رمضان آتٍ.. فماذا أعددتَ له؟
ماذا أعددتَ لرمضان؟! سؤال يتبادر لذهن كلّ مسلم قبل حلول شهر رمضان المبارك علَّهُ يجد إجابة صادقة في الالتزام بأحكام وفضائل الشهر الفضيل، قبل أن يمضي هذا كما مضى سابقه وهو يتخبّط في المعاصي والذنوب وتفويت الصّلوات وارتكاب الكبائر ومعصية المولى عزّ وجلّ سرًّا وعلانية!! ها هي الأيّام تبعث بالبُشرى بقدوم شهر رمضان المبارك، لتقول للعباد: أتَاكُم شهر الرّحمة والغفران فماذا أعددتم له؟! وها هو نبيّ الرّحمة سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يزفّها بُشرى إلهية: “أتاكُم رمضان شهر مبارك فرض اللّه عزّ وجلّ عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السّماء، وتغلَق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلّ فيه مردة الشياطين، للّه فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حَرُم خيرها فقد حرم”، رواه النسائي والبيهقي.
هل علِمتَ أنّ الصّالحين كانوا يدعون اللّه تعالى ستة أشهر كاملة ليُبلِّغهم شهر رمضان، قال معلى بن الفضل رحمه اللّه: “كانوا يدعون اللّه ستة أشهر أن يبلّغهم رمضان، ثمّ يدعون ستة أشهر أن يتقبّل منهم”. وقال يحيى بن أبي كثير رحمه اللّه: “كان من دعائهم: اللّهمّ سلّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلّمه منّي متقبّلاً”.
فلا تجعل أيّام رمضان كأيّامك العادية، بل اجعلها غرّة بيضاء في جبين أيّام عمرك، قال جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما: “إذا صُمتَ فليَصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودَع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء”.
هل أعددتَ نيّة وعزمًا صادقًا بين يدي صومك؟! وإنّ أصدق عزم وإخلاص تعدّه لصومك هو عزمك على فعل الطاعات، واستقبال الشهر الكريم بالتّوبة النّصوح.
هل ستلتزم بصلاتك وتحافظ عليها مع الجماعة؟ وهل ستمشي في ظلام اللّيل لتُصلّي صلاة الفجر في المسجد؟ وهل ستكسب حسنة في كلّ خطوة تخطوها قدمك إلى المسجد أم أنّك ستفضّل البقاء على السرير نائمًا أو أمام شاشات التلفزيون متسمرًا تشاهد ما تعف الأنفس الطاهرة مشاهدته.
هل ستقرأ القرآن كاملاً طوال أيّام الشّهر؟ أم تريد أن تكون ممّن هجروا القرآن واستبدلوه بالأغاني والأفلام؟ أم ربّما تقرأ في أوّل يومين أو ثلاثة وبعدها لا يبقى عندك وقت للقراءة؟
هل ستتصدّق على الفقراء والمساكين الّذين يطرقون أبواب بيتك وبيوت اللّه سبحانه وتعالى، أم أنّك ستطردهم لأنّهم مجموعة من الدجالين الّذين يحتالون على النّاس؟
هل حاسبتَ نفسك قُبيل حلول شهر القرآن؟ ولا أظُنُّك نسيتَ أن تعد ميزانية شهر رمضان للأكل والشرب، ولكن أظُنُّ أنّك نسيتَ إعداد ميزانية التوبة والاستغفار والدعاء والعمل الصالح.
فحاسب نفسك بين يدي صومك، ليصفو لك صومك، قال الحسن البصري رحمة اللّه: “إنّ العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته”.
وأخيرًا هل أعددتَ نفسَك لتكون من المعتوقين من النّار؟ وهي الغاية الّتي من أجلها صام الصائمون وتنافس عليها المؤمنون. لأنّ السعيد مَن خرج من صومه مغفورًا له. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “للّه عند كلّ فطر عتقاء” رواه أحمد والطبراني، وكان ابن مسعود رضي اللّه عنه إذا انقضى رمضان يقول: “مَن هذا المقبول منّا فَنُهَنِّيهِ؟ ومَن المحروم منّا فَنُعَزِّيهِ”.
فاحرص على التّعرّض لنفحات شهر الرّحمات، عسى اللّه تعالى أن يجعل عاقبتك على خير، قال صلّى اللّه عليه وسلّم: “افعلوا الخير دهركم وتعرّضوا لنفحات رحمة اللّه، فإنّ للّه نفحات من رحمته يُصيب بها مَن يشاء من عباده، وسَلُوا اللّه أن يستُر عوراتكم، وأن يؤمّن روعاتكم”، رواه الطبراني.