لما جاوزت إبنتي التاسعة، ومشت في طريق العاشرة، فكرت وطلبت العون من الله فقلت لأمها اذهبي واشتري لها خماراً غالياً نفيساً..
وكان الخمار العادي يباع ب 200 دج ، وإن ارتفع ف300 دج، فقالت: إنها صغيرة، تسخر منها رفيقاتها إن غطت شعرها، ويهزأن منها.
قلت: لقد قدرت هذا وفكرت فيه، فاشتري لها أغلى خمار تجدينه في السوق مهما بلغ ثمنه، فكلمتني في الهاتف من السوق، وقالت: لقد وجدت خماراً نفيساً جداً من الحرير الخالص، ولكن ثمنه 5000 دج، وكان هذا المبلغ يعد يومئذ أكثر من ثلث راتبي في الشهر كله، فقلت لها: اشتريه، فتعجبت، وحاولت أن تثنيني عن شرائه، فأصررت، فلما جاءت به ولبسته البنت، وذهبت به إلى المدرسة، كان إعجاب التلميذات به أكثر من إعجابهن منها بارتدائه، وجعلن يثنين عليه، وقد حسدها أكثرهن على امتلاكه، فاقترن اتخاذها الحجاب وهي صغيرة بهذا الإعجاب، وهذا الذي رأته من الرفيقات، وذهب بعضن في اليوم التالي، واشترين ما يقدرن عليه من أمثاله.
إن ابنتي بدأت اتخاذ الحجاب وهي فخورة به، محبة له، لم تكره عليه، ولم تلبسه جبراً، وإذا كان العامة يقولون: «الشيء الغالي ثمنه فيه» فإن هذا الخمار بقي على بهائه وعلى جودته حتى لبسه بعدها بعض أخواتها، وهو لا يزال جديداً، فنشأن جميعاً بحمد الله متمسكات بالحجاب تمسك اقتناع به وحرص عليه.