السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته :
هذا حوار مع ضيف طالما انتظرناه و كلما انقضى ننتظره من جديد وها
هو قد أقبل علينا...
السلام عليكم ـ أيها الناس ـ ورحمة الله وبركاته
ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. من أنت أيها السيد الوقور ؟
أنا ضيفكم الراحل ، وزائركم المؤقت ، وناصحكم الأمين ، أنا ركن من
أركان الاسلام ، وقبس من نور الايمان .
ـ أهلا وسهلا بك .. ما اسمك أيها الضيف الزائر ؟
اسمي رمضان ، ابن الزمان ، وحفيد الأيام ، و أخو شعبان .
ـ كم يبلغ عمرك ؟
عمري يقرب من ألف وأربعمائة وثمانيه وعشرون عام 1429 ، حيث أنني
ولدت في السنة الثانية للهجرة ...
ـ من أين أتيت ؟
أتيت من عند الرحمن ، الذي خلق الانسان ، وعلمه البيان .
ـ أين تسكن؟
أسكن في قلوب المؤمنين ، وفي ديار المتقين ، وبجوار المحسنين .
ـ هل تعاني من أزمة السكن كما نعاني منها نحن هذه الأيام ؟
نعم ، لقد مررت بكل بيت وحللت في كل منزل ، ودفعت أغلى الأثمان ،
فكان أن طردني البخلاء الأشقياء ، وتجاهلني الأغنياء الأذلاء ، وعبس في
وجهي التعساء الجهلاء ، ولكني لم أيأس ، فقد بحثت عمن يحبونني من
المؤمنين المحسنين ، والأتقياء الصالحين ، فوجدتهم ينتظرون لقائي ،
ويستعدون لاستقبالي .
ـ وكم تقيم عندنا ؟
أيام معدودات … تسع وعشرون أو ثلاثون .
ـ ما هي مهنتك التي تمارسها في ديار الاسلام ؟
مهنتي هي الزراعة والصناعة والطب والتعليم …
الزراعة : فانني أغرس الايمان في القلوب ، وأزرع المحبة في النفوس ،
وأبذر الأخلاق في الطباع ، وأسقيها بماء الطهر والاخلاص ، وأغذيها بشهد
الفضيلة والاحسان ، فتنبت كل معاني الخير والاطمئنان ، ونجني ثمار الفلاح
والنجاح ، كما أنني أنزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور ، وأقلع
جذور الفساد والغش والحسد من النفوس فتنتج المحبة والمودة والايخاء .
ـ ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها … وما هي صناعتك التي تمارسها ؟
انني أصنع الأجسام القوية ، والنفوس الأبية ، والأرواح الزكية ، وأصل ما
تقطع بين الناس من أوصال ، وأجمع ما تفرق من أشتات ، وأصهر الجميع
في بوتقة العدل والمساواة ، فأنتج الأبطال الأقوياء، والرجال الأشداء على
الأعداء الرحماء فيما بينهم .
ـ يا لها من صناعة تدفع الأمة الى الجهاد الذي به تقود العالم الى الخير…
وما هي تجارتك ؟
تجارتي لن تبور ، فأنا أعطي الحسنات وأمحو السيئات باذن الله ، فمن تعامل
معي .. ربح الجنة وفاز بالحياة ، ومن تنكر لي وغش .. خسر البركة
والخيرات .. وحبطت أعماله ، وكان من أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.
ـ وما هو طبك ؟
انني أداوي الأجسام السقيمة ، والنفوس المريضة ، والعقول التائهة .. فأبعد
عنها كل ضعف وشح وشرك .. وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم
الفساد والضلال .
ـ وماذا عن أدويتك وعلاجك ؟
أدويتي هي الصيام والقيام وذكر الديان والعمل على طاعة الرحمن .
ـ وماذا تعلم الناس ؟
أعلمهم أن يسلكوا طريق الرشاد ، وأعودهم الجود والاحسان والرحمة
والتسامح والأمانة والوفاء والصدق والصبر والتعاون والاخلاص .
ـ لقد عرفنا الكثير من مزاياك وازداد شوقنا الى حديثك المفيد ، وكلامك
الرشيد ، فهل لنا أن تزيدنا من علمك وتعرفنا على مزيد من فوائدك ؟
نعم ، أنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، أنا شهر التوبة والغفران ،
أنا في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر .. من حرمها فقد حرم الخير
كله ...
ـ الآن وقد عرفناك جيدا وتذكرنا فضلك منذ القديم ، فهل لك أيها السيد الكريم
من شيء تقوله أخيرا ؟
نعم ، انني أقول لمن صام رمضان ايمانا واحتسابا بارك الله صيامكم وغفر ما
تقدم من ذنوبكم .. ورزقكم من الطيبات لتزدادوا خيرا على خير وبركة على
بركة ، أما أنتم أيها البخلاء الطامعون ، والأغنياء اللاهون ، والتجار
المحتكرون ، والمفطرون العابثون ، فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم
مؤصدة وبيوتكم مقفلة وقلوبكم خاوية إلا من الطمع وحب المال والفساد
والضلال ، فلا خير فيما تجمعون .. ولابركة فيما تكدسون .
اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عنا ، اللهم آآآآآمين ...
هــمــ الحنين ــس