تعتبر
فترة المراهقة ثاني أسرع مرحلة نمو خلال حياة الإنسان بعد مرحلة الطفولة
المبكرة، وتتميز بأنها الفترة التي قد يبلغ فيها الإنسان أقصى طول لجسمه
والتي سيستمر عليها طوال حياته (وهو طول تبلغه البنت في هذه الفترة أسرع
من الولد) ويكون سن البلوغ علامة فارقة خلال هذه المرحلة، والتي يختلف
توقيتها من مراهق لآخر، ويبدأ عند الفتيات بعمر أصغر من الأولاد، وتكون
التغيرات الجسدية المصاحبة لسن البلوغ مؤثرة نفسيا وتمثل ضغوطا على البعض،
حيث قد تمثل صورتهم الذهنية الذاتية على اختياراتهم الغذائية وربما
الأنشطة الرياضية التي يمارسونها، ويكون النمو مرتبطا بالعوامل الوراثية
بشكل أكبر من الاختيارات الغذائية، ورغم ذلك فإن التغذية الصحيحة والذكية
تساعد على أن ينمو الجسم إلى أقصى طول ممكن مع جسم متمتع باللياقة وعظام
قوية.
ويواجه
الوالدان مع دخول الطفل في سن المراهقة تحديا كبيرا، حيث يبدأ المراهق في
اختيار معظم ما يريد أن يتناوله من أغذية، وتكون هيمنة وقدرة الوالدين على
ما يتناوله أبناؤهم في سن المراهقة محدودا جدا، بل يتعدى ذلك إلى أن يفرض
المراهقون سلطتهم في تحديد نمط غذاء كامل الأسرة، ويمارسون نفوذا قويا على
عائلتهم عند تبضع وشراء المواد الغذائية أو عند تحضير الوجبات الغذائية،
إضافة إلى رغبتهم وسلوكهم في تناول الوجبات الغذائية من خارج البيت. وعادة
لا يكون ذلك بسبب الجهل أو ضعف التوعية الغذائية فقط، بل قد يكون بسبب
التقليد أو التشبه بأصدقائهم أو حب التغيير أو رغبتهم في الشعور
بالاستقلالية، إضافة إلى ضعف قدرتهم على الالتزام، وربما يكون بسبب حصولهم
على معلومات خاطئة أو معلومات غير صحيحة عن التغذية الصحية، بل قد يلجأون
إلى البحث عن المعلومة التي تتناسب مع رغباتهم أكثر من بحثهم عن المعلومة
الصحيحة. وعند ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية، لا يربط المراهق بين
أهمية الغذاء ودوره في النشاط والصحة على المدى القريب والبعيد، بل
نلاحظهم يتبعون تعليمات ونصائح مضللة، مثل تناول بعض أنواع المكملات
الغذائية لبناء العضلات، واتباع بعض الحميات التي لا تتناسب مع حالتهم
البدنية والصحية، مع تفضيلهم لتناول واستهلاك مشروبات الطاقة وزيادة
الإقبال على الوجبات العالية في الدهون، خاصة الوجبات السريعة وتجاهل
تناول الوجبات الصحية ، مع محاولة السيطرة على الوزن من خلال بعض أنواع
الحميات (حميات الموضة) وعدم الاهتمام بتناول الخضراوات والفاكهة ومنتجات
الحليب رغم أهميتها خاصة في أعمارهم، فجميع المراهقين يحتاجون إلى مقدار
كاف من الكالسيوم من أجل نمو العظام وقوتها (حيث يزيد نمو العظام بشكل
كبير، وتكون حوالي نصف الكتلة العظمية للشخص الكبير تتكون خلال سنوات
المراهقة) وإلى البروتين من أجل كل خلية من خلايا الجسم التي تتكاثر مع
نمو الجسم بما فيها العضلات، وإلى الكربوهيدرات والدهون لمواجهة الحاجة
العالية من الطاقة والنشاط التي يبذلها المراهق، إضافة إلى الفيتامينات
والمعادن لتقوية الجسم ووقايته.
المراهق يفرض سلطته في تحديد نمط غذاء كامل الأسرة ويمارس نفوذاً عند التبضع ودائماً ما يرغب في تناول وجباته من خارج البيت
السعرات الحرارية
يبلغ
احتياج الأطفال (بين 7-10 سنوات) إلى 2000 سعر حراري يوميا تقريبا، بينما
ترتفع احتياجات الأولاد المراهقين من الطاقة، ففي عمر من 11 -14 سنة قد
تصل إلى 2500 سعر حراري، وتزيد في عمر 15 -18 سنة لتصل إلى 2800 سعر
حراري، بينما البنات المراهقات في عمر بين 11-18 سنة فإنهن يحتجن إلى 2200
سعر حراري يوميا، وفي كل الأحوال فإن معدل احتياج الطاقة في مرحلة
المراهقة قد ينقص أو يزيد على هذا المعدل وذلك وفقا لحجم الجسم ومعدل
النمو ومستوى النشاط، فعند ممارسة أنواع من الرياضة الشاقة مثل كرة القدم
وكرة السلة أو غيرها من أنواع الرياضة فإنها ترتفع احتياجات الجسم من
السعرات الحرارية لتصل إلى مايقارب من 3500 سعر حراري يوميا.
العناصر الغذائية للمراهقين
تكون
التوصيات عادة بأهمية رفع بعض العناصر الغذائية أثناء فترة المراهقة
لتلبية احتياجاتهم من الصحة والنمو ولبذل مزيد من النشاط البدني، إضافة
إلى أهمية تناول الأغذية الغنية بالألياف الغذائية. وعادة يتعرض المراهقون
إلى النقص في ثلاثة عناصر غذائية وهي الحديد والكالسيوم والزنك، وذلك بسبب
سوء اختيار الأصناف الغذائية خاصة من الأولاد أو عدم تناول أغذية كافية من
البنات.
الكالسيوم:
يعد
الكالسيوم من أهم العناصر الغذائية لنمو العظام، حتى في أثناء سنوات الرشد
حيث تستمر العظام في النمو لتكون أقوى مع تمتعها بكثافة أكبر، وكلما قويت
العظام خلال فترة المراهقة قل خطر تعرض المرء إلى هشاشة العظام فيما بعد،
فهشاشة العظام مشكلة صحية خاصة بفترة المراهقة ولكن تظهر أعراضها في سنوات
الكبر والشيخوخة. وأهم مصادر الكالسيوم هي الحليب ومنتجاته مثل اللبن
والزبادي والأجبان وبعض أنواع السلمون والسردين المعلب مع عظامه، إضافة
إلى بعض الخضراوات مثل الملفوف والبامية والبروكلي، كما أن هناك بعض
الأغذية المدعمة بالكالسيوم مثل بعض العصائر وبعض أنواع المعجنات وحبوب
الإفطار (السيريال)، وأكبر مشاكل عدم تناول الكالسيوم هي إقبال المراهقين
على تناول المرطبات والمشروبات الغازية، وأفضل الحلول هي محاولة التشجيع
على شرب أنواع الحليب أو الألبان أو الزبادي بمختلف أنواع النكهات التي
يحبها المراهقون.
الحديد:
قد
يشعر المراهق بالإعياء والإرهاق عند الإجهاد أو ممارسة جهد شاق أو عدم
حصوله على نوم كاف أو الحالات العاطفية والنفسية المتأرجحة صعودا وهبوطا
التي تصاحب فترة المراهقة، ويكون الشعور بالإرهاق أحد أهم أعراض المعاناة
من مشكلة صحية أو انخفاض مستويات الحديد بالدم. وإذا حدث نقص في كمية
الحديد في الغذاء المتناول يكون ذلك على حساب إمداد الحديد لهيموجلوبين
الدم، وبالتالي تقل كمية الأكسجين المتاح لإنتاج الطاقة ومن ثم يحدث
الإرهاق. ويتواجد الحديد في أغذية متنوعة مثل اللحوم الحمراء والأغذية
البحرية والبقوليات ومنتجات الحبوب المدعمة بالحديد وبعض الخضراوات،
ويزداد امتصاص الكالسيوم والحديد عند تناول أغذية غنية بفيتامين ج مثل
عصير البرتقال.
الزنك:
معدن
ضروري للمراهق، لكن لم يلتفت الانتباه بعد إلى أهميته ، ويعاني المراهقون
من نقص تناوله. وبجانب وظائف الزنك الأخرى إلا أنه ضروري للنمو والنضج
الجنسي، ومن المهم تناول اللحوم والمكسرات لتلافي نقصه.