ثبت من الدراسات النقدية للشعر الجاهلي،وخاصة المعلقات،أن
للشعراء خطة واحدة في مسيرة القصيدة يطلق عليها عمود الشعر وتبدأ هذه
الخطة- غالبا- بالوقوف على الأطلال،ثم الغزل وبكاء الأحبة الراحلين..ثم
الغرض(وصف،فخر،مدح.. وغيرها من الأغراض الشعرية).وفي عصور متأخرة استعمل
أهل الأدب مصطلح(الشعر العمودي) ليعبروا به عن الطريقة
الشكلية(العروضية)التي انتهجتها القصيدة العربية خلال التاريخ وأساسها
البيت الواحد ذو الشطرين المتساويين والمنتهي بقافية.كقول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
1/الشعر العمودي:
فالشعر العمودي هو الشعر الذي أثر عن القدامى في
صورته المعروفة والمتمثلة في قصيدة طويلة أو قصيرة ذات الابيات السبعة فما
فوق، وكل بيت يتكون من شطرين مع قافية موحدة ووزن واحد من البداية إلى
النهاية.وتمتازب:
1- اعتماد البيت ذي الشطرين المتساويين.
2- اعتماد القافية ذات الروي الواحد من البداية إلى النهاية.
3- اعتماد الوزن الواحد في القصيدة الواحدة ذات التفعيلات المتعددة أو
الرتيبة.
4- بين أبيات القصيدة الخليلية تفكك-غالبا- لاعتمادها على وحدة البيت.
5- ألفاظها وتراكيبها قوية جزلة.
6- عادة ما تبدأ القصيدة بتصريع.
7- تتعدد مواضيعها، كأن تضم القصيدة الواحدة أكثر من غرض كما هو الحال في
المعلقات.
8- مواضيعها متأثرة بثقافة الماضي العربي الإسلامي.
9- تتسم بالوضوح وقلة العمق.
شعر التفعيلة:
وفي عصرنا الحديث صار مصطلح( الشعر العمودي) مقابلا لكل نمط شعري جديد ،
سواء أكان يبقي جزئيا على الوزن أو يلغيهما تماما.
ففي أواخر الأربعينيات من القرن العشرين ، ظهرلون جديد من الشعر يعتمد
السطر بدل البيت ، وأساسه التفعيلة المتكررة، وقد أطلقت عليه تسميات عديدة
أقربها إلى الدقة(شعر التفعيلة) والسبب في ذلك أنه شعر حديث يقوم على وحدة
التفعيلة من غير التقيد بعدد ثابت من هذه التفعيلات في السطر الواحد، مع
ارتباط كل سطر بما يسبقه ويلحقه ارتباطا عضويا، وعدم الالتزام بالقافية
التزاما صارما. ومن رواده، نازك الملائكة والسياب العراقيان
.أما خصائصه فهي:
1- اعتماد القصيدة ذات الأسطر المتفاوتة الطول والقصر تبعا للدفقة
الشعورية.
2- لا يلتزم قافية واحدة ، بل يعتمد التنويع فيها حسب الحالة الشعورية.
3- لا يعتمد على وزن واحد في القصيدة الواحدة ذات المقاطع الكثيرة.
4- أسطر شعر التفعيلة ذات تلاحم فيما بينها لاعتماد نصه على وحدة الموضوع
ذي الفكرة المتنامية.
5- ألفاظه وتراكيبه تتسم بالبساطة والسهولة في اللفظ والعبارة.
6- متفتح على ثقافة الماضي والحاضر وثقافة الغرب ومساير لروح العصر.
7- يتسم بالغموض والعمق واستعمال الرمز.
وحين ندقق النظر في الركائز الأساسية لشعر التفعيلة ندرك أن هذا النوع من
الشعر يرتكز على عناصر وسطية ، فلا هو متطرف بالتمسك الحديدي بقالب الشعر
العمودي ، ولا هو متحلل أو متحرر منه مطلقا ، لأنه يتوفر على الموسيقى عن
طريق اعتماد التفعيلة، ويحافظ على القافية في معظم سطور القصيدة. فشعر
التفعيلة تطور طبيعي للشعر العربي عبر مراحل التاريخ