عاني بعض الناس مما نسميه علامات مرض القلق المزمن، حيث يتميز هؤلاء الأشخاص أنهم يعانون من نشاط زائد في التفكير فانهم في حالة من الفكر والنشاط المستمر بل انه أحيانا يتمنى أحدهم لو أنه يستطيع التوقف عن التفكير ولو لفترة بسيطة حيث يشعر أنه ينتقل في الأفكار من موضوع إلى موضوع والشيء الأسوأ الذي يزعجه انه دائما يكتشف أنه يتبنى دائما الاحتمال الأسوأ في كل ما يفكر فيه بمعنى أنه لا يرى إلا النصف الفارغ من الكوب كما يتميز هؤلاء الأشخاص بسهولة الانفعال والاستثارة من أقل الأشياء بل انهم قد يصدر عنهم انفعالات شديدة ومبالغ فيها قد تفقدهم بعض علاقاتهم مع الآخرين بسبب هذه الانفعالات الزائدة.
ويتميز هؤلاء أيضا بضعف التركيز والانتباه كما أنهم يعانوا أحيانا من ضعف في تذكر الأمور التي مرت بهم من فترة قصيرة وهذا يسبب لهم إزعاجا شديدا.
وغالبا ما يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى استخدام وسائل علاجية نفسية كثيرة ومتعددة قد تشمل الأدوية مثل مضادات القلق أو وسائل الاسترخاء المتدرجة أو العلاج النفسي المعرفي للتحكم في مثل هذه الانفعالات أو غيرها، بينما يغفل البعض منهم عن أن فترة شهر رمضان بأيامه الثلاثين هي من أخصب الفترات التي يستطيع هؤلاء الناس إذا أحسنوا فيها الاستفادة من خبرة الصوم أن يتحكموا في مثل هذه الانفعالات العصبية الشديدة والقلق المزمن.
إن الإنسان المسلم إذا بدأ شهر رمضان الكريم بنية صادقة أنه سوف ينحي اهتمامات الدنيا الخاصة بالبشر جانبا وسوف يوجه عقله وذهنه إلى الله سبحانه وتعالى فانه بذلك سوف يرى أن أمور وأفعال البشر التي تصدر منهم لا تساوي كل هذا العناء والانفعالات التي كان يشعر بها.
إن انفعالات الإنسان دائما ما تكون مساوية لتقييمه لأهمية الحدث وبذلك فإذا استطاع أن يوازن بين قيمة الفعل وبين رؤيته الجديدة لإخوانه من البشر وبدرجة التسامح التي علمنا الله ورسوله حيث قال الرسول الكريم ما معناه أن المسلم إذا أراد أن يغضب من أخيه المسلم فعليه أن يجد له سبعين عذرا قبل أن يغضب منه.
إذا استطاع المؤمن الصائم حقا في رمضان أن يشعر أن كل عمل يقوم به هو لوجه الله سبحانه وتعالى فانه سوف يشعر بالاستحياء بأن يقوم بعمل خاطئ أو عنيف تجاه أي إنسان اخر.
إن من يعيش رمضان ويمارس فيه العبادات بقلب خاشع وأمل في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى فإنه كمن دخل إلى المكان المعد للصيانة الكاملة له ولنفسه وجسده وعقله بحيث انه في نهاية الشهر الكريم يعود مرة ثانية وهو مغفور له وهو في حالة من تمام الصحة النفسية والعقلية ليستعين بها على قضاء باقي العام على خير ما يكون العمل والأداء.