المال الشائع ( أو الملكية المشاعة )
يطلق مصطلح المال الشائع على حق الملكية الذي يتعدد فيه الأشخاص المالكون، و ما ينجر عنه من نزاعات بين هؤلاء المــلاك الشركاء من خلال انتفاعهم و تصرفهم في تلك الحقوق الشائعة، ذلك أن الملكية كحق مانع و جامع، تخول لصاحبها جميع السلطات و الصلاحيات، التي تسمح له وتمكنه من الاستفادة بمزايا الشيء محل الحق وحده، و من هنا تتجسد أهمية موضوع المال الشائع، باعتباره يندرج ضمن الأصناف الملكية العقارية الخاصة إلى جانب الفردية و المشتركة، فيختلف عن الفردية لإنفراد المالك فيها، و يتفق مع المشتركة لاشتراك المالك في ملكه مع الآخرين
و لقد تناول التشريع الجزائري موضوع المال الشائع من خلال القسم الرابع من الباب الأول في القانون المدني، و أخضعه لتراتيب المواد من 713 إلى 742.
و الشيوع لغة من شـاع الشيء شيوعـا و مشاعـا إذا ظهر و انتشر وأذاعه و نحوها. و يطلق عليه اصطلاحا الشيء الواحد المشترك بين عدة مالكين، يمثل نصيب كل واحد منهم، مشاع في الشيء بكامله لا بجزء معين منه و هو بحد ذاته ليس نصيبا ماديا و إنما حصة يعبر عنها بالأرقام، و منه فإن حق الملكية الشائعة هو أنصبة موزعة بين الشركاء المالكين أما الشيء نفسه فمشاع غير مقسوم بينهم
عرف المشرع الجزائري بالمادة 713 من ق.م المال الشائع بنصه : (إذا ملك اثنان أو أكثر شيء و كانت حصة كل منهم فيه غير مفرزة فهم شركاء على الشيوع و تعتبر الحصص متساوية إذا لم يقم دليل على ذلك)
و تتعدد حالة الشيوع، بتعدد مصادرها، فإما أن يكون بإرادة الإنسان، أو بإرادة المشرع أو بحكم القاضي.
أما الشيوع بإرادة الإنسان فيتمثل في الحالات التالية :
- شراء عدة أشخاص لأرض على الشيوع دون فرز الحصص أو بوصاية شخص على عدة أشخاص بملكية دار.
- اتفاق شريك على البقاء في الشيوع وينتقل هذا الالتزام لمشتري الحصة حتى ولو لم يعلم بدلك لغرض معين لتفادي انخفاض قيمة العقار حتى ولو بلغ القاصر منهم
- أما عن الشيوع بإرادة المشرع فمثاله انتقال الملك من المورث الهالك إلى ورثته.
- أما الشيوع بحكم القاضي فلكون ان هدا الاخير يقرر القانون فمثاله بالقانون الفرنسي إذا توفي رب العائلة جاز إبقاء الشيوع بقرار يصدر عن القاضي بناءا على طلب زوج المتوفي أو والده .
- و قد يكون في بعض الأحيان مرور الزمن مصدر للشيوع كاغتصاب اثنين لعقار بوضع يديهما بصورة شائعة، فتمضي المدة المقررة قانونا للاكتساب القانوني للملكية دون معارضة المالك، و في هذا الإطار صدر القرار المؤرخ في 30/07/2003 تحت رقم 275480
" و بتكريس حق المطعون ضده في الحيازة التي تحولت من الشيوع إلى حيازة على إنفراد دون تبيان و إبراز الوسائل التي تحولت بموجبها هذه الحيازة يعد قصورا في الأسباب".
و من المبادئ العامة فإن مصادر الشيوع هي العقد ’ الوصية ’ الاستيلاء ’ التصاق ’ الشفعة ’ التقادم او بالميراث الذي يعد من أهم و أكثر المصادر وجودا.
و بعد تعريفنا للمال الشائع ارتأينا لدراسة الموضوع طرح الإشكالية التالية:
ما هي أنواع الشيوع ؟ و ما هي أحكام التمتع بالمال الشائع في ظل هذا التعدد للملاك الشركاء ؟ و هل يمكن التصرف فيه ؟ و في حالة الإمكانية، كيف يتم ذلك ؟ و هل يمكن إنهائه ؟ و كيف يتم ذلك ؟ و ما هي أثار هذا الإنهاء ؟
و للإجابة على دلك نقترح الخطة التالية التي نبررها أن الشيوع نوعان الأول باختيار الشركاء و الثاني بإجبارهم على البقاء فيه، لذا أقسم الموضوع إلى فصليين شيوع اختياري و شيوع إجباري فالأول له أحكامه الخاصة و ينتهي بالقسمة لذا أقسم الفصل الأول إلى أحكام التمتع و التصرف في المال الشائع و الى القسمة كطريقة لإنهائه في شكل مبحثين.
أما الشيوع الإجباري فهو موجود بملكية الأسرة و بالملكية المشتركة.
الفصل I الشيوع الاختياري أو العادي
المبحث I : أحكام التمتع و التصرف في المال الشائع.
المطلب I : إدارة المال الشائع
الفرع 1 : أعمال الحفظ و الصيانة
أ- حق كل شريك في انفراد بالقيام بأعمال الحفظ
ب– الاشتراك في نفقات الشيء الشائع و تكاليفه.
الفرع 2 : إدارة المال الشائع المعتادة.
أ- اكتفاء بالأغلبية العادية في شأن الإدارة المعتادة.
ب- حكم انفراد أحد الشركاء بعمل من أعمال الإدارة المعتادة.
الفرع 3 : أعمال الإدارة الغير معتادة.
أ- استلزام أغلبية ثلاث أرباع الحصص للإدارة الغير المعتادة.
ب – حكم انفراد أحد الشركاء بعمل من أعمال الإدارة الغير المعتادة.
المطلب 2 : التصرف في المال الشائع.
الفرع 1 : التصرفات الجماعية.
أ- أعمال التصرف بإجماع الشركاء .
ب – أعمال التصرف الصادرة عن أغلبية الشركاء .
الفرع 2 : التصرف الفردي.
أ- التصرف في كل الشيء الشائع
ب- التصرف في الجزء المفرز.
ج- تصرف الشريك في المال الشائع كله.
المبحث II : انقضاء الشيوع الاختياري بالقسمة .
المطلب 1 : القسمة النهائية و قسمة المهايات
الفرع I : القسمة النهائية و آثارها.
أ- القسمة الاتفاقية.
ب- القسمة القضائية
ب-1- القسمة العينية.
ب-2- القسمة التصفية.
ج- آثار القسمة.
الفرع II : قسمة المهايات.
المطلب 2 : القسمة في الأراضي الفلاحية و في الملكية المشتركة بين الدولة و الخواص.
الفرع I : قسمة في الأراضي الفلاحية.
الفرع II : قسمة في الملكية الشائعة ما بين الدولة و الخواص.
الفصلII : الشيوع الإجباري.
المبحث I : ملكية الأسرة.
المطلب 1 : إنشاء ملكية الأسرة.
المطلب 2 : أحكامها الخاصة
المبحث II : الملكية المشتركة
المطلب I : تحديد الأجزاء المشتركة.
الفرع I : تحديد نسبة كل شريك في الأجزاء المشتركة.
1- و سائل التصنيف.
2- تحديد و حساب نصيب كل شريك في ألأجزاء المشتركة.
الفرع II : حقوق و التزامات الشركاء في الملكية المشتركة.
1- الحقوق.
2- الالتزامات.
المطلب II : إدارة الملكية المشتركة.
الفرع I : نظام الملكية المشتركة.
1- ماهيتها.
2- نتائجه.
الفرع II : هيئات الملكية المشتركة.
1- دورها في التسيير و الإدارة و الحفظ.
2- مسؤوليتها.
الفصل الأول :
الشيوع الاختياري أو العادي
الفصل الأول : الشيوع الاختياري أو العادي
المبحث I : أحكام التمتع و التصرف في المال الشائع
يتمتع كل شريك في الشيوع بحق الانتفاع و الاستغلال و الاستعمال للشيء الشائع، و له حق التصرف فيه، و هو ما يجعلهم مجبرين على الاتفاق فيه حول الطريقة المثلى لإدارة هذا المال، أما في حالة اختلافهم أوجب المشرع للإدارة نصابا معين من الحصص. و للشريك الحق في التصرف بحصته الشائعة دون مساسه بنصيب أو حصة الشركاء الآخرين.
و لذا سنتناول في المطلب الأول إدارة المال الشائع و بالثاني التصرف فيه.
المطلب I : إدارة المال الشائع :
يعتبر المشرع الجزائري إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين كقاعدة عامة في إدارة المال الشائع، و هذا ما ذهبت إليه المادة 715 من القانون المدني التي تنص على أن " تكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك "
و عليه فإنه للشركاء مجتمعين السلطة المطلقة في إدارة المال الشائع، عن طريق توجيه الانتفاع به أو تعيين مدير له، أو ترتيب حق إيجار عليه، و يلزم ذلك خلفائهم ، غير أنه ورد على القاعدة العامة المذكورة عدة استثناءات عامة.
و يتمثل الغرض من الإدارة في الانتفاع بالمال و اقتسام ثماره و لكل مالك حق الاستعمال و استغلال الشيء، و هذا ما حددته المادة 714 بقولها " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكا تاما و له أن يتصرف فيه و أن يستولي على ثماره و أن يستعملها بحيث لا يلحق الضرر لسائر الشركاء "
إن إدارة المال الشائع يمكن أن تتجزء إلى أعمال الحفظ و الصيانة و أعمال الإدارة المعتادة و أعمال الإدارة غير المعتادة.
الفرع 1 : أعمال الصيانة و الحفظ.
إن هذا النوع من أعمال الإدارة حق لكل شريك في الشيوع دون حاجة لموافقة من باقي الشركاء لكونه عمل ينتفع به الجميع و لا يضر بهم، بل هو واجب على كل شريك 2 ، هذا ما ذهبت إليه المادة 718 من ق.م بقولها " لكل شريك في الشيوع الحق في أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لحفظ الشيء و لو كان بغير موافقة باقي الشركاء "
و يتجسد الحفظ في شكل عمل مادي كالصيانة و الترميم و التسييج، أو تسجيل سند الملكية أو جني الثمار قبل التلف و هذا ما ذهب إليه قرار المحكمة العليا المؤرخ 24/06/1997، ملف رقم 153436
للشريك في الشيوع – حق المحافظة على المال الشائع دون موافقة باقي الشركاء تطبيق صحيح للقانون.
من المقرر قانونا أنه يمكن لكل شريك على الشيوع أن يتخذ أي إجراء يراه ضروريا لحفظ الشيء المشاع و لو كان بغير موافقة باقي الشركاء.
و من ثمة فإن قضاة الموضوع لما رفضوا طلب الشريك في الشيوع بمراجعة الإيجار للحفاظ على المال الشائع يكونون قد أساؤوا تطبيق القانون
و بالقرار المؤرخ في 21/05/1969
إذا تعلق الأمر بتعدي الغير بدون سبب، يجوز لكل شخص في الشيوع حماية الملكية المشاعة.
و قد يتخذ الحفظ شكل عمل قانوني مثل رفع دعوى من أحد الشركاء لقطع التقادم أو دفعه للرسوم و الضرائب لمنع الحجز على المال أو تسديد أقساط الدين، إذ أنه يتصرف بهذا الإجراء القضائي أصالة عن نفسه وكالة عن سائر الشركاء، إذا لم يعترض أحدهم على عمله. كما أنه يسوغ له الرجوع على الشركاء بدعوى الوكالة لاسترجاع نفقات أعمال الحفظ،أماإذا تمت هذه الأخيرة دون علم سائر الشركاء، اعتبر الشريك فضوليا، أما إذا قام بهذه الأعمال بالرغم من اعتراضهم، فبإمكانه الرجوع عليهم بدعوى الإثراء بلا سبب، و الشريك في جميع هذه الأحوال نائب عن شركائه نيابة قانونية فيرجع إذن عليهم دائما بدعوى النيابة.
و بصورة عامة، فإن الشركاء يتحملون نفقات الحفظ و الإدارة و سائر التكاليف، كل حسب نصيبه طبقا للقواعد القانونية المقررة بالقانون المدني و المذكورة سالفا (الفضالة، الوكالة، الإثراء بلا سبب)، و يتخلص الشريك من هذه التكاليف بتخليه عن حصته طبقا للقواعد العامة في نظرية الإلتزامات.
وتجدرالإشارة أن نفقات الحفظ عددها المشرع الجزائري في المادة 719 من ق.م. على سبيل المثال لا الحصر، فيدخل في إطارها جميع النفقات الضرورية للحفظ باستثناء النفقات الكمالية التي لا يمكن للشريك الرجوع على الشركاء بخصوصها إلا بشرط توافر الإذن له بإنفاقها صراحة أو ضمها
و من اجتهادات المحكمة العليا القرارات التالية :
القرار المؤرخ في 21/01/1992 ملف رقم 75576 .
حماية المال الشائع – رفع دعوى اعتراض الغير الخارج عن الخصومة – عدم قبولها خرق القانون.
من المقرر قانونا أن لكل شريك في الشيوع الحق في أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لحفظ الشيء و لو كان ذلك بغير موافقة باقي الشركاء و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
و لما كان من الثابت – في قضية الحال – أن قضاة المجلس لما نسبوا للطاعنة أنها طالبت بمفردها بالحقوق المشاعة و بعدم قبولها دعوى اعتراض الغير الخارج عن الخصومة التي سجلتها بالرغم من كون أن القانون يسمح لها كمالكة على الشيوع أن تتولى كل إجراء لحماية الحق الكامل على الشيوع، فإن قضاة الموضوع بقضائهم كما فعلوا قد خرقوا القانون.
و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه.
و بقرار المؤرخ في 22/11/94 ملف رقم 116228
من المقرر قانونا أن يحق لكل شريك في الشيوع أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لحفظ الشيء و لو كان بغير موافقة باقي الشركاء.
و لما ثبث - من قضية الحال – أن قضاة الموضوع اشترطوا على الطاعن الذي يملك في الشيوع المحل المتنازع عليه إثبات وكالة عن جميع الورثة لرفع دعوى ترمي إلى طرد المطعون ضدها فإنهم بذلك خرقوا القانون وعرضوا قرارهم للنقض.
و جاء في قرار المؤرخ في 19/11/97 ملف 15167
و لما كان الثابث في قضية الحال أن قضاة المجلس لما صادقوا على الحكم المستأنف القاضي بطرد الشاغل من المنزل محل النزاع بطلب من أحد الشركاء للمحافظة على المال المشترك فإنهم قد أصابوا في قرارهم خاصة و أن القانون لا يشترط في رفع الدعوى أن تكون من قبل كل الشركاء أو أغلبهم، و متى كان كذلك استوجب رفض الطعن.
الفرع 2 : إدارة المال الشائع المعتادة :
قد يصدر عن الشريك في المال الشائع أعمالا يومية لا تقتضي تغيرا أساسيا في المال أو تعديلا في الغرض الذي اعد له، كالزراعة، و استئجـار العمال و المواشي و بيع المحصول وقبض الثمن و تدعى هذه الأعمال بأعمال الإدارة المعتادة، و يقوم بتولي إدارة هذه الأعمال كمبدأ عام الشركاء مجتمعين لتماثل حقوقهم و لأن الغرض من إدارة المال الشائع هو الانتفاع بالمال و اقتسام الثمار، و يكون هذا النظام المختار من الجماعة ملزما للجميع، هذا ما استقرت عليه المادة 715 و 716 من ق.م.
إن انعدام وجود أغلبية الشركاء، تقتضي اتخاذ تدابير لازمة من طرف المحكمة بطلب من أحد الشركاء، كتعيين من يدير المال الشائع، و للأغلبية أن تختار مديرا، كما يسوغ لها أن تضع نظاما يخضع له خلفاء الشركاء جميعهم سواءا أن كانوا خلفا عاما أو خاصا.
و منه، أن أعمال الإدارة تتجسد في الحالات الثلاثة التالية :
1- تولي أحد الشركاء أعمال الإدارة دون اعتراض الباقين، يجعله مديرا اوكيلا عنهم وكالة عامة و أصيلا عن نفسه فتكون تلك الأعمال نافدة في حقهم جميعا.
و مثال ذلك قرار المحكمة العليا رقم 38418 المؤرخ في 07/12/1985 القاضي المال الشائع – إدارته من أحد الشركاء – عدم اعتراض باقي الشركاء – اعتباره وكيلا عنهم، المبدأ الشريك الذي يدير المال الشائع دون اعتراض باقي الشركاء يعد وكيلا عنهم و من ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون.
لما كان الثابت في قضية الحال – أن قضاة الاستئناف ألغوا الحكم المستأنف لديهم القاضي بفسخ عقد الإيجار و طرد المدعى عليه من المحل التجاري و من جديد قضوا بأن التنبيه غير مطابق للقانون و إبطال الدعوى لعدم مشاركة الــوالي في التنبيه و هو يعارض الدعوى، فإنهم بقضائهم كما فعلو أخطاؤا في تطبيق القانون.
و كذلك القرار رقم 97403 مؤرخ في 15/03/1992 (غير منشور).
من المقرر قانونا أنه في حالة الإيجار المبرم بين عدة شركاء في الملكية و بين المستأجر فإنه يكفي قانونا تبليغ أحدهم التنبيه بالإخلاء للمستأجر ليعتبر صحيحا.
و كذلك القرار .
من المقرر قانونا أنه إذا كان عقار ملكا في الشيوع، و أن أحد المالكين فقط رفض التجديد فعلى هذا الأخير أن يدفع كامل التعويض الإستحقاقي.
2- تولى أغلبية الشركاء الإدارة حتى لو كان شخصا واحد، لأن العبرة في هذا المال كما تم بيانه سابقا الأنصبة التي تكون ملزمة لأقلية، ما عدا في حالة تعسف هذه الأغلبية في استعمال حقها للمحافظة عليها دون مراعاة لمصالح الأقلية التي يحق لها المطالبة بالقسمة.
كما يستطيع أغلبية الشركاء أن يوكل مديرا فيكون نائبا في حدود الإدارة المعتادة، بحيث تكون أعماله نافدة في حق جميع الشركاء و قد تقيده بنظام معين.
3- عدم توافر الأغلبية لإدارة المال الشائع، أي وجود أراء مختلفة فلا يمكن تدليل هذه العقبة إلا بلجوء الشريك للقضاء المختص ، لاتخاذ التدابير الضرورية كندب أحد الشركاء، للقيام بعمل معين، أو توكل له مهمة أو سلطة الحارس القضائي.
و من هذا المنطلق فإنه ممنوع على الشريك القيام بعمل منفرد للانتفاع بشيء’ لما يلحقه من أضرار بحقوق باقي الشركاء الذين لهم الاعتــــراض على عمله المادي او القانوني، كقيامه بزرع أرض أو البناء عليها. و يحق لهم اختيار إبقائها مع الاشتراك معه بنفقاتها كل بقدر حصته، مما يتماشى مع مصلحتهم، و لا يمكن تطبيق في هذه الحالة حكم دفع قيمة المنشآت المستحقة للإزالة أو ما زاد في قيمة الأرض المقامة عليها المنشآت، لأنه يطبق في حالة البناء بملك الغير.
بالإضافة إلى ذلك لا يحق له إيجار الشيء منفردا و إلا كان غير نافذ في حق الشركاء رغم بقاء عقد الإيجار صحيحا و منتجا لكافة أثاره القانونيــة فيما بين الطرفين. و بتالي يتعلق محل الإيجار بنصيب الشريك في القسمة، فإذا وقع الجزء المؤجر في نصيب الشريك مؤجر أصبح الإيجار منتجا لأثاره أما إذا وقع نصيب الشريك المؤجر بنصيب يعادل الجزء المؤجر انتقل الإيجار إليه.
الفرع 3 : أعمال الإدارة غير معتادة :
أما عن أعمال الإدارة غير المعتادة فهي تلك الأعمال التي تتضمن تغييرات أساسية في الغرض الذي أعد له المال الشائع لتحسين الانتفاع به و لاستغلاله، فهي مناطة بالأغلبية كتحويل مطعم لمقهى أو تحويل سكن لفندق .
ذلك ما نصت عليه المادة 717 من ق.م بنصها " للشركاء الذين يملكون على الأقل ¾ المال الشائع أن يقرروا في تحسين الانتفاع بهـــذا المال التغيرات الأساسية و التعديل في الغرض الذي أعد له، فيما يخرج عن حدود الإدارة على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقي الشركاء و لمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان ".
إن الأغلبية التي تكلمت عنها المادة المذكورة ليس بأغلبية عادية، إذ اشترطت فيها أغلبية 3/4 المال الشائع حتى و لو كانت النسبة المذكورة حصة لشريك واحد، و هي أعمال تمس بلا شك بحقوق الأقلية لأنها لم تشارك في التعديل، لدا سمح التشريع للأقلية اللجوء و التظلم لدى المحكمة المختصة في غضون الشهريين التاليين من توصلها بالإعلان في شكل عريضة، و تراعي المحكمة حقوق كل طرف و تستمع لحججه و تقدر بمعيار الرجل العادي تصرف الأغلبية في نفس ظروفه، فإن كان سلوكا عاديا صادقت عليه، او وضعت تحفظات او شروط لضمان حقوق الأقلية كأمرها لإيداع كفالة شخصية أو عينية تضمن الوفاء بما قد يلحقها بضرر عند تطبيق قرار الأغلبية، أما إذا وجدت سلوكهم غير عاديا فتلغيه.
و يستشهد في هذا الإطار بقرار المحكمة العليا المؤرخ في 02/05/1990 تحت رقم 68880 للمجلة القضائية 95 العدد الثاني صفحة 184.
و لما ثبت في قضية الحال أن المتهم استولى دون رضا الطرف المدني على جزء من الأرض الموروثة و قام بالبناء فوقها ليحدث بذلك تغيرا في الملكية العقارية المشاعة بينهما فإن عناصر الجريمة مكتملة و إن قضاة المجلس قد طبقوا القانون تطبيقا سليما، و بقرار أخر ملف 92343 مؤرخ في 28/10/92 م.ق 92 العدد الأول 1994 لما ثبت من سندات القضية الحالية أن الوكيل عن المتدخلين في الخصام قام ببيع 3/4 العقار المشاع إلى المدعي عليهم دون إعلان هذا التصرف إلى باقي الشركاء كما يقتضيه القانون لذا فإن القرار المطعون فيه الذي أكد صحة البيع قد خرق القانون مما يستوجب النقض.
وبالقرار رقم 44808 مؤرخ في 23/03/1988 م ق 1990 العدد 3 صفحة 17، و لما كان الثابت في قضية الحال – أن مطعون ضده لم تكن له الأغلبية المنصوص عليها قانونا لإجبار شركائه في التغيير المرغوب بالبئر المشترك، فإن قضاة الموضوع بسماحهم للمطعون ضده تجهيز البئر المتنازع عليه بمضخة يستعملها لحاجياته الشخصية، فإنهم كما فعلوا خرقوا القانون.
المطلب 2 : التصرف في المال الشائع :
إن التصرفات التي تمس المال الشائع تختلف باختلاف مصادرها إلى تصرفات جماعية و تصرفات فردية.
الفرع 1 : التصرفات الجماعية :
و يكون التصرف جماعيا إذا أصدره جميع الشركاء أو أغلبيتهم.
أ – أعمال التصرف الصادرة من الشركاء المجتمعين :
إن السلطة التي يتمتع بها الشركاء في هذه الحالة هي مطلقة، و متنوعة فقد تنقل الملكية كلية أو بعضا منها أو تقرر حقا عينيا أصليا أو تبعيا، و تبقى هذه التصرفات نافدة حتى بعد انتهاء حالة الشيوع بالقسمة ، غير أن الإشكال في التصرف اللغير الناقل للملكية كتقرير حق الانتفاع أو الاستعمال أو الإرتفاق أو الرهن يطرح بعد وقوع القسمة و اختصاص كل شريك بجزء من الشيء، فما مصير هذا الحق الذي قرره الشركاء مجتمعون ؟
و لحل هذه الإشكالية ذهب رأي من الفقهاء إلى ما يسمى بمبدأ الأثر الرجعي للقسمة و زوال هذه الحقوق نتيجة هدا الأثر ، و الذي يعد حالة استثنائية لا يجوز القياس عليها لأنها تخص فقط الرهن الرسمي، و الرهن الحيازي، و يأخذ على هذا الرأي أن ولاية التصرف مطلقة و أنه ليس فيها مساس بحق شخص لم يشترك في إبرامه، ذلك أن الأثر الرجعي للقسمة لا يحمي إلا الشريك الذي اختص بجزء من الشيء الذي تعلقت به حقوق قررها الشركاء الآخرين، و بالتالي يكون الرهن الصادر من الجميع نافدا في حق الشريك الذي اختص بالعقار في القسمة، لا في حدود حقه و إنما بالنسبة لكل العقار
ب – أعمال التصرف الصادرة عن أغلبية الشركاء :
من الممكن أن يقرر الشركاء يملكون أغلبية 3/4 المال الشائع التصرف فيه باستنادهم على أسباب قوية تبرر تلك التصرفات كعقد الفرصة المواتية لبيع الشيء بثمن مرتفع، أو احتياج الانتفاع أو لتحسين أو ضمان قرض لازم، ذلك ما ذهبت إليه المادة 720 من ق.م حيث أوجبت هذه الأخيرة ضرورة إعلان الأغلبية للأقلية قرارها بعقد غير قضائي، هذه الأقلية التي يخول لها نص المادة المذكورة اللجوء إلى القضاء المختص خلال الشهرين التاليين من تاريخ الإعلان، و يفهم من خلال النص القانوني أن المشرع الجزائري قد وازن بين مصلحة الأغلبية في تقرير التصرف و مصلحة الأقلية في الاعتراض برفع دعوى ، يلتمس فيها القسمة أو إلغاء قرار الأغلبية و تكون الجهة القضائية ملزمة بالنظر في طلب القسمة أو إلغاء قرار الأغلبية بتمحيص الأسباب التي استندت إليها، إذا ما كانت جدية و قوية، كافية و مبررة.
و في حالة ما إذا طالبت الأقلية إلغاء القرار الصادر عن الأغلبية دون طلب القسمة، فهل ينظر القاضي في القسمة ؟ انقسم جمهور الفقهاء إلى رأيين مختلفين.
- رأي الأول : للسنهوري الذي أعطى السلطة للمحكمة المختصة بالنظر في إمكانية القسمة قبل التطرق إلى قرار الأغلبية على غرار الحالة الأولى.
- رأي الثاني : لإسماعيل غانم و عبد المنعم فرج و منصور مصطفى، الذي يقيد سلطة القاضي بالنظر في طلب الإلغاء .
و لقد أصدرت المحكمة العليا في هذا الإطار القرارات التالية :
قرار المؤرخ في 28/10/92 ملف 92343 بالمجلة القضائية لسنة 1994 العدد الأول صفحة 38.
الملكية الشائعة – شرط إعلان لباقي الشركاء تأكيد البيع – خرق القانون
و لما تبين من مستندات القضية الحالية – أن الوكيل عن المتدخلين في الخصام قام ببيع ثلاثة أرباع العقار المشاع إلى المدعي عليهم دون إعلان هذا التصرف إلى باقي الشركاء كما يقتضيه لذا فإن القرار المطعون فيه الذي أكد صحة البيع قد خرق القانون و يستوجب النقض.
و بقرار آخر مؤرخ في 13/10/1990 ملف 62092 المجلة القضائية 91 العدد الأول ص 139.
ملكية شائعة بيع أحد الشركاء نصيبه، إبلاغ الشركاء – مخالفة القانون – نقض متى كان من المقرر أن للطرف الذي يمتلك أغلبية في المال المشاع أن يتصرف في نصيبه مع وجوب إبلاغ بقية الشركاء بمقرر نقل الملكية يعد مشوبا بعيب خرق القانون، متى كان كذلك استوجب إبطال عقد البيع المطعون فيه.
الفرع 2 : التصرف الفــردي :
I- تصرف الشريك في الحق الشائع :
للشريك حق التصرف في حقه دون الاعتداء على حقوق باقي الشركاء طبقا للمادة 714 ق م فله بيعها أو رهنها أو هبتها، دون المساس بالشيء الشائع كترتيب حق ارتفاق
أ-1 – فإذا كان التصرف ناقلا للملكية كالبيع فهذا التصرف يزيل حالة الشيوع و لتوخي الإضرار بباقي الشركاء، إذا بيع العقار للأجنبي، يخول القانون حق ممارسة الشفعة إذا كان المبيع عقارا و حق ممارسة الاسترداد إذا كان المبيع منقولا، مع مراعاة إجراء التوثيق و الشهر لدى مصالح الحفظ العقاري إذا كان المبيع عقارا، و نشير إلى أن الفقه الإسلامي لا يفرق بين عقار و منقول، ففي كلتا الحالتين للشركاء حق الشفعة
فإذا أشهر المتصرف إليـه حقه قبل شهر القسمة، فإنه لا يحتج بالقسمة المذكورة عليه، و له طلب قسمة جديــدة، أما إذا كان التصرف لشريك بعد شهر القسمة و تسجيلها سرت عليه بمجرد تعاقده و أصبح شريكا في الشيوع.
و من قرارات المحكمة العليا في هذا الشأن :
قرار المؤرخ في 08/04/1987 ملف 39496 .
ملكية شائعة تصرف شريك في حقه دون إلحاق ضرر بباقي الشركاء – إبطال البيع – خرق القانون.
من المقرر قانونا أن الشريك في الشيوع له أن يتصرف في حصته دون إلحاق ضرر بباقي الشركاء و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
لما كان الثابت – في قضية الحال – أن المطعون ضدها لم يلحقها ضرر من البيع و لم تنجز القسمة لتحديد ما إذا أوقع الجزء المبيع في حصتها، فإن قضاة الموضوع بإبطالهم البيع و طرد المشتري و تعويض المدعي عليها خرقوا القانون.
و متى كان كذلك تعين نقض القرار
و بالقرار المؤرخ في 29/10/1990 ملف 63765
و لما كان من الثابت – في قضية الحال – أن قضاة الموضوع بإبطالهم عقد بيع قطعة أرض التي الت إلى الطاعن عن طريق الإرث على أساس أنه ليس له الحق في بيع ملك في الشيوع، أخطاؤا في تطبيق القانون.
و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه
وبالقرار رقم 186043 المؤرخ في 24/3/1999
ملكية شائعة – إبطال تصرف أحد الشركاء – عدم وجود ضرر- انعدام المصلحة، حيث أنه تبين لما سبق أن قضاة المجلس لاحظوا أن الطاعنين لم يثبتوا أن مصالحهم قد مست من جراء تصرف أحد الشركـاء فـي الشيـوع فـي منابـه وعليـه قضـــوا – على حق – برفض طلب الطاعنين الرامي إلى إبطال هذا التصرف وهذا طبق لأحكام المادة 714 قانون مدني.
ب- الهبة : تعرف الهبة على أنها عقد يتم بتطابق إيجاب و قبول دون اشتراط القبض، و هو عمل من أعمال التصرف، و اشترط المشرع الجزائري أن يكون القبول مبررا و تبليغ الموهوب له حصته من المال الشائع. بحالتها عند إبرام عقد الهبة، مما يجعله يصبح شريكا و خلفا خاصا للواهب، كما يحل محله في الثلث الشائع و يصير مالكا في الشيوع.
ج- الحق العيني: يجوز للشريك ترتيب حق عيني على المال الشائع، وهو حق يستفيد منه مالك لمنفعة من مباشرة الانتفاع بملك الغير، ويكون في العقار والمنقول، كما يصبح المنتفع شريكا مع باقي الشركاء خلال المدة المقررة لانتفاعه، فيعتد برأيه دون رأي المالك، تبعا لذلك يقوم باستغلال الإدارة المعتادة، أما المالك فيتولى أعمال الإدارة بالأغلبية وله التصرف وطلب القسمة، إذ أنه و بعد إنجازها ينتقل حق الانتفاع إلى الجزء المفرز.
ويجوز للشريك توقيع حق عيني تبعي على ملكه سواء كان رهنا رسميا (على عقار) ورهنا حيازيا (على منقول) أو حق اختصاص أو امتياز.
فإذا بقي الشيوع لحين حلول أجل الدين المضمون بأحد الحقوق العينية التبعية بيعت الحصة المرهونة جبرا على صاحبها، و يحل الراسي عليه المزاد محل الشريك صاحب الحصة، علما أنه لا يوجد نص يمنع التنفيذ على الحصة الشائعة بعد إفرازها وجوبا لذلك.
وبعد القسمة إذا حل أجل الدين انتقل الرهن بحلوله عينيا على نصيب الشريك الراهن فينتقل الرهن رسميا إليها.
- وتجدرالإشارة إلي أنه في حالة تصرف شريك في عقار أو منقول الشائع، كان لباقي الشركاء حق استرداد المنقول والشفعة في العقار، وهذا سنتناوله في النقاط التالية :
أ- الاستــرداد في المنقــول :
لقد منح المشرع لباقي الشركاء حق الحلول محل المشتري الأجنبي التصرف في ذلك باعتراضهم إذا كان المتصرف شريكا، و ذلك في البيع فقط، وهذا ما ورد بالمادة 721 من القانون المدني التي جعلت الاسترداد في الحصة الشائعة المنقولة أو المالية وذلك سببه أن دخول الأجنبي قد يحمل مضرة للشركاء في البيع بالتراضي، أما البيع بالمزاد العلني فهو قرينه على ارتضاء مشاركته بدخوله المزاد. والاسترداد حق للشريك وخلفه المشتاع وقت بيع شريك أخر لحصته.
- شــــروطه:
أ- أن يقع البيع لحصة الشائعة منقولة كانت أو مجموع من المال .
ب- أن يكون البيع ناقل لملكية الحصة الشائعة و ان كانت مجموعا من المال وأن يتم البيع بالممارسة .
ج- أن يكون طالب الاسترداد شريكا.
د- أن يتم البيع إلى أجنبي عن الشركاء.
إجـــراءاتــه :
يتم طلب الاسترداد خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلان البيع أو علم المسترد به، ولم يشترط المشرع شكلا للإعلان، ولكن يجب أن يتم الاسترداد قبل القسمة و ذلك بواسطة تصريح يبلغه لكل من البائع والمشتري، يتضمن استعداده لدفع الثمن والمصاريف.
فإذا قبل البائع والمشتري بالاسترداد، تعين على من في حوزته المنقول منهما تسليمه للمسترد مقابل دفعه للثمن والمصاريف ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته بأثر رجعي .
أما في حالة الرفض للمسترد حق اللجوء للقضاء قصد الاسترداد.
وإذا لم يدفع للبائع أو المشتري حسب استحقاق الثمن والتكاليف أو تأخر في ذلك، جاز لاحدهما طلب من القضاء اعتبار الاسترداد كأن لم يكن
في حالة حصول الاسترداد لا يحتاج المسترد لعقد جديد يحل شخصيا محل المشتري، و حينها تنقضي العلاقة بينهما، كما لا يطالب أحدهما الأخر بشيء من الالتزامات فلا ينفد أي تصرف أجراه المشتري على الحصة الشائعة التي اشتراها إلا إذا كان حسن النية .
و من الأثار التي تترتب على الاسترداد المنصب على المنقول، أن تؤول الحصة للمسترد خالصة من كل حقوق الرهن و الانتفاع، و يلتزم البائع بضمان عدم التعرض و الاستحقاق و نقل الملكية من وقت إبرام عقد البيع كما يخول القانون للمسترد في الحالة التي لم يسدد فيها المشتري الثمن الاستفادة من أحكام عقد البيع الأول سواء من خلال تقسيط الثمن و منح أجل خلافا لحالة الشريك الشفيع الذي لا يستفيد من الحقوق المقررة سابقا.
و لقد صدر قرار غريب من المحكمة العليا يقضي باسترداد العقار وليس بالشفعة وهو القرار رقم 179321 المؤرخ في 25/3/98 القاضي في منطوقه :
ولما ثبت في قضية الحال أن قضاة المجلس قضوا برفض دعوى حق الاسترداد على العقار الشائع إذا بيع إلى أجنبي بدعوى انه كان من المفروض على المدعين في الطعن أن يتبعوا إجراءات الشفعة، فإنهم يكونون قد خرفوا نص المادة 721 من القانون المدني التي تعطى الورثة حق في الاسترداد ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه.
ب- الشفعة في العقــار:
مفهوم حق الشفعة و شروطها :
يطلق اصطلاح الشفعة على حق تمليك العقار المبيع كله أو بعضه و لو جبرا على المشتري بما قام عليه من الثمن أو المؤن و يشترط القانون في الشفعة عدة شروط و هي :
1- بيع العقار : يعتبر القانون أن لا وجود للشفعة إلا بوجود عقد بمقابل مالي معلوم، فلا بد من وجود تصرف قانوني ملزم لجانبين باستثناء بيوع حددها المشرع حصريا بالمادة 798 من ق.م، و هي( البيع بالمزاد العلني، البيع بين الأصول و الفروع، أو بين الزوجين، أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة و بين الأصهار لغاية الدرجة الثانيةاو ادا خصص المبيع كمحلا للعبادة أو ملحقا بها).
2- وجود شفيع : إن المادة 795 في فقرتها الثانية جعلت الشريك في الشيوع في المرتبة الثانية بعد مالك الرقبة ادا بيع جزء من العقارالمشتاع للاجنبي وفي حالة تعدد الشفعاء من طبقة واحدة طبقا للمادة 796 من ق.م استحق كل واحد منهم الشفعة بقدر نصيبه.
إذا توافرت شروط الشفعة في المشتري فبمقتضى المادة 795 يفضل على الشفعاء الأدنى منه طبقة و يتقدمه الذين هم من طبقة أعلى.
و إذا تزاحم الشفعاء بين الطبقات المختلفة فيكون حق الشفعة حسب ترتيب المادة 795 من ق.م فالترتيب يحدد مرتبة الشفيع في هذا الصدد، فاذا أوجد بالطبقة شريك في الملكية الشائعة و شريك في الانتفاع، و باع أحدهم حصة و طلب لشفعة شريك في الملكية و شريك في الانتفاع، فهنا يتقدم الشريك المشتاع في الرقبة على صاحب الحق في الانتفاع.
أما إذا تزاحم الشركاء في الشيوع من أصحاب الملكية أو أصحاب الانتفاع فهنا استحقاق الشفعة لكل منهم بقدر نصيبه، أي أنه تقسم بينهم قسمة تناسبية لحصصهم.
إجـــراءاتها :
أخضع المشرع حق الشفعة لعدة إجراءات نلخصها كالتالي :
1- إعلان الشفيع لرغبته إلى البائع و المشتري في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإنذار الذي يوجهه إليه البائع و المشتري و إلا سقط حقه، و يضاف إلى ذلك بعد المسافة إن اقتضى الأمر طبقا لما ذهبت إليه المادة 799 ق.م، و معنى ذلك كأن يوجه البائع و المشتري للشفيع أو ممثله إنذارا لطلب رأيه إن كان يريد الشفعة بالعقار و ذلك قصد استنفاذ الميعاد القانوني و إسقاط حقه في الشفعة و يشمل الإنذار البيانات التالية و إلا كان باطلا :
- بيان العقار الجائز أخده بالشفعة بيانا كافيا.
- بيــان الثمن و المصاريــف الرسمية و شروط البيـع و اسم كل من البائع و المشتري و لقبه و مهنته و موطنه و الأجل المقدر بثلاثون يوما للإعلان المنصوص عليه بالمادة 799.
كما يكون عدد إنذارات بعدد الشفعاء، و في حالة انعدام الإنذار، فإن الشفيع له الحق في الإعلان عن حقه في الشفعة خلال سنة من شهر عقد البيع.
و بمجرد توصل الشفيع بالإنذار، أو بعلمه بشهر عقد البيع كما ذكرنا فإنه على الشفيع الإعلان عن رغبته في شكل محرر رسمي تحت طائلة البطلان و لا يكون دي أثر للغير إلا من يوم شهر المحرر، (ملف 76678 قرار مؤرخ في 24/12/91 الشفعة – يشترط لصحتها – تسجيل الطلب و إشهاده و كان من الثابت في قضية الحال – أن قضاة الموضوع برفضهم دعوى الشفعة المقامة من الطاعنين لعدم احترام إجراءات الشفعة، طبقوا صحيحا القانون و متى كذلك استوجب الرفض أنظر الملف)
و من المقرر قانونا أن تبليغ هذا الإعلان لا يكون صحيحا إلا إذا لم يتم لأحد الأشخاص المذكورين بنص المادة 23 من ق.إ.م، و لما كان كذلك فإن النعي على القرار المطعون فيه بما يثيره الطاعن تأسيسا على خرق المادة 23 المشار إليها أعلاه، في غير محله.
و كذلك الملف رقم 190693 المؤرخ في 27/10/99
و لما ثبت في قضية الحال أن الطاعنة صرحت برغبتها في الشفعة بعقد رسمي ثم أعلمته عن طريق المحضر في 16/12/95 ثم رفعت دعوى الشفعة في 25/12/95،
و عليه فإن حقها في الشفعة لم يسقط، و لما أقر قضاة الموضوع عكس ذلك أخطاؤا في تطبيق القانون.
أما الحالة الثانية فهي رفع دعوى خلال نفس الآجل شريطة إيــداع ثمن المبيع و المصاريف بيد الموثق قبل رفعها طبقا ل م 801 ق م لصحة الرفع و لا يشترط في هذه الحالة إنذاره و إنما بمجرد علمه.
أما في حالة عدم إنذاره رسميا و إشهار البيع فله إعلان رغبته خلال أجل سنة من وقت شهر البيع، أما إذا لم ينذر و لم يشهر البيع له 15 سنة بالتقادم من تاريخ إتمام البيع.
كما أن الشفعة في عقار مشاع لا تخضع لإجراءات المرسوم 76-63 لاسيما في مادته 85 المتعلق بتأسيس السجل العقاري وهذا ما أشار إليه القرار رقم 194437 المؤرخ في 26/04/2000 .
و لما تبين من القرار المطعون فيه الذي رفض دعوى الطاعنة المتعلقة بإثبات حقها في الشفعة شكلا لأنها لم تشهر دعواها طبقا للمادة 85 من المرسوم المشار إليه أعلاه، فإن قضاة الموضوع أخطاؤا في تطبيق القانون لأن أحكام هذه المادة تخضع الدعاوى القضائية الرامية إلى إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم شهرها على مستوى الحفظ العقاري و الحال أن دعوى الطاعنة تتعلق بالأخذ بالشفعة في بيع العقار المشاع بينها و من أختها، تخضع لأحكام القانون المدني مما يعرض القرار المطعون فيه لنقض.
و الشفعة تدخل ضمن أعمال التصرف، و بالتالي يتطلب في الشفيـع الأهلية لرفع الدعوى ضد المشتري و البائع،و أن يكون أطرافها الثلاثة أمام جميع درجات التقاضي و إلا قضت المحكمة بعدم قبولها و تثبت الشفعة بالتراضي أو بحكم نهائي ينقل حق ملكية منذ صدوره لشفيع مما يتولد عنه :
1) علاقة الشفيع بالبائع و ذلك بحلول الشفيع محل المشتري في جميع الحقوق و الالتزامات ملتزما بنقل ملكية البيع بعد شهره الحكم مثلا و يسلم العقار بالحالة التي كان عليها وقت البيع و بالمبلغ المحدد في العقد للشفيع و يضمن له الاستحقاق.
2) علاقة المشتري بالشفيع : الشفيع له تملك الثمار قبل صدور الحكم بالشفعة.
أما فيما يخص البناء او الغرس قبل إعلان الرغبة في الشفعة، فإذا بني المشتري قبل إعلان رغبته في الشفعة، كان الشفيع ملزما بخيار المشتري بين دفع نفقاته أو مقدارا ما زاد في قيمة العقار، أما إذا حصل البناء أو الغرس بعد إعلان الرغبة من الشفيع طلب الإزالة أو استبقاء البناء أو الغرس مقابل دفع قيمة أدوات و أجـــرة العمل و نفقات الغرس.
إن حقوق العينية المترتبة قبل شهر الشفيع إعلان الرغبة تكون سارية في حقه، أما التصرفات التي تصدر بعد شهره لرغبة فلا تسري في حقه و له مثلا الخيار بين أن يشفع في عقد بيع من البائع و المشتري أو العقد الذي بين المشتري (1) و المشتري (2) تبعا لمصلحته.
II – تصرف الشريك في الجزء المفرز.
إن تصرف الشريك في جزء المفرز من المال الشائع بمقدار لا تتجاوز حصته يعتبر تصرف في ملكه و في غير ملكه لأنه لا يملك حصص شركائه و إنما يملك حصة شائعة في هذا الجزء، أما الفقه الإسلامي أوقف التصرف على إذن باقي الشركاء فيما تجاوز حصته إذا وقع الجزء المتصرف فيه بغير نصيبه و إلا كان التصرف باطلا.
أما القانون المدني فلقد اعتبر هذا التصرف غير نافذ في حق الشركاء بينما له حكم خاص فيما بين المتصرف و المتصرف إليه .
أ – عدم نفاد تصرف الشريك في الجزء المفرز في حق باقي الشركاء :
يجوز لشريك تصرف في جزء غير مفرز رغم أن المتصرف لا يملك إفراز الجزء المتصرف فيه، إلا أن تصرفه في جزء مفرز دون ، رضا باقي الشركاء لا يكــون ساريا في حقهم ممـا يمكنهم من رفع دعـــوى الاستحقاق على المتصرف و المتصرف إليه دون انتظار نتائج القسمة و لا يعتبر بأي حال المتصرف إليه شريكا في الشيوع.
و في هذا السياق نصت المادة 714 في فقرتها الثانية "إذا كان التصرف منصبا على جزء مفرز من المال الشائع و لم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة.
و للمتصرف إليه الحق في إبطال التصرف إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة"
و يستخلص من النص المذكور أن هناك حالتين الآتيتين :
الحالة الأولى : إذا علم المشتري بأن البائع يملك المبيع شائعا : ليس له طلب إبطال فهو مرتضى لما سترتكز عليه حصة البائع الشائعة و المادة لم تتناول حكم التصرف قبل القسمة. لذا يتعين تطبيق القواعد العامة، فلا يصح اعتبار الشريك مالكا إلا لحصته الشائعة و لا يصح اعتباره غير مالك. فهو تصـرف فيما يملك و فيمـا لا يملك و بتالي للمشتري إبطال فيما لا يملكه الشريك’ كما لا يجوز له تثبيت ملكية ما اشتراه قبل القسمة و لو كان العقد مسجلا.
1- فإذا تمت القسمة و وقع الجزء المتصرف فيه في نصيب المتصرف لكون المتصرف إليه مالكا منذ وقت التصرف بالأثر الكاشف.
2- أما إذا لم يقع الجزء المتصرف فيه بنصيب المتصرف آل نصيب الشريك البائع بالحلول العيني للمشتري، لكن إذا كان ماآل إليه مال غير المال الشائع هنا للمشتري حق الفسخ أو الابطال لصدور تصرف من غير مالك إلا إذا كان التصرف رهنا .
الحالة الثانية : أما إذا كان المشتري يعتقد أن الشريك البائع يملك هذا الجزء مفرزا لا شائعا يعتبر واقعا في غلط في صفة الجوهرية في الشيء فيكون له حق إبطال دون انتظار القسمة. أما إذا لحقت عليه القسمة فيكون له الحق في الإبطال إذا وقع الجزء المتصرف فيه في غير نصيب المتصرف أما إذا وقع في نصيبه فلا يكون له حق التمسك بالإبطال بوجه يتعارض مع حسن النية.
الحالة الثالثة : تصرف الشريك في المال الشائع كله :
و يقصد به تصرف الشريك في ما زاد عن حصته إلا أن هذا النوع من التصرف غير نافد و غير ناجز إلا في حدود حصته الشريك، و بحصول هذا الأمر يصبح المشتري شريكا في الشيوع و للشريك حق إبطال التصرف إذا وقع في غلط باعتقاده بالملكية البائع.
و للمتصرف إليه إبطال العقد باعتبار تصرف المالك في الشيوع فيما تجاوز حصته تصرفا في ملك الغير.
أما إذا كان المشتري عالما بأن البائع شريك في الشيوع’ فهنا له حق المطالبة بفسخ البيع خلافا لما توجه اليه الفقه الإسلامي إليه، الذي اشترط لصحة التصرف إجازة باقي الشركاء، فإنهم يعتبرون من الغير في التصرف الذي يصدر من الشريك في كل المال و على الشركاء الاتفاق مع المشتري على طريقة الانتفاع قبل القسمة و له أيضا خيار طلب القسمة و حينئذ يرجع المشتري على البائع بدعوى الاستحقاق الجزئي بقدر حصص الشركاء الباقين