نحن أمة أجدادنا خلّفوا لنا إرثاً عظيماً ,
إرثاً لا أعني به الحضارة التي أضعناها ,
ولا الكرامة التي أهنّاها , والعزة التي أذليناها,
بل أقصد تلك المواقف البطولية التي عبّروا عنها بالأفعال قبل الأقوال ,
فأصبحت وسام فخر على صدر كل عربي وكل مسلم ,
يتباهى بها أمام بني يهود.
أحداث متسارعة وخطوب متزايدة تمر بها أمة كبيرة بتاريخها صغيرة بواقعها ,
ازداد عمق جراحها , فمن بغداد إلى دمشق وصولاً إلى بورما ,
ومن قبل الجميع غزة الصمود ,
رحلة أشبه برحلة في قطار الموت ,
تحصد الأرواح وتتلذذ بسفك الدماء ,
والأمة آذانها صماء وأعينها فيها عماء.
لا أدري كم نحتاج من ممحاة لمسح هذا التاريخ الملطخ بالذل بعد الذل ,
وكم نحتاج من سنوات تنسينا تلك المآسي التي تشهد على تخاذلنا ,
فكل جريح , وكل من فقد أعضاءه كلها أو جزء منها ,
هو دليل على شجاعته ودليل على خيانتنا لتاريخ أمتنا ,
واقع محزن تحتاج الشعوب الإسلامية جميعها أن تنشد مع محمود غنيم قوله :
مجدٌ تليد بأيدينا أضعناه .
كم من سيرة نقرأ تاريخها , وكم من شخصية صور الإعلام حنكتها ودهائها ,
وفي أول اختبار لها , انطبق عليها قول بديع الزمان الهمداني :
ستعلم حين ينجلي الغبار أفرس تحتك أم حمار
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ,
معادلة ذكرها من نحن بحاجة لدرته ؛
كي نجلد بها ظهر من عبث في الأرض الفساد, سواء فساد فكري كفساد من
بالمسلسل يريد أن يسلسل عقولاً تسلسلت بسلاسل الهوى فتسللت أفكارها
الخبيثة إلى مجتمع سيسلسل تلك الأفكار في جحورها ,
أو فساد عملي كفساد الأسد والنمر , حيوانات على هيئة بشر ,
أفسدت عقول وعقائد كثير من البشر ,
فستلقى حتفها بإذن من بيده القضاء والقدر.
عذراً بورما فنحن لازلنا خارج الفورما , فمن قبلك بغداد ومن قبلها كوسوفو
وأفغانستان ومعك دمشق الإيمان ,
أنتم كشفتم لنا حقائق التاريخ المزور ,
كشفتم حقيقة العرب العاربة والمستعربة ,
والمسلمين جميعهم للغرب مستسلمين , لا يجيدون سوى الشجب والاستنكار ,
فحق أن نطلق عليها أمة البيانات والتصريحات.
عذراً بورما .. فقدرك أنك في زمن ليس يوجد فيه معتصم ولا خالد.
عذراً بورما .. فقدرك أنك لا تملكين مصالح دنيوية حتى تُدعمي إعلامياً وسياسيا.
عذراً بورما .. فلست أول ولا آخر شاهدة على تخاذل المسلمين .
عذراً بورما .. فللمجازر بقية , اليوم هناك وغدا ستقولي لموقف المتخاذلين
( لن ننساك) , قدرك أن الأمة السياسية المسلمة ليست بيدها قراراتها
علقت آمالها بالأمم المتحدة وكوفي عنان , فمجدها أضاعته وعليها هان.
كم من الإيجابيات أفرزتها لنا تلك الأحداث , وبينتها دماء الأطفال , وصرخات النساء ,
فكشفت الحقائق التي حاولت السياسة في زمن مضى أن تجعلنا نُسَلِم لما
يطرحه الإعلام المسيس , أحداث ستعيد– بإذن الله –مجد الأمة التليد .
مسلسل اضطهاد المسلمين مستمر مالم تكن هناك قراءة واقعية لمستقبل أجيالنا ,
فإيران تتقدم والغرب يظهر لنا وجهاً ويخفي عنّا آخر ,
هي السياسة ( لعبة قذرة )
يسعون لتغريب أمتنا , وتشتيت وحدتنا وكلمتنا.
عذراً بورما .. فحكايات التخاذل سنحكيها لأطفالنا قبل النوم,
ونسبح معهم في سبات عميق,
وأنتم وحدكم من ستحكون لأطفالكم حكايات الصمود والانتصار,
وسيدعم التاريخ موقفكم ويسجل أسماءكم مع من عُذِبوا في سبيل الإسلام
فلا يضركم من خذلكم , فالجنة بإذن الله موعدكم .