شرع الله الصوم لغاية عظيمة ، هي تحصيل تقوى الله جل وعلا ، وتزكية
النفوس ، وتهذيب الأخلاق ، فليست الغاية من الصوم ادخال الضرر أو
المشقة على العباد ، وكلما كان الصوم موافقا للأحكام الشرعية والآداب
المرعية كلما كان أكثر ثمرة وأعظم أجرا ، ومع الأسف الشديد فان بعض
الصائمين لا يلتزمون هذه الأحكام والآداب فتصدر منهم الأخطاء والمخالفات
التي تؤثر على صومهم أو تنقص أجره وثوابه ، وهناك بعض الأخطاء الشائعة
التي ينبغي للصائم التنبه لها والحذر منها :
1- فمن الأخطاء عدم ادراك البعض لفضائل هذا الشهر الكريم، فيستقبلونه كغيره
من شهور العام ، وقصارى اهتمام بعضهم به أن يستقبله بشراء الأطعمة
والمشروبات بدلا من الاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين.
2- ومن الأخطاء - التي لا تصدر الا ممن ضعف ايمانه - التأفف من دخول
شهر رمضان ، وتمني ذهابه وسرعة زواله ، وذلك لما يشعر به من ثقل الطاعة
على نفسه والحد من شهواتها ، فلا يستشعر معنى التعبد وحلاوة الطاعة ، وربما
صام مجاراة للناس وتقليدا وتبعية ، فيكون بذلك قد حرم نفسه الاستفادة المثلى من
هذا الشهر الكريم .
1. ومن الأخطاء عدم التفقه في أحكام الصيام وعدم السؤال عنها ، فان صوم
رمضان فريضة وعبادة يجب على المسلم أن يعرف كيف يؤديها على الوجه
الصحيح المقبول ، فيعرف الأركان والواجبات والسنن والمكروهات والمفطرات .
2. ومن أخطاء الصائمين عدم تجنب المعاصي أثناء صيامهم ، فتجد الصائم
يتحرز من المفطرات الحسية كالأكل والشرب والجماع لكنه لا يتحرز من الغيبة
والنميمة واللعن والسباب والنظر الى المحرمات ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم
-: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و
شرابه ) .
3. من الأخطاء ترك بعض السنن ظنا منه عدم شرعيتها حال الصيام ، كمن
يترك المضمضة والاستنشاق خوفا من وصول الماء الى حلقه ، مع أن المنهي
عنه انما هو المبالغة التي يخشى معها وصول الماء الى الجوف فعن لقيط بن
صبرة رضي الله عنه قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أسبغ الوضوء
وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق الا أن تكون صائما ) ، ومثله ترك
السواك بعد الزوال تحرجا من الاثم ، مع أن الصحيح أن السواك مشروع
للصائم قبل الزوال وبعده .
4. ومن هذا القبيل تحرج البعض من بلع الريق في نهار رمضان لظنه أنه اذا
بلع بصاقه فقد فسد صومه ، وهذا ليس بصحيح ، اذ لم يثبت في الشرع أن بلع
البصاق من المفطرات التي يبطل الصوم بها .
5. ومن الأخطاء عدم تبييت النية لصيام الفرض من الليل أو قبل طلوع الفجر ،
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من لم يبيت الصيام
من الليل فلا صيام له ) ، وفي رواية : ( من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا
صيام له ) والمشروع من ذلك أن يبيت النية في نفسه من غير تلفظ بها .
6. ومن الأخطاء تعمد الأكل والشرب مع آذان الصبح أو بعده ، والذي ينبغي
على المسلم أن يحتاط لصومه ، فيمسك بمجرد أن يسمع الأذان .
7. من الأخطاء أيضا تخصيص هذا الشهر بالطاعة والاستقامة دون غيره ،
فما أن ينقضي الشهر حتى يعود بعض الناس الى ما كانوا قد اعتادوه من
المعصية والمخالفات ، وهو خطأ عظيم يدل على عدم ادراكهم لحقيقة شهر
رمضان ، وضعف تأثيره في نفوسهم ، فان رب الشهور واحد ، والله جل وعلا
حذر من معصيته ومخالفة أوامره ونواهيه في كل وقت ، ولا يزال المرء يتقلب
في منازل العبودية ومدارجها حتى يأتيه اليقين من ربه .
8. ومن الأخطاء اتخاذ هذا الشهر فرصة للنوم والكسل في النهار وما يترتب
عليه من اضاعة الصلوات أو تأخيرها عن وقتها ، والسهر في الليل على ما
يسخط الله ويغضبه من لهو ولعب ومشاهدة القنوات ، فتضيع بذلك على الانسان
أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل .
9. ومن الأخطاء تحرج بعض الصائمين من أن يصبح جنبا وهو صائم ، وقد
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم .
10. ومن أخطاء بعض الصائمين سوء الخلق وسرعة الغضب والطيش في
نهار رمضان بسبب الجوع وخلاء البطن ، مع أن المفترض أن يهذب الصوم
أخلاقه ، ويضبط مشاعره وانفعالاته متمثلا قول المصطفى - صلى الله عليه و
سلم - : ( الصوم جنة ، فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فان
سابه أحد أو شاتمه فليقل: اني صائم ) .
11. ومنها ما يلاحظ في أول الشهر من كثرة المصلين والمقبلين على العبادة
والقراءة ، ثم لا يلبث أن يتسلل الفتور اليهم فيخبو هذا الحماس في آخر الشهر
الذي يفترض أن يضاعف فيه الجهد لما للعشر الأواخر من مزية على غيرها ،
و قد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأواخر شد المئزر وأحيا
الليل وأيقظ أهله .
لا تنسونا من صالح دعائكم ...
هــمــ الحنين ــس