تعد التربية المنزلية المسؤولة الأولى عن صياغة شخصية الطفل وإعداده لمواجهة الحياة وإن عصيان الطفل ورفضه أمراً ما طلب منه لا يعني أبداً أن تطلق عليه والدته اسم العنيد لأنه لا يعرف سلوك هذه الكلمة
وإنما كل ما يعرفه هو أنه يريد شيئا محددا ووالدته تريد شيئا آخر وهذا يسبب إزعاجا للأم التي يتميز سلوكها بالتقارب الجسدي والنفسي بينها وبين الطفل وينتهي الأمر إما إلى إصرار الطفل على تنفيذ رغبته أو خضوعه لرغبة الأم تحت تأثير الخوف والهلع الذي انتابه عندما اكتشف أن رفضه سيعود عليه بالعقاب وخاصة البدني، وهذا يعني أن الطفل ستترسخ لديه عادة الاستسلام غير الإرادي فمن واجب الأم في هذه الحالة أن تحاول تفهم الأمر وأن تعطي طفلها الفرصة لتنفيذ رغبته ولو بشكل مبسط ثم عليها أن تستدرجه بهدوء لتنفيذ رأيها ولو أتت النتائج مخيبة لآمالها لكنها بمنحها تلك الفرصة لطفلها على الأغلب سيقتنع بوجهة نظرها ويتقبلها دون عصيان أو تمرد على أن تدرك بأن الطفل يمتلك دائما الرغبة في إثبات ذاته واستقلاليته واختيار مدى قدرته على التأثير سواء على والديه أم المحيطين به وما أسلوب العناد إلا كوسيلة لتحقيق ذلك، وقد يلجأ الطفل إلى تكرار الخطأ على الرغم من ادراكه لذلك ولكن المشكلة تكمن في عدم قدرته على التحكم في نفسه لتلافي ذلك الخطأ. وينبغي على الأم ألا تلوم نفسها على تصرفات ولدها بشكل دائم لأن بعض تلك التصرفات إنما هي سمات طبيعية مزود بها الطفل لكن عليها أن تسعى إلى معرفة الأسباب التي تدفع طفلها إلى القيام بمثل تلك السلوكيات المشاغبة ويفضل استخدام أسلوب المكافأة، كذلك ينبغي على الأم أن تكون إيجابية مع الأطفال الصغار لأنهم يفضلون التوجهات الإيجابية لأنها تشعرهم بالثقة بأنفسهم وهذا أفضل بكثير من توجيه الأوامر والنواهي لأن ذلك الأسلوب لن يحسن تصرفه بل قد يغرس لديه صفة التردد ويشك دائما بأي تصرف يقوم به ولأن (الطبع يغلب التطبع) فإن ما يتعلمه الطفل أثناء مراحل عمره يعني أن التنشئة الاجتماعية والبيئة المحيطة به لهما تأثيرهما الكبير على اكتساب العادات والتي تنعكس أفعالا .ولقد صنف علماء الاجتماع بعض الشخصيات التي تنشأ اجتماعيا بسبب ظرف ما أو وضع ما مثل الشخصية الانعزالية فتلك الشخصية تشعر بالقلق الدائم وتعتقد بأنها أقل من الآخرين وهي تتجنب الاحتكاك بالآخرين ولا تحب العلاقات الاجتماعية وتلك الشخصية لا تحب النقد المباشر ومن المجدي إيجاد هوايات مشتركة لها مع الآخرين لبثها الإحساس بأنها محبوبة ومرغوبة ،وبعض الشخصيات تكون شكاكة فهي تتبنى قرارات على أدلة ضعيفة وقد تكون وهمية وتلك الشخصية عديمة الثقة بمن حولها حتى أقرب الناس إليها، ردها قاس على من يهاجمها ويفضل أيضا تشجيع تلك الشخصية على بناء علاقات مع الناس والسعي على إكسابها الثقة مع المحيطين بها وكذلك هناك الشخصية الاعتمادية وهي تجد صعوبة في اتخاذ القرارات حتى اليومية دون طلب النصح من الآخرين ويمكن مساعدتها من خلال تشجيع إمكاناتها الذاتية وإعطائها بعض المسؤوليات ومساعدتها بطريقة غير مباشرة قدر الإمكان وكذلك هناك الشخصية الهستيرية وهي التي تسعى إلى جذب الانتباه من خلال مبالغتها في التعبير عن الرأي دون دلائل لذلك ينبغي العمل على تطوير قدراتها وتشجيعها على استخدام تدريبات للاسترخاء واستخدام الحديث الإيجابي مع الذات وهناك الشخصية الاكتئابية وتكون هذه الشخصية في حالة حزن تشعر بقلة الحيلة وبالنظرة السوداء للأمور، لذا يجب مساعدتها على التعبير عن جميع أشكال المشاعر ومناقشتها دائماً حتى لا يتغلب الحزن عليها وبذلك يمكنها أن تتعود على بناء الثقة بذاتها وبالآخرين.
أخيراً يمكن القول: إن الطفل يملك طاقة هائلة يسعى إلى تفريغها من خلال نشاطه الحركي وكذلك اللفظي والسلوكيات السلبية أو الخاطئة تكون نتيجة إحساس بالتوتر النفسي أو عدم الطمأنينة فيسعى لجذب اهتمام الآخرين وإثبات ذاته لذا ينبغي أن يسعى كل من حوله بشكل عام وأمه بشكل خاص إلى إشعاره بالحب والمودة والثقة والاحترام والأهمية والأهم من ذلك هو تسليط الضوء على النواحي الإيجابية وتعزيزها قدر الإمكان. [i]