قال عليه الصّلاة والسّلام: ''يا أيّها النّاس إنّ هذه الدّنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمَن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشدّة. ألاَ وإنّ الله تعالى خلق الدّنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى، فجعل بلوى الدّنيا لثواب الآخرة سببًا وثواب الآخرة من بلوى الدّنيا عوضًا، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي، فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة فطامها، واهجروا لذيذ عاجلها لكريه آجلها'' أخرجه الديلمي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
اعلم يا أخي أنّ الله ما قتر عليك في الرزق لهوانك عليه بل لكرامتك عنده، وما ضيّـق عليك في المعيشة إلاّ ليخفّف عنك الحساب، ثمّ يُلحقك بالسّابقين الأوّلين، والفقر نعمة إلهية أنعم بها على عبده، ولا تظنن أنّي أقصد بالفقر الضعف والعجز وقلّة المال، فإنّ هذا مكروه في الإسلام، حيث إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم استعاذ من الفقر كما كان يستعيذ من الشّيطان، وإنّما الفقر نوعان: فقر ناشئ عن الكسل وحبّ البطالة وحبّ الرّاحة والفراغ واللّهو وهذا الفقر مردود في الإسلام. وفقر مكتوب في التّقدير، وهو الّذي يقوم صاحبه بالعمل ويسعى بالجدّ والاجتهاد ويعرق من أجل الأولاد ويبذل الجهد لتأمين المعيشة وستر الحال، لكن الله قَدَرَ عليه رزقَه فهذا الّذي يدخل الجنّة قبل الأغنياء بخمس مائة سنة بغير حساب، بل يجعله الله شافعًا مُشَفَّعًا لكلّ مَن أسدى إليه معروفًا ولو شقّ تمرة أو شربة ماء، فهو يقف يوم القيامة موقف الشّهداء والصّالحين.ئ؟
الشيخ رجب ديب