كيف أحقق الرضا في عشر خطوات ؟
جمال سعد حسن ماضي
هل من خطوات عملية ؟ أحقق بها الرضا لأجنى الثمرات ؟
قد يقول أحدنا :- بعد أن تعرفنا على أوقات وأحوال طلب الرضا ، ومتى يرضى الله عنا ، وما ثمار الرضا في حياتنا ، لقد اشتقت لرضا الله ، فهل من خطوات عملية أستطيع أن أسلكها ؟
ليس الأمر صعباً ، بعد هذه الجولة , فافعل الآتي :
1- اصنع كل ما يحب الله أن تصنعه :- فكل ما يحبه الله يرضاه منك ، من الأقوال والأفعال والظاهرة والباطنة , لأن حقيقة الرضا هى العمل الصالح , في امتثال أمر الله واجتناب نهيه , يقول تعالى :- ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه ) سورة : البينة / 7 ـ 8 .
2- ارض عن ثلاثة أشياء :- تعيش سعيداً ، وكأنك في الجنة ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم :- ( ذاق طعم الإيمان من رضى بالله رباً ، وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ) .. وقد قيل في حقيقة الرضا :- من رضى الله في كل شئ فقد بلغ حد الرضا , وقيل :- عدم الحرص على الازدياد فهذا غنى النفس ، ولا يكون غنياً حتى يرضى بما قسم الله , وقيل : من لم يتكلم بغير الرضا فهو راضى .
وكل هذه الحقائق لن تتحقق , إلا بالرضا بالله رباً , وبالإسلام ديناً , وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً .
3- ارضَ بقدر الله حلوه ومره :- وقل دائماً :- [ ما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يكن ] .. فما أيامـنا إلا أمـر من ثلاثة أمور :- أمرٌ نحبه : ( صحة أو غنى أو لذة أوعافية ) يوجب علينا الشكر ، وإما أمرٌ نكرهه : ( مرض أو فقر أو ألم أو مصيبة ) يوجب علينا الصبر ، مع الأخذ بأسباب دفعه , لو كان ذلك في الاستطاعة ، ( كالحريق أو الأذى أو المرض ) ، وإما أمرٌ باختيار الإنسان ورضاه : ( كالمعصية و الذنب والخطيئة ) ، وأصل ذلك هو الرضا عن النفس ، أو الرضا بالمعصية ، أو الرضا بالبدعة ، أو الرضا بالمنكر ، أو الرضا بالعيب ، أو الرضا بالخطأ ، الذي يصل إلى حد الإدمان ، حيث يستعصى العلاج ويطول .
4- مواجهة عدم الرضا وإنكار الخطايا من الآخرين:- حتى لا يتسمم جو الرضا ، يقول صلى الله عليه وسلم :- ( إذا عملت الخطيئة في الأرض ، كان من شهدها فأنكرها كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها ، كان كمن شهدها ) .
إن مجرد الرضا عن انتشار الفساد والخطايا على الأرض ، وإن لم يشهدها الإنسان ، لأنه في بلد آخر ، فبمجرد الرضا بها , كأنه شاهد هذا الفساد ، أو هذه الخطيئة .
5- مواجهة السياسيين الذين لا يلتزمون بالإصلاح والصلاح :- وينشرون الاستبداد والفساد ، وذلك بعدم الرضا عن فعلهم أو متابعتهم ، فالرضا بهم يجرّ اتباعَهم , والانضمام إلى قافلة فسادهم ، عن أم سلمة , قول النبى صلى الله عليه وسلم :- ( سيكون أمراء ، فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضى وتابع ، قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ ، قال : لا ما صلّوا )
6- لا أعاتب على نيات الناس :- أو أحاسبهم ، لإخفاء عدم الرضا بما قسمه الله ، فأتهمهم , وفى الحقيقة أنا ساخط على نصيبى ، على قدرى ، على قسمة الله ، التى أرادها لى ، وهذا كان سر غضب النبى صلى الله عليه وسلم , من قول أحد المنافقين , وهو يعترض على قسمة الله له , قائلا للنبى صلى الله عليه وسلم : [ إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ] .
7- التوكل الحـقيقى عـلى الله تعالى :- لأنـه من الوسـائل الـقوية في تحـقيق الرضا ، يقـول تعـالى :- (وعـلى الله فـتوكلوا إن كـنتم مـؤمنين } المائدة / 23 ... ويقول النبى صلى الله عليه وسلم :- ( من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ) .. ويقول تعالى :- ( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله , وقالوا حسبنا الله , سيؤتينا الله من فضله ورسوله , إنا إلى الله راغبون ) سورة التوبة / 59 ... يقول ابن كثير : ( فالرضا سبق التوكل في قوله { وقالوا حسبنا الله } ) ، أى إنهم بتوكلهم الحقيقى كانوا راضين حق الرضا ، فقبل المقدور يسمى توكل , وبعد المقدور هو رضا ، وقبل القضاء تفويض وبعد القضاء رضا وتسليم ، وفى كلٍ هو رضا .
8- الابتعاد عن السخط :- فالسخط من شقاوة العين ، أن يسخط الإنسان بما قسم الله له ، وبذلك يحزن على ما فات ، لأن الحزن يخرج عن الرضا ، عندما بكى النبى صلى الله عليه وسلم عند مرض سعد بن عبادة ، قال لمن حضر :- ( إن الله لا يعذب بدمع العين , ولا بحزن القلب , ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - ) أى حينما تخرج منه كلمات السخط , والاعتراض على ما قسم الله له .
9- الرضا بالمقسوم من الرزق :- فما هو مقسوم لك فهو واصل إليك ، والرضا بالمقسوم من الرزق يدفع إلى العمل ، ويمنح الإنسان قوة على التكسب ، وليس معناه الاستسلام ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم :- ( على كل مسلم صدقة قالوا : فإن لم يجد ؟ .. قال :- يعمل بيده ، فينفع نفسه ، ويتصدق .. قالوا : فإن لم يستطع ؟ .. قال : فيعين ذا الحاجة الملهوف .. قالوا : فإن لم يفعل ؟ .. قال : فليأمر بالمعروف .. قالوا : فإن لم يفعل ؟ .. قال : فليمسك عن الشر , فإنه له صدقة ) .
فالرضا يدفعك إلى الرضا ، وبذلك يجرّك إلى العمل , الذي ترضى به الله تعالى ، حتى ولو كان عند عدم الاستطاعة ، بالإمساك عن الشر .
10- الرضا بالمصيبة هو أن أتأكد من أنها من عند الله :- وهذا هو التسليم لله ، يقول ابن مسعود في تفسير قوله تعالى :- ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ، ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) سورة التغابن / 11 , قال : هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله ، فيرضى ويسلم .
حتى في هذه اللحظات التى يصاب بها الإنسان بالجزع والهلع وفداحة المصاب ، فيتمنى الموت ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم :- ( لا يتمنين أحدكم الموت لضرّ نزل به , فإن كان لابد متمنياً , فليقل : اللهم أحينى ما كانت الحياة خيراً لى , وتوفنى إذا كانت الوفاة خيراً لى ) .. ومن أشكال المصائب في حياتنا التى يجزع لها الإنسان , وعليه أن ينتبه إليها : ( البخل والضجر والعجلة واليأس والطمع والخوف وضعف النفس والجبن والشر والإمساك والمنع والأذى ، وغير ذلك كثير ) .