السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته :
منذ زمن طويل كانت هناك مدينة يحكمها ملك وكان أهل هذه المدينة يختارون
الملك بحيث يحكم فيهم سنة واحدة فقط وبعد ذلك يرسل الملك الى جزيرة
بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ويختار الناس ملك آخر غيره وهكذا أنهى
أحد الملوك فترة الحكم الخاصة به وألبسه الناس الملابس الغالية و أركبوه
فيلا كبيرا وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعا وكانت هذه
اللحظة من أصعب لحظات الحزن والألم على الملك وجميع من كان قبله
ثم بعد ذلك وضعوه في التي قامت بنقله الى الجزيرة البعيدة حيث يكمل فيها
بقية عمره ورجعت السفينة الى المدينة وفي طريق العودة اكتشفوا احدى
السفن التي غرقت منذ وقت قريب ورأوا شابا متعلق بقطعة من الخشب
عائمة على الماء فأنقذوه وأخذوه الى بلدتهم وطلبوا منه أن يكون ملكا
عليهم لمدة سنة واحدة ولكنه رفض في البداية ثم وافق بعد ذلك وأخبره الناس
على التعليمات التي تسود هذه المدينة وأنه بعد مرور 12 شهرا سوف يحمل
الى تلك الجزيرة التي تركوا فيها ذاك الملك الأخير بعد ثلاث أيام من تولي
الشاب للعرش في المدينة سأل الوزراء هل يستطيع أن يرى هذه الجزيرة
التي أرسل اليها جميع الملوك السابقين ووافق الوزراء وأخذوه الى الجزيرة
ورآها وقد غطت بالغابات الكثيفة وسمع صوت الحيوانات الشريرة وهي تنطلق
في أنحاء الجزيرة نزل الملك الى الجزيرة وهناك وجد جثث الملوك السابقين
ملقاة على الأرض وفهم الملك القصة بأنه مالبث أن ترك الملوك السابقون
في الجزيرة أتت اليهم الحيوانات المتوحشة وسارعت بقتلهم والتهامهم
عندئذ عاد الملك الى مدينته وجمع 100 عامل أقوياء وأخذهم الى الجزيرة
وأمرهم بتنظيف الغابة وازالة جثث الحيوانات والملوك السابقين وازالة
قطع الأشجار الصغيرة وكان يزور الجزيرة مرة في الشهر ليطل على سير
العمل وكان العمل يتقدم بخطوات سريعة فبعد مرور شهر واحد أزيلت
الحيوانات والعديد من الأشجار الكثيفة وعند مرورالشهر الثاني كانت الجزيرة
قد أصبحت نظيفة تماما. ثم أمر الملك العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء
الجزيرة وقام بتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز و
البقر ... الخ ، ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى
للسفن وبمرور الوقت تحولت الجزيرة الى مكان جميل وقد كان الملك ذكيا
فكان يلبس الملابس البسيطة وينفق القليل على حياته في المدينة في مقابل أنه
كان يكرس أمواله التي وهبت له في اعمار هذه الجزيرة وبعد مرور 9 أشهر
جمع الملك الوزراء قائلا أنه يعلم أن الذهاب للجزيرة يتم بعد مرور 12 شهر
من بداية حكمه ، ولكنه يود الذهاب الى الجزيرة الآن ولكن الوزراء رفضوا
قائلين حسب التعليمات لابد أن تنتظر 3شهور أخرى ثم بعد ذلك تذهب للجزيرة
مرت الثلاثة شهور واكتملت السنة وجاء دور الملك ليتنقل الى الجزيرة ألبسه
الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير قائلين له وداعا أيها الملك،
ولكن الملك على غيرعادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم وسأله الناس
عن ذلك فأجاب بأن الحكماء يقولون:
"عندما تولد طفلا في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون "
فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه حتى يأتيك الموت وعندئذ تضحك بينما
جميع من حولك يبكون ... فبينما الملوك السابقين كانوا منشغلين بمتعة
أنفسهم أثناء فترة الملك والحكم كنت أنا مشغولا بالتفكير في المستقبل و
خططت لذلك وقمت باصلاح وتعمير الجزيرة وأصبحت جنة صغيرة يمكن
أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام ...والدرس المأخوذ من هذه القصة الرمزية:
أن هذه الحياة الدنيا هي مزرعة للآخرة ويجب علينا ألا نغمس أنفسنا في
شهوات الدنيا عازفين عن الآخرة حتى ولو كنا ملوك ، فيجب علينا
أن نعيش حياة بسيطة مثل رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ونحفظ
متعتنا الى الآخرة ، الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر ...
لا تنسونا من صالح دعائكم ...
هــمــ الحنين ــس