في
أماكن أخرى في أوروبا بدأت المنتخبات الوطنية في التخلص من حرسها القديم
للاستعانة بدماء جديدة. وربما يكون الوقت قد حان لتقوم إنجلترا بالشيء
ذاته.
في هولندا، بدأت بالفعل عملية تفكيك فريق يورو 2012. كان المعيار
بالنسبة لهم يتمثل في التخلي عن كل من اقترب أو تجاوز الثلاثين من العمر.
وبالفعل فقد أعلن فان بوميل اعتزاله اللعب الدولي. وأصبح ينظر إلى جوريس
ماثيجسن، ويلفرد بوما، وخالد بولحروز وديرك كاويت على أنهم تقدموا كثيرا في
السن. أما جون هتينغا فلا يزال دون الحد الأعلى لكنه لا يتمتع بالكفاءة
اللازمة للاستمرار مع المنتخب. وكان رافاييل فان در فارت، الساخط البالغ من
العمر 29 عاما، قد أشار إلى أنه سيغادر هو الآخر الفريق، إلى أن ضحى
المدير الفني بيرت فان مارفيك بنفسه بدلا منه.
في إنجلترا يرى الخبراء الرياضيون في تقرير نشر بصحيفتي «ديلي تلغراف»
و«الغارديان» أن هناك إصرارا من المدير الفني روي هودجسون على ضرورة الوثوق
بقدرات لاعبي المنتخب الإنجليزي الذين تخطوا حاجز الثلاثين لم يكن على نفس
القدر الذي تعاملت به الدول الأخرى، التي لم تؤد بصورة مرضية في يورو
2012. ففي فرنسا كان باتريك ايفرا كبش الفداء، وربما كان فلورنت مالودا
كذلك أيضا. وفي البرتغال ربما لعب ريكاردو كوستا مباراته الأخيرة. أما
ألمانيا فربما تتخلى عن ميروسلاف كلوزة.
مسألة التغييرات ربما تكون صعبة. وسوف يقوم البعض باتخاذ هذا القرار
بأنفسهم، في الوقت الذي ينبغي فيه اتخاذ هذا القرار نيابة عن آخرين. فلن
يتمكن فان دير فارت من الانضمام إلى قائمة اللاعبين الهولنديين الحصرية
والصغيرة الذين شاركوا في 100 مباراة مع منتخب بلادهم، وإذا ما حافظ المدرب
مارفيك على مكانه ضمن صفوف المنتخب، فسيظل لاعب توتنهام صاحب 99 مشاركة مع
منتخب بلاده فقط.
كان نهج هودجسون مختلفا للغاية، فقد بدا مرتبكا إلى حد بعيد في اقتراحه
إمكانية مشاركة لاعبي المنتخب الذين أوشكوا أو تخطوا حاجز الثلاثين في
تناقض كامل مع الخطة التي أراد غاري نيفيل تطبيقها. كان نيفيل يدعو منذ
فترة طويلة إلى أنه ينبغي رحيل الحرس القديم، وربما ينبغي إعادة هذه
الكلمات الآن وقد أصبح الرجل الثاني بعد هودجسون في الجهاز الفني. قال
نيفيل: «حان الوقت لنتخلى عن اللاعبين القدامى وأن نبدأ عهدا جديد، مع
لاعبين لم يصبهم الفشل والشكوك. ينبغي أن نتخلص من السلبية لأن ذلك لا يوفر
البيئة الملائمة كي يزدهر وينمو الشباب». كان ستيفن جيرارد وآشلي كول ضمن
التشكيلة التي وضعها نيفيل، في الوقت الذي كان فيه جون تيري خارجها. وعلى
الرغم من وجود جاك رودويل ودانييل ستاريدج ضمن الفريق فإنه لم يتمكن فرانك
لامبارد وغاريث باري من اللحاق بهم.
المشكلة مع إحصاءات كهذه ذات شقين، الأولى هي أن هودجسون يعارضها بشكل
واضح، والثاني أن جون تيري أدى أداء جيدا إلى حد أن بعض الكتاب الرياضيين
كانوا يجلسون في مقهى فندق بوارسو خلال البطولة الأوروبية يتناقشون عما إذا
كان سينافس على لقب أفضل مدافع في البطولة. وكان هناك إجماع على أنه لعب
بصلابة أسهمت في عدم حدوث المأزق الذي شهدته إنجلترا أمام إيطاليا بصورة
أسرع.
بيد أن تيري لم يؤدِ على النحو اللائق، لأن عدم تحركه كان يعني أن
الفريق دائما ما يتهم بالدفاع في العمق، كما كان الحال مع عدم قدرته على
تنفيذ خطط أندري فيلاس بواس التي تتطلب مستوى أعلى من المهارة خلال توليه
تدريب تشيلسي.
هذا لا يغفل حقيقة أن تيري أدى دوره ببراعة في الالتحام مع المهاجمين
وقطع الكرات، لكنك إذا نظرت عن كثب فستجد أن هناك تراجعا في المستوى مع
اقتراب لاعب خط الوسط، على الرغم من تمتعه بقدرة غير اعتيادية على الكرة،
من سن الحادية والثلاثين بتاريخه من إصابات الظهر وأنه نادرا ما يلعب في
الإصابة. وعندما تكون الكرة أمام تيري يكون خصما ذا قوة هائلة. وعندما يضطر
إلى الاستدارة وهناك مساحة خلفه هنا تكمن نقطة ضعفه، ولذا فإن ميله
الطبيعي ليس إلى الدفاع لأن كرة عالية يمكن أن تتسبب في تعريض المساحة التي
يقف فيها إلى الخطر.
ولعلنا نذكر تلك اللحظة في مباراة المنتخب أمام السويد عندما ترك مركزه
ليجد نفسه في سباق مع زلتان إبراهيموفيتش على الجانب الأيسر. كانت الطريقة
التي فوجئ بها والتي تجاوزه بها إبراهيموفيتش أدلة دامغة على أن تيري، على
الرغم من إمكاناته، لن يتمكن من اللعب في كأس العالم المقبلة، ناهيك من
الكثير من الإصابات والمشاكل التي يواجهها، والتي من بينها الحكم من
المنتظر من محكمة الصلح في ويسمنيستر وإما أن تبرأ ساحة تيري أو أن يدان
بتوجيه إساءات عنصرية إلى اللاعب أنطون فرديناند، أثناء مباراة تشيلسي مع
كوينز بارك رينجرز في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ستنظر المحكمة غدا في الاتهامات التي أنكرها تيري بأن استخدم كلمات
تهديدية أو مسيئة أو مهينة في حدود سماع أو رؤية شخص يتوقع أن تكون قد
تسببت في حدوث مضايقة أو انزعاج أو ضيق، وأن هذا الهجوم سببه التحرش
والإزعاج أو الحزن، بما يتناقض والمادة 28 من قانون الجريمة والفوضى لعام
1988. ويتوقع أن تستمر المحاكمة طيلة الأسبوع وستتضمن استدعاء اللاعبين
والشهود من كلا الناديين، وخبراء قراءة الشفاه وضباط الشرطة. عندما ينتهي
ذلك هل سيظل تيري يحجز مكانه في المنتخب؟ وتحديدا، هل سيتم اختياره مرة
أخرى؟
مهما حدث، المهم هنا هو أن تيري يمكن الاستغناء عنه، والخطورة هنا في
تأثر تفكير هودجسون بالفترات قصيرة الأجل عندما يتحدث عن استمراره. لقد
استغنى هودجسون بالفعل عن ريو فرديناند في سن الثالثة والثلاثين، وليست
هناك إمكانية لعودة مدافع مانشستر يونايتد، لكن مركز قلب الدفاع ليس مشكلة
مركز بالنسبة لمنتخب إنجلترا.
سيصل جوليون ليسكوت وفيل جاجيلكا إلى سن الحادية والثلاثين بحلول كأس
العالم المقبلة، وسيكون غاري كاهيل في الثامنة والعشرين وكريس سمولينغ 24
وفيل جونز 22. وبعيدا عن جاجيلكا فجميعهم كانوا يلعبون في دوري أبطال
أوروبا. كان ينبغي أن يخفف أداء كاهيل في النهائي أمام بايرن ميونيخ من أي
حجة بشأن قدرة على التأقلم مع هذا المستوى المتقدم. وسمولينغ وجونز موهوبان
على الرغم من أنهما لا يزالان صغيري السن، وسوف يتقدمان بشكل أفضل خلال
عامين.
وتعد مسيرة إنجلترا نحو التأهل لمونديال البرازيل - التي ستواجه فيها
مولدوفا وأوكرانيا وبولندا وسان مارينو والجبل الأسود بنظام الذهاب والإياب
- مهمة جيدة يمكن بالتأكيد إسنادها إلى هؤلاء اللاعبين، لأن البديل، أي
بدء حملة التأهل بتيري، سوف يحرم من سيظلون موجودين في 2014 من الفرصة.
والبراعة، كما أظهرت إيطاليا، هي الوصول إلى التوليفة المناسبة ما بين
القديم والجديد. فربما يكون ماريو بالوتيللي، البالغ من العمر 21 عاما، قد
سجل الهدفين اللذين أوصلا فريق سيزار برانديللي إلى النهائي، لكن لاعبا
عمره 33 عاما، هو أندريا بيرلو، كان أكثرهم تألقا، بل وربما يكون أفضل لاعب
في البطولة، حيث امتدحه بيتر شمايكل، وهو يمنحه مرة جديدة جائزة أفضل لاعب
في المباراة عقب نصف النهائي أمام ألمانيا، قائلا إنه قدم «قطعة فنية».
وسوف يكون ستيفن جيرارد في الرابعة والثلاثين من عمره حين يلعب في
البرازيل، وسيكون، كما هو الحال مع تيري، قد دخل في مرحلة بداية النهاية،
مع مواجهة مشكلات في اللياقة البدنية - وقد أصيب بأول شد عضلي في ساقه في
الدقيقة 71 من مباراة ربع النهائي أمام إيطاليا - إلا أنه من الممكن إدخال
تعديلات على دوره في الملعب، وقد كان واضحا دوما، منذ أن اختير لتقلد شارة
القيادة، أنه سيستمر في الملاعب لوقت طويل.
وربما يتعين على لامبارد أن يعيد اكتشاف نفسه وأن يقلل من انطلاقاته نحو
منطقة الجزاء، تماما كما فعل بول سكولز مع مانشستر يونايتد. ولكن حتى
عندئذ، فربما يكون الأوان قد فات، فسوف يضطر، مثل باري، إلى إفساح المجال
عند تعافي ويلشير من إصابة الكاحل التي يعاني منها. ويفتقد آشلي كول لمحة
من سرعته القديمة، لكنه ما زال بعيدا عن البطء في اللعب ولا يوجد خوف عليه،
بشرط أن يحتفظ بروحه القتالية. وهذا ليست له أي علاقة بتيري وما إذا كان
هودجسون سيستمع إلى نصيحة مساعده نيفيل. وختم نيفيل قائلا: «لا بد من تقديم
مجموعة جديدة من اللاعبين الشباب».