ثاني مدينة من حيث الأهمية بعد وهران في الجهة الغربية، فخورة بماضيها المجيد والمزدهر، ذات المعالم الأندلسية متأصلة في المغرب الإسلامي، وصاحبة المواقع الطبيعية الخلابة هي "مدينة الفن والتاريخ" كما كان يسميها جورج مارصي.
لتلمسان منزلة مرموقة في تاريخ المغرب العربي وتمتاز في ميادين شتى بجمالها الطبيعي الساحر المتمثل في نجادها ووهادها وغاباتها وينابيعها وغير ذلك من المحاسن والمفاتن وتعد تلمسان المدينة الوحيدة التي صمدت من الغرق في محيط التلاشي واللاوجود واحتفظت عبر القرون والدهور المديدة بالحياة والنشاط وقوة الحيوية والازدهار في المغرب الأوسط وبقيت صامده ثابتة عبر المخاطر والمحن، ولم يقض عليها ما حل بها من كوارث وأهوال طمست كثيرا من المدن المجاورة لها بتأثير الاستدمار والحروب.
وبكثرة ما فيها من المباني الفنية الرائعة الخالدة، وبماضيها الفكري الثقافي والسياسي المجيد فقد تضافرت جهود الطبيعة السخية الحسناء وجهود الإنسان المبدع الخلاق لتكوين مدينة متفوقة راقية ممتعة للفكر وللقلب والروح معا. فقد بلغت أرفع مكانة في الجمال والجلال والكمال واستحقت بفضل ذلك كله أن تدعى جوهرة المغرب وغرناطة الإفريقيا.
تقع المدينة داخل مزارع الكروم والزيتون، كما تشتهر بصناعة الجلود، والزرابي وصناعة المنسوجات.و جعلت منهاكل هته التأثيرات تتربع على قمة المناطق السياحية في الجزائر.
معنى كلمة تلمسان
حسب يحي بوعزيز يتألف اسم تلمسان من كلمتين بربريتين هما "تلم " ومعناها تجمع و"ان" ومعناها "اثنان " لكونها جمعت بين مدينتي تقرارات التي أسسها يوسف بن تاشفين وأغادير التي أسسها أبو قرة اليفريني على أنقاض بوماريا[1]
أما جورج مارصي فيعتقد ان اسم تلمسان (من البربرية تلا ومسان، ومعنى كلمة تال عنده المنبع وامسان وبمعني الجاف لتصبح كلمة تلمسان " المنبع الجاف"
وقول يقول بأنها تحريف صيغة الجمع من تلمسين بكسر وسكون فكسر ومفرده تلماس ومعناه جيب ماء أو منبع فيكون اسم تلمسان بمعنى مدينة الينابيع [2]
أما ما درج عند العامة بكونها كلمة عربية مركبة من كلمتين تلم –تجمع- وإنسان لتصبح تلمسان."مجمع الناس" رغم أنه لا يوجد له سند علمي أو تاريخي.
ولم تحمل دائما تلمسان هذا الاسم بل كانت تسمى بوماريا وأغادير ثم تقرارات كما كنت بعدة كنى منها الجدار ولؤلؤة المغرب وعروس المتوسط..
سكانها
البربر: وبَنَوا فيها أصل المدينة القديمة وهي « أغادير »، أي القلعة. وأطلقوا على البلدة كلها اسم « تلمسان » أي الينابيع.
الفاندال: وقد مرّوا بها خلال فترة الحكم الروماني للمدينة، ثم طُردوا منها من جديد على يد الرومان الكاثوليك.
الرومان: وقد حكموا المدينة من بداية الربع الأخير من القرن الخامس الميلادي إلى عام 671م عند قدوم العرب المسلمين بقيادة عُقبة بن نافع.
منذ عام 671م وحتى نهاية الحكم الأموي وبداية الحكم العباسي ظلت تابعة للأمويين والعباسيين.
بنو زناتة: وقد حكموها منذ بدايات القرن الثامن الميلادي حتى نهاياته تقريباً.. حينما انشقّوا عن العباسيين مع حركة انشقاق الخوارج في المشرق... وذلك بقيادة زعيمهم « أبو قرّة » من « بني يفرن » وهي فخذ من زناتة.
الأدارسة: قدموا من فاس بالمغرب، واستولوا على تلمسان بالمصالحة مع زعيم قبائل زناتة، وظلوا يحكمون تلمسان طيلة القرن التاسع الميلادي واليوم يتواجد الادارسة على شكل قبائل متواجدة في تلمسان مثل قبيلة اولاد انهار وهي أكبر قبيلة على مستوى الغرب الجزائري وقبيلة بني هديل -ومنها أنحدر انا زميلكم lmd- وقبائل عين الحوة وهم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. (المراجع كتاب الانساب لمحمد الميلي ومقدمة ابن خلدون)
الصَّنهاجيّون: من أتباع الفاطميين، وقد حاصروا تلمسان عام 937م وفتحوها.
المرابطون : وهم قبائل من موريتانيا والسنغال حاصروا المدينة عام 1079م بزعامة « يوسف بن تاشفين » وفتحوها وبَنَوا فيها ضاحية « تاغرارت ».
الموحِّدون: وقد كانوا يتركزون في الجبال الداخلية في المغرب العربي بزعامة « ابن تُومَرْت »...
وقد أرسل ابن تُومَرت صديقه « عبد المؤمن » لفتح تلمسان فحاصرها عام 1143م، ودام حصاره لها سنين حتى انهزم المرابطون، وفُتحت المدينة لهم، ودام حكمهم لها 40 سنة.
بنو عبد الواد : وقد كانوا بدواً رُحَّلاً استخدمهم الموحِّدون للحفاظ على تلمسان، إلاّ أن شوكتهم قد قويت فيها، وعلا شأنهم حينما استطاعوا أن يصدّوا قبائل (بني غانية الطامعة في تلمسان)، فما كان من الخليفة الموحِّدي بالمغرب إلاّ أن كافأ زعيمهم بتعيينه حاكماً له. واستمر حكم بني عبد الواد لتلمسان ثلاثة قرون، ابتداء من القرن الثالث عشر الميلادي إلى نهايات القرن الخامس عشر.
واشتهر منهم « يغمراش » الذي يعود إليه الفضل في بناء المساجد والقصور الباقية حتى الآن في تلمسان.
المرينيون: وقد حاصروا تلمسان سبع سنوات ابتداء من عام 1299ه بقيادة زعيمهم السلطان المريني « أبو يعقوب » ولم يرفع الحصار عن المدينة إلاّ بموته، إلا أن المرينيين قد بَنَوا خارج أسوار المدينة القديمة مدينةً جديدة أطلقوا عليها اسم « المنصورة ». وقد عاد المرينيون مرة ثانية لحصار تلمسان بقيادة أبي الحسن المريني ففتحوها ودام حكمهم لها إحدى عشرة سنة.
بنو عبد الواد: عادوا لفتح المدينة بقيادة « أبو حمد الثاني » فدخلوها، وظلوا يحكمونها إلى بداية القرن السادس عشر الميلادي.
فترة الحكم التركي: وقد خضعت تلمسان للأتراك العثمانيين منذ عام 1555م بعد أن كان قد فتحها القائد التركي « بابا عروج » الذي استنصر به « أبو زيان » من بني عبد الواد على عمه « أبو حمد الثالث » الذي انتزع منه الحكم.
الأمير عبد القادر الجزائري: وقد حكم تلمسان منذ عام 1863م.
الاحتلال الفرنسي لم يَدُم حكم الأمير عبد القادر طويلاً لتلمسان، إذ إن الفرنسيين سرعان ما عادوا فاحتلّوا المدينة من جديد وبَنَوا بها مركزاً عسكرياً في حي « المشوار »، واستمرت سيطرتهم عليها إلى عام 1962م حين استقلت الجزائر.