروبنا لأجلها , و الخسارة الناجمة عن ترك واجباتنا ستنسينا كل لذة لا محالة فألم الفشل في حياتنا الأسرية له طعم مرير لا يزول .
فمن الممكن أن ترتاح الأم لبعض الوقت لو أهملت منزلها, و لكن ألامها حين تشعر بالإحراج من فوضى بيتها والمشكلات النفسية و الضغوط التي ستزداد ستنسى من أجلها طعم الراحة البدنية التي كسبتها لمدة قصيرة , ناهيك عن خسارتها لكل الفوائد الصحية التي تجنيها الأم من خلال حركتها في المنزل و عملها فيه .
ومن الممكن أن تهمل تدريس أولادها و تتكل على مدرسين في ذلك , و لكنها بهذا ستفقد روح التواصل مع أولادها, و ستصنع جدارا يحول بينها و بين حياتهم و مشكلاتهم و الصعوبات التي يعانون منها, و ستفقد مبالغ لا يستهان بها كان من الممكن أن تستخدمها لمتعة ما أو لزيادة دخل الأسرة و رفاهيتها , و لن ننكر أن الأم قد تعجز عن متابعة دروس الأولاد و أن وجود المدرس أو المدرسة قد يكون أمرا ضروريا أحيانا , و لكن بقاءها في المكان و مشاركتها لطفلها وقت دراسته سيتكفل بتقليل المسافة الفاصلة بينهما .
ومن الممكن أيضا أن تهمل نفسها وتنسى أمر ثقافتها و رشاقتها , فتفقد الأنس و الوداد و نظرة الحب و الإعجاب من عيني زوجها و التي تجعل الحياة أكثر سعادة و إشراقا .
و قد تهمل في أداء واجباتها الاجتماعية بسبب الكسل, فتعاني الغربة و الوحدة , و تفقد قدرتها على التواصل مع المجتمع من حولها و مواكبة تطورات البيوت من حولها و ما هو متعارف عليه أخيرا بين الأسر .
فلا بد لمن تدير تلك المؤسسة من عمل مستمر متوازن و أن لا يغيب عنها أي جزء من أجزاء مهمتها , و لكن لا بد أيضا من إيجاد طريقة لتبقى طاقة الأم عالية لتتناسب مع مهمتها الرفيعة و قد اخترت لك بعضا من الحلول الناجحة أحسب أنها نافعة بعون الله .
و من هذه الحلول :-
- احتساب العمل و تصحيح النية و العزم على إنشاء بيت يُعبد فيه الله تعالى بطريقة صحيحة ترضيه ( عمل و علم و معاملات )
- الحفاظ على علاقتها بالله تعالى , فالعبادات و القرآن و اجتناب الآثام و مختلف الطاعات هي أمور ترفع من مستوى الطاقة لدينا و تجعلنا أكثر رضا و راحة و قدرة على تحمل الصعاب بروح سعيدة .
- المداومة على تسبيحات ما قبل النوم و هو أمر لا بد منه لكل من يطلب عونا من الله تعالى للقيام بواجباته بدرجة أقل من التعب مع الحفاظ على الدعاء و الالتجاء إلى الله في كل وقت و زمان .
- ربط الأولاد بدينهم و تعريفهم بالله تعالى و غرس حبه و حب نبيه صلى الله عليه وسلم و شريعته النقية في قلوبهم صغارا مع وجود القدوة من الأهل و تقديم الإسلام لهم بصورة مرضية , فيسهل بهذا قيادهم و تحلو بهم الحياة .
- تنمية مواهب الأولاد فالموهبة تكمل بناء الشخصية المتوازنة و تشغل الطفل عن مشاكسة إخوته و تلهيه عن الخوض في كثير من الأمور المريبة .
- توضيح الهدف لهم , و تنمية المهارات النفسية , و تعويدهم على العمل جنبا إلى جنب مع والديهم.
و أخيراً :- فلتكن أسرتك أكبر و أهم ما لديك و لتقدمي من أجلها ما تستطيعين فهي تستحق منك هذا الاهتمام بلا أدنى شك .